أعلنت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، في بيان لها، دعمها للجهود التي تبذلها المملكة المغربية من أجل التوصل إلى حل سلمي ومستدام لقضية الصحراء، في إطار قرارات مجلس الأمن الدولي. وأكدت سيول، في السياق ذاته، ترحيبها بمقترح الحكم الذاتي المغربي الذي قُدم سنة 2007، معتبرة إياه مبادرة جادة وذات مصداقية لدفع المسار الأممي نحو تسوية نهائية.
وشددت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية على أهمية الحوار البنّاء بين الأطراف المعنية، تحت إشراف الأمم المتحدة، معربة عن أملها في التوصل إلى حل توافقي سريع. كما أوضحت أنها تأخذ بعين الاعتبار تطورات الملف، وتدرك مركزية القضية ضمن رؤية المغرب لشراكاته الدولية، خصوصا في ظل التزام الرباط الواضح بالسلام والاستقرار والاحترام المتبادل في علاقاتها الثنائية.
تحول استراتيجي
اعتبر الباحث في الدراسات السياسية والدولية بوسلهام عيسات أن بيان سفارة كوريا الجنوبية يشكل تحولا نوعيا في موقف سيول من قضية الصحراء المغربية، حيث لم تكتف بالإشادة بجهود الأمم المتحدة، بل عبّرت صراحة عن ترحيبها بمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وجاد، ما يضعها ضمن أكثر من 113 دولة تدعم الطرح المغربي وتعتبره أساسا متينا لإنهاء النزاع المفتعل.
وأشار عيسات، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن هذا الموقف يعكس وعي كوريا الجنوبية بالتحولات الجيو-سياسية في الفضاء الآسيوي والإفريقي، وحرصها على الاصطفاف إلى جانب الدول الداعمة للوحدة الترابية للمغرب، تفاديا لتفويت فرص التعاون والشراكة الاستراتيجية، خاصة مع توسع المغرب الاقتصادي في الأقاليم الجنوبية وانفتاحه على المحيط الأطلسي كمنصة للربط بين إفريقيا وآسيا.
وأكد المتحدث ذاته أن البيان تضمّن، في جزئه الأخير، إشارة واضحة إلى رغبة كوريا الجنوبية في تعميق علاقاتها مع المملكة المغربية وأشاد بتقدمها كدولة رائدة على المستوى الإفريقي وأبرز إرادتها في توسيع التعاون الثنائي ضمن إطار الاحترام المتبادل والقيم المشتركة؛ وهو ما يُعد، حسب عيسات، مؤشرا إضافيا على إدراك سيول لمركزية قضية الصحراء في تقييم الرباط لمتانة شراكاتها الدولية.
تحالف متقدم
أوضحت سناء القاسمي، رئيسة شعبة العلوم السياسية والقانونية بالجامعة الأورومتوسطية بفاس، أن انضمام كوريا الجنوبية إلى قائمة الداعمين لمبادرة الحكم الذاتي يعكس تحوّلا لافتا في التوازنات الدبلوماسية الدولية، حيث بدأت قوى آسيوية كبرى تنظر إلى المغرب كشريك استراتيجي يجمع بين الاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي، وهو ما يجعل دعم وحدته الترابية انسجاما مع رؤيتها لمصالحها في المنطقة.
وأضافت القاسمي، في تصريحها لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا التحول يعكس أيضا تصاعد دور المغرب كفاعل محوري في الربط بين إفريقيا وآسيا، سواء من خلال شراكاته المتعددة أو عبر تموقعه الجيو-سياسي الذي يجعله بوابة للولوج إلى الأسواق الإفريقية. واعتبرت أن قراءة سيول لرسائل المغرب الدبلوماسية، خاصة ما تضمنه خطاب الملك محمد السادس بشأن الصحراء كـ”نظارة تُرى بها الشراكات”، تبرهن على وعي متزايد لدى النخب السياسية الآسيوية بمحددات السياسة الخارجية المغربية الجديدة.
وشدّدت القاسمي على أن بيان سفارة كوريا الجنوبية ليس مجرد تعبير مجاملاتي، بل يحمل في طياته دلالات سياسية قوية، خصوصا أنه يأتي بعد تغييب “البوليساريو” عن القمة الكورية الإفريقية في سيول سنة 2024، وهو ما يُفسَّر كإعادة تموضع واعٍ إزاء قضية الصحراء، وتأكيد على رغبة سيول في توطيد علاقتها مع الرباط ضمن منظور براغماتي طويل الأمد يأخذ بعين الاعتبار الثوابت المغربية.
