كشف باحثون أميركيون النقاب عن تقنية جديدة من بطاريات أيون الصوديوم تتمتع بكثافة طاقة عالية وعمر تشغيلي أطول، مقارنة بنظيراتها من بطاريات الليثيوم أيون، وفق متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتعتمد التقنية على مواد ذات أشكال فريدة -المخاريط الأقراص- مصنوعة من الكربون، وذات بنية من الغرافيت، قادرة على تخزين أيونات الصوديوم بكفاءة وفاعلية.
ويُعد الصوديوم عنصرًا أكثر توافرًا وفاعلية من حيث التكلفة، مقارنة بالليثيوم؛ ما يمنح التقنية الجديدة القدرة على إعادة تشكيل عالم السيارات الكهربائية التي يُعوّل عليها كثيرًا في جهود الحياد الكربوني.
وتُسهم بطاريات أيون الصوديوم بمواجهة التحديات البيئية العالمية عبر خفض الاعتماد على عمليات التعدين كثيفة الاستعمال للموارد.
ومع التحول من الليثيوم إلى الصوديوم، يُمكن للمُصنّعين تجنّب استخراج معادن محدودة ومكلفة؛ ما يجعل هذا التحوّل متسقًا مع المخاوف المتزايدة بشأن الاستدامة في مجال التقنية.
بديل مثالي
تتسم بطاريات أيون الصوديوم التي كشف عنها الباحثون بانخفاض التكلفة؛ ما يمنحها جاذبية أكبر لأن تكون بديلاً مثاليًا لبطاريات الليثيوم أيون في السيارات الكهربائية، وفق نتائج دراسة منشورة في دورية "أدفانسد فانكشن ماتريال".
ويستعمِل الحل المبتكر مواد كربونية ذات أشكال فريدة -أقراص ومخاريط صغيرة- ببنية مصنوعة من الغرافيت الخالص للتأثير في تقنيات تخزين الكهرباء الإلكتروكيميائية.
ويزعم فريق الباحثين من جامعة رايس الأميركية أن تلك الأشكال غير العادية المُنتَجة بوساطة التحلل الحراري للهيدروكربونات من الممكن أن تساعد على مواجهة التحدي القائم منذ مدة طويلة للأنودات في أبحاث البطارية، وهي كيفية تخزين الكهرباء بعناصر أمثال الصوديوم والبوتاسيوم، التي تُعد أرخص بكثير، وكذلك متاحة بشكل أوسع نطاقًا مقارنةً بالليثيوم.

بدائل جذابة
قال المؤلف المشارك للدراسة بوليكيل أجايان، وأستاذة الهندسة في جامعة رايس، ماري غرينوود أندرسون: "منذ سنوات، ونحن نعلم بأن الصوديوم والبوتاسيوم بديلان جذابان لليثيوم، غير أن التحدي كان دائمًا يتمثل في إيجاد مواد مصنعة من الكربون لتصنيع الأنود، لديها القدرة على تخزين تلك الأيونات الكبيرة بكفاءة وفاعلية".
وقال الباحثون إنه في أثناء الاختبارات المعملية، نجحت المواد التي تأخذ أشكالًا مخروطية وأسطونات في تخزين نحو 230 مللي أمبير/ساعة من الشحنة لكل غرام باستعمال أيونات الصوديوم، وما تزال تحتوي على 151 مللي أمبير/ساعة من الشحنة لكل غرام حتى بعد دورات الشحن السريع.
وفي الوقت نفسه تعمل هذه المواد جيدًا مع بطاريات البوتاسيوم أيون، غير أن أداءها لم يكن بقوى بطاريات الصوديوم نفسها، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومع ذلك تخفق بنية الغرافيت نفسها، عند استعمال الصوديوم أو البوتاسيوم؛ إذ إن ذرات هاتَيْن المادتَيْن كبيرة جدًا، وتفاعلاتها معقدة للغاية؛ بحيث لا يمكن الدخول والخروج من طبقات الغرافيت المتراصة بإحكام.
وكشف الباحثون عن أن البنية التي تأخذ شكل مخاريط وأقراص توفر انحناء وتباعدًا يرحب بأيونات الصوديوم والبوتاسيوم دون الحاجة إلى التنشيط الكيميائي (عملية إضافة كميات صغيرة من الذرات أو الجزيئات المحددة عمدًا لتغيير خصائصها) أو أي تعديلات اصطناعية أخرى.

التداخل العكسي لأيونات الصوديوم
قال المؤلف الأول والباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مختبر أجايان، أتين برامانيك: "تفاجأنا من رؤية الأداء الجيد الذي تؤديه الهياكل الغرافيتية المنحنية النقية".
وأضاف برامانيك: "حتى دون الذرات غير المتجانسة، فإن الهياكل المذكورة تسمح بالتداخل العكسي لأيونات الصوديوم، وقد فعلت ذلك بالحد الأدنى من الإجهاد الهيكلي".
وتابع: "نعتقد أن هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لتصميم جديد لأنودات البطاريات؛ وبدلاً من تغيير الكيمياء، فإننا نغيّر الشكل، وهذا مثير للاهتمام كذلك"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأكد الباحثون أن تأثيرات تلك التقنية واسعة النطاق، زاعمين أن تلك التقنية لا تمهد الطريق أمام ظهور بطاريات أيون الصوديوم بأسعار ميسورة فحسب، بل إنها تقلل الاعتماد كذلك على الليثيوم الذي أصبح أعلى تكلفة، واستخراجه يزداد تعقيدًا من الناحية الجيوسياسية.
ونظرًا إلى أن الكربون الذي يأخذ شكل مخاريط وأقراص يمكن إنتاجه اصطناعيًا من المنتجات الثانوية لصناعة النفط والغاز، فإنه يقدم مسارًا أكثر استدامة لإنتاج أنود البطاريات.
وقال المؤلف الأول والباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في مختبر أجايان، أتين برامانيك: "إننا لا تطور مادة أفضل تُستعمَل في تصنيع البطاريات فحسب، وإنما نقدم نهجًا حقيقيًا لتخزين كهرباء، أكثر نظافة ورخيص التكلفة ومتاحًا على نطاق واسع للجميع".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..