نجح باحثون في تطوير ألواح شمسية تُعرف بأنها "ورقة شجرة اصطناعية"، قادرة على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود سائل ومواد كيميائية قيّمة أخرى باستعمال ضوء الشمس وحده.
ووفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، اقترب فريق الخبراء من مختبر لورانس بيركلي الوطني التابع لوزارة الطاقة (مختبر بيركلي) وشركاؤهم الدوليون، خطوةً جديدة نحو محاكاة الإنتاجية المذهلة لعملية التمثيل الضوئي الطبيعي، مع إمكان تطبيقها على نطاق صناعي.
وطوّر الفريق نظامًا قائمًا بذاته يلتقط ضوء الشمس ويحوّل ثاني أكسيد الكربون إلى جزيئات كربون-كربون، باستعمال القوة التحفيزية للنحاس إلى جانب البيروفسكايت، وهو معدن أكسيد التيتانيوم والكالسيوم المستعمل على نطاق واسع في الألواح الشمسية.
وتُعدّ جزيئات الكربون هذه -وهي مادة كيميائية غير عضوية غازية خضراء تُعرف أيضًا باسم الكربون ثنائي الذرة- لَبِنات بناء أساسية لمختلف الصناعات، بما في ذلك إنتاج الوقود والبلاستيك.
ألواح شمسية تحوّل الكربون إلى وقود
واستهدف تقرير مهم أوصت به الحكومتان الإسكتلندية والبريطانية، ويُعرَف بـ"بروجيكت ويلو" (Project Willow)، رسم مستقبل للموقع في ظل الطاقة منخفضة الكربون.
ويعتمد المشروع على خبرة أكثر من 100 عالم من مؤسسات مرموقة، بما في ذلك مركز المعجل الخطي ستانفورد (SLAC)، والمختبر الوطني للطاقة المتجددة، وجامعتي كاليفورنيا في إيرفين، وسان دييغو، وجامعة أوريغون.
ولتحقيق مهمته، يهدف تحالف ضوء الشمس السائل إلى تطوير تقنيات تُحوّل ضوء الشمس، وثاني أكسيد الكربون، والماء إلى وقود، بحسب ما جاء في البيان الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال الدكتور بيدونغ يانغ -وهو باحث بارز في قسم علوم المواد بمختبر بيركلي، وأستاذ الكيمياء وعلوم وهندسة المواد في جامعة كاليفورنيا في بيركلي-: "كانت الطبيعة مصدر إلهامنا".
وأضاف: "كان علينا العمل على المكونات الفردية أولًا.. ولكن عندما جمعنا كل شيء معًا، وأدركنا نجاحه، كانت لحظةً مثيرةً للغاية".
يُذكر أن التجارب السابقة في تكرار عملية التمثيل الضوئي كانت باستعمال مواد بيولوجية، لكن هذا العمل تضمَّن مادة غير عضوية، وهي النحاس.
ورغم أن انتقائية النحاس أقل من البدائل البيولوجية، فإن إضافة النحاس تُمثّل خيارًا أكثر متانة واستقرارًا وديمومةً لتصميم نظام الأوراق الاصطناعية.
محاكاة التمثيل الضوئي
وفق المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، تتبَّع يانغ وفريقه العمليات الطبيعية في ورقة نبات لبناء جهاز بحجم طابع بريدي يُحاكي طريقة جمع النباتات الخضراء للطاقة من الشمس.
ومع ذلك، استعمل العلماء هاليد الرصاص الماص للضوء "بيروفسكايت" لالتقاط ضوء الشمس، بدلًا من الكلوروفيل، وهو مركّب طبيعي موجود في النباتات الخضراء يُعطيها لونها، ويؤدي دورًا رئيسًا في عملية التمثيل الضوئي.
وقُرِنَت هذه المواد بمحفزات كهربائية نحاسية دقيقة الهندسة -مصممة لتشبه الزهور الصغيرة- لتحفيز التفاعلات الكيميائية.
ويُقال، إن هذه المحفزات الكهربائية مستوحاة من الإنزيمات التي تُنظّم عملية التمثيل الضوئي في الطبيعة.
وأوضح يانغ كيف يجب تكرار كل مكوّن من عناصر التمثيل الضوئي في الورقة وتنقيحها بعناية.
اختبار أوراق اصطناعية
في أثناء الاختبار، أظهر مُحاكٍ شمسي يُحاكي ضوء الشمس المستمر أن النظام يُمكنه تحويل ثاني أكسيد الكربون بكفاءة إلى جزيئات كربون-كربون (C2)، وهي ركائز أساسية لمجموعة واسعة من الصناعات.
وبناءً على التطورات السابقة، نجح العلماء في تحفيز تفاعل أكسدة عضوي في غرفة الأنود الضوئي مع إنتاج جزيئات كربون-كربون في غرفة الكاثود الضوئي.
ونتج عن هذا الإنجاز بنية واقعية من أوراق اصطناعية، مُكثّفة في جهاز بحجم طابع بريدي تقريبًا، يُحوّل ثاني أكسيد الكربون إلى جزيئات كربون-كربون باستعمال ضوء الشمس فقط.
وأشار الفريق إلى أن قدرة الورقة الاصطناعية على إنتاج مواد الكربون ثنائي الذرة الكيميائية قد تُؤدي قريبًا إلى مكونات أولية للصناعات التي تُصنّع منتجات أساسية، من البوليمرات البلاستيكية إلى وقود وسائل النقل الثقيلة مثل الطائرات، التي ما يزال من الصعب تحويلها إلى الكهرباء.
ويأمل يانغ وفريقه في تحسين كفاءة النظام وتوسيع حجم الجهاز، والاقتراب من توسيع نطاق التقنية للاستعمال العملي، وفق ما أكدته منصة "إنترستينغ إنجينيرينغ" (Interesting Engineering).
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- ابتكار ألواح شمسية تحول ثاني أكسيد الكربون إلى وقود من الموقع الرسمي لمختبر بيركلي
- معلومات إضافية عن الابتكار الجديد من منصة "إنترستينغ إنجينيرينغ"
