في عالم يسوده التوتر التجاري، تتخذ صناعة بطاريات تخزين الكهرباء خطوة إستراتيجية مهمة؛ إذ تتسارع الشركات الكبرى لتعزيز قدراتها خارج الصين.
فقد أظهر تقرير حديث؛ اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن هناك إعادة هيكلة لسلاسل توريد بطاريات الليثيوم العالمية مع تصاعد الحواجز التجارية بين أميركا والصين.
ورغم الاعتماد الأميركي على الصين في تلبية 90% من احتياجاتها؛ فإن الرسوم الجمركية المتزايدة على أنظمة التخزين الصينية تدفع الشركات إلى التوسع في أسواق جديدة، لتعزيز القدرات وبناء شبكات توريد أكثر مرونة.
وبدأت الشركات توجيه استثماراتها نحو مناطق جديدة مثل إندونيسيا والمغرب؛ حيث توفر هذه الدول مزايا تنافسية متمثلة في تكاليف منخفضة للعمالة والمواد الخام، بالإضافة إلى سياسات تجارية محفزة.
نمو قدرة بطاريات تخزين الكهرباء
بحلول الربع الأول من عام 2025، تجاوزت قدرة بطاريات تخزين الكهرباء العالمية خارج الصين حاجز 102 غيغاواط/ساعة، بما في ذلك بعض بطاريات السيارات الكهربائية، منها 52 غيغاواط/ساعة مخصصة لأنظمة التخزين، بحسب التقرير الصادر عن شركة الأبحاث "إنفولينك كونسالتنغ".
وتتوزع هذه السعة إقليميًا عبر مناطق متعددة، مثل جنوب شرق آسيا وأميركا الشمالية وجنوب أوروبا وشرق آسيا وشرق أوروبا.
وتتصدر جنوب شرق آسيا بحصة 40% من السعة المخطط لها، مدفوعة بشركات كبرى، مثل "إي في إي إنرجي" في ماليزيا، و"إل جي إنرجي سوليوشن" وهي مشروع مشترك في إندونيسيا، و"آر إي بي تي" في إندونيسيا.
وتحتل أميركا الشمالية المرتبة الثانية بوجود لاعبين كبار مثل "إل جي إنرجي سوليوشن" و"إنفيجن" و"غوشن هاي تك"، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وفي ظل تصاعد الحواجز التجارية الأميركية وتعقيدات قواعد المنشأ، برزت إندونيسيا والمغرب وجهتين رئيستين لتوسعات صناعات بطاريات التخزين في السنوات الأخيرة؛ إذ تتمتع كلتا الدولتين بمزايا كبيرة تؤهلهما لهذه المكانة، أبرزها:
- الموارد البشرية؛ إذ توفر كلتاهما عمالة منخفضة التكلفة.
- المواد الخام؛ فإندونيسيا تملك احتياطيات ضخمة من النيكل؛ ما يجعلها محط أنظار شركات بطاريات الليثيوم، فضلًا عن تعزيز سلاسل توريد بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم، في حين يطور المغرب بيئة إنتاج موجهة نحو بطاريات بطارية فوسفات الحديد والليثيوم بفضل احتياطياته الوفيرة من الفوسفات.
- سياسات التجارة والرسوم الجمركية؛ حيث تتمتع إندونيسيا برسوم جمركية أقل مقارنة بفيتنام وتايلاند، في حين يستفيد المغرب من اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا.

الاستثمار خارج حدود الصين
في ظل التطورات الحاصلة، تأخذ الشركات الكبرى خطوات لتعزيز قدرة بطاريات تخزين الكهرباء خارج حدود الصين.
ومن أبرز اللاعبين شركة "إل جي إنرجي سوليوشن"، التي تتبنى إستراتيجية توسعية طموحة عبر بناء أكثر من 10 غيغاواط/ساعة من القدرة المخطط لها، وبدأ هذا التحول منذ عام 2024؛ حيث تتسارع خطط التوسع في إندونيسيا والولايات المتحدة وبولندا.
وحاليًا، فإن معظم المشروعات الجديدة خارج الصين تمر بمرحلة البناء والتركيب؛ ما يشير إلى زيادة ملحوظة في قدرة بطاريات التخزين غير الصينية التي من المتوقع أن تتجاوز 50 غيغاواط/ساعة سنويًا بحلول عام 2027، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
هذه الزيادة تأتي خلال وقت تتجه فيه الشركات إلى خفض التكاليف والحد من المخاطر عبر إستراتيجيات محددة، منها:
- تحويل مصانع بطاريات السيارات الكهربائية القائمة إلى خطوط إنتاج بطاريات التخزين، ويسهم ذلك في تقليل زمن البناء وتكاليف الاستثمار.
- الاستثمار الثابت مع توسع مبدئي؛ حيث تتبنى الشركات نهجًا حذرًا من خلال تطوير مشروعات صغيرة بقدرة لا تتجاوز 10 غيغاواط.
- التوسع الحذر في السوق الأميركية، وذلك بسبب عدم استقرار السياسات وارتفاع التكاليف وضعف الإمدادات الأولية في أميركا الشمالية؛ حيث تفضل الشركات بناء مصانع في مناطق ذات تكاليف أقل، قبل تزويد السوق الأميركية للحد من المخاطر.

إضافة إلى ذلك، يمكن للقطاع الاستفادة من تجارب صناعة الألواح الشمسية، في التوسع خارج الصين، مع مراعاة المخاطر المرتبطة بالتحولات الجيوسياسية والسياسات التجارية.
وأشار التقرير إلى ضرورة تبني نهج "ثابت ومرن ومحدود" عبر التركيز على بناء شبكات إنتاج مرنة وقابلة للتكيف مع احتياجات السوق والسياسات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..