بالتزامن مع معاقبة المحاسب المتهم صبري كامل بهتك عرض الطالب ياسين، في مدرسة خاصة بمحافظة البحيرة بالسجن المؤبد اليوم الأربعاء أصدرت محكمة بريطانية حكمًا تاريخيًا بحق ريتشارد بوروز، مدير دار رعاية هارب منذ 27 عامًا، بينما المصادفة الأخرى أن كلاهما الرجلين تخطى الثمانين من العمر.
قضت المحكمة بسجن ريتشارد بوروز 46 عامًا بعد إدانته بـ97 جريمة تحرش جنسي بأطفال. تُعد هذه القضية واحدة من أبشع جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال في المملكة المتحدة، حيث استغل بوروز سلطته ونفوذه لاستهداف ضحاياه من الفتيان الضعفاء تحت رعايته.
الهروب إلى "الجنة" بهوية مزورة
هرب بوروز عشية محاكمته عام 1997 إلى تايلاند بعد أن انتحل هوية رجل يُدعى "بيتر ليزلي سميث"، وهو معروف له كان على فراش الموت، وباستخدام جواز سفر مزور، عاش بوروز حياة هادئة في تايلاند لعقود، مستمتعًا بحريته بينما كان ضحاياه يعانون من آثار صدماتهم. لكن الأقدار كانت أقوى منه، فبعد أن نفدت أمواله، حاول العودة إلى المملكة المتحدة في مارس 2023، ليفاجأ باعتقاله في مطار هيثرو وهو في سن الثمانين.
جرائم ممنهجة ضد الأطفال الضعفاء
كشفت التحقيقات أن بوروز ارتكب جرائمه بين عامي 1968 و1995، مستغلًا منصبه كمدير لدار رعاية لاستهداف 26 فتىً تتراوح أعمارهم بين 8 و10 سنوات. وكان هؤلاء الضحايا من الفتيان الذين يعانون من مشاكل أسرية أو اجتماعية، مما جعلهم فريسة سهلة لشخص مثل بوروز، الذي استخدم غرفة العلية في منزله لتنفيذ بعض جرائمه.
واعترف بوروز بـ43 جريمة، بينما أنكر 54 أخرى، لكن هيئة المحلفين في محكمة "تشيستر كراون" أدانته بجميع التهم، بما في ذلك: الاعتداء غير اللائق على القُصَّر، و التقاط صور غير لائقة للأطفال، و تزوير وثائق الهوية للهروب من العدالة.
تكرار جرائم التحرش في دور الرعاية
قضية بوروز ليست الأولى ، بل هي جزء من سلسلة فضائح تتعلق باستغلال الأطفال في دور الرعاية. ففي عام 2013، كشفت فضيحة "روتشدايل" في بريطانيا عن شبكة من المجرمين الذين استغلوا الفتيات في دور الرعاية، مما أثار غضبًا شعبيًا أدى إلى تغييرات قانونية.
وفي الولايات المتحدة، وقعت فضيحة مماثلة عام 2011 عندما أدين جيري ساندوسكي، مساعد مدرب كرة قدم في جامعة "بين ستيت"، بـ45 تهمة تحرش جنسي بأطفال من دار رعاية كان يديرها. هذه الحوادث تؤكد أن المؤسسات التي من المفترض أن تكون "ملاذًا آمنًا" للأطفال تتحول أحيانًا إلى أماكن للخطر عندما يسيء القائمون عليها استخدام سلطتهم.
التأثير النفسي والاجتماعي على الضحايا
التحرش الجنسي بالأطفال لا يترك أثرًا جسديًا فحسب، بل يدمر الصحة النفسية للضحايا لسنوات طويلة. تشير الدراسات إلى أن الناجين من الاعتداءات الجنسية في الطفولة غالبًا ما يعانون من: الاكتئاب والقلق المزمن، وصعوبة في الثقة بالآخرين أو تكوين علاقات صحية.، واحتمالية أكبر للإدمان على المخدرات أو الكحول.
أما بعض الضحايا قد يصبحون بدورهم معتدين إذا لم يتلقوا العلاج المناسب، مما يخلق حلقة مفرغة من الأذى. لذلك، فإن العدالة في مثل هذه القضايا ليست فقط عقابًا للمجرم، بل أيضًا اعترافًا بمعاناة الضحايا ومحاولة لمساعدتهم على التعافي.
هل 46 عامًا سجنًا كافية؟
رغم أن الحكم يُعد قاسيًا نظرًا لعمر بوروز (81 عامًا)، إلا أن الكثيرين يعتبرونه غير كافٍ مقارنة بفظاعة الجرائم. فبوروز لم يُسجن فقط بسبب الاعتداءات، بل لأنه هرب من العدالة لعقود، مستخدمًا هوية مزورة ليعيش في راحة بينما كان ضحاياءه يعيشون في كابوس دائم.
ختامًا، تظل قضية بوروز تذكيرًا صارخًا بضرورة تشديد الرقابة على دور الرعاية ووضع آليات حماية أقوى للأطفال، خاصةً أولئك الذين يعانون من ظروف صعبة. فالأطفال الضعفاء ليسوا مجرد أرقام في ملفات قضائية، بل أرواح تحتاج إلى الحماية قبل فوات الأوان