في خطوة منتظرة تندرج ضمن جولات الحوار الاجتماعي، وجهت الحكومة دعوة رسمية إلى المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، من أجل استئناف جلسات الحوار خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث سيكون على رأس جدول الأعمال ملف إصلاح أنظمة التقاعد، الذي يُعتبر من بين أعقد الملفات الاجتماعية والاقتصادية المطروحة حالياً.
ووفق ما أفادت به مصادر مطلعة لجريدة “الأخبار”، فإن وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، ستقدم خلال هذه اللقاءات تصور الحكومة الشامل لإصلاح منظومة التقاعد، في محاولة لإنقاذها من الانهيار المالي المرتقب، خاصة فيما يتعلق بالصندوق المغربي للتقاعد.
وكشفت المصادر ذاتها أن الحكومة أعدّت بالفعل “وصفة متكاملة” لمعالجة الاختلالات العميقة التي يعاني منها النظام، وهي بصدد عرضها على الفرقاء الاجتماعيين لإبداء ملاحظاتهم ومواقفهم، قبل تحويل هذا التصور إلى مشروع قانون سيعرض على أنظار البرلمان خلال الدورة الربيعية التي ستُفتتح يوم الجمعة المقبل.
وتقترح الحكومة، بحسب نفس المصادر، مجموعة من الإجراءات التي وُصفت بـ”غير الشعبية” لكنها ضرورية لتأمين استمرارية نظام التقاعد، من أبرزها: الرفع التدريجي من سن الإحالة على التقاعد، الزيادة في نسبة الاقتطاعات من أجور الموظفين، وتخفيض المعاشات، وهي خطوات تهدف إلى ضخ موارد مالية جديدة في الصندوق المغربي للتقاعد، الذي دخل فعلياً في عجز تقني منذ سنوات.
ويُتوقع أن تثير هذه المقترحات جدلاً واسعاً داخل الأوساط النقابية، خاصة وأن الصندوق المغربي للتقاعد مهدد بنفاد احتياطاته المالية بحلول سنة 2028، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات إصلاحية عاجلة.
وتُعد هذه الجولة من الحوار الاجتماعي بمثابة اختبار حقيقي لقدرة الحكومة والنقابات على التوصل إلى توافقات حول ملف حساس يهم مئات الآلاف من الموظفين والمتقاعدين، في ظل سياق اجتماعي واقتصادي متقلب.