تتألق مصر اليوم كنجم صاعد في سماء الاقتصاد العالمي، حيث تقود ثورة صناعية تحول التحديات إلى فرص ذهبية، وفي قلب هذا التحول، تبرز الصناعات الدوائية كقوة دافعة للنمو الاقتصادي، مدعومة برؤية طموحة، استثمارات ضخمة، وإرادة وطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والريادة العالمية.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض كيف أصبح قطاع الأدوية ليس فقط ركيزة للأمن الصحي، بل محركًا استراتيجيًا للتنمية المستدامة، يعزز الصادرات، يخلق فرص العمل، ويرسم ملامح مستقبل اقتصادي مزدهر.
قطاع الصناعات الدوائية
وشهد قطاع الصناعات الدوائية في مصر نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، مما يعكس التزام الحكومة بتعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، وارتفع عدد المصانع الدوائية من 130 في عام 2015 إلى 170، بزيادة قدرها 30.8%. ك
ما زاد عدد خطوط الإنتاج من 500 إلى 700، بزيادة 40%، حسص تحسن ترتيب مصر في الإنتاج الدوائي العالمي من المركز 47 في 2015 إلى المركز 29، مما يعكس تحولًا نحو الصناعات المعقدة.
وكانت أعلنت الهيئة الدوائية المصرية (EDA) عن زيادة أسعار 1600 منتج دوائي بنسبة 25-30% لمواجهة التحديات الاقتصادية، مع تخصيص قروض مدعومة بقيمة 7 مليارات جنيه (144 مليون دولار) للشركات الدوائية لدعم الإنتاج المحلي وضمان استقرار السوق.
وهذه الجهود أدت إلى تقليل عدد الأدوية غير المتوفرة من 1000 في مايو 2024 إلى حوالي 500 في سبتمبر 2024.
وشركات مثل شركة الأدوية العربية (ADCO) وممفيس للصناعات الدوائية سجلت أداءً ماليًا قويًا.
وسجلت ADCO مبيعات بقيمة 777 مليون جنيه وأرباحًا بقيمة 103 مليون جنيه بين يوليو 2024 وفبراير 2025، بزيادة 39% مقارنة بالعام السابق.
كما شهدت ممفيس ارتفاعًا في الأرباح بنسبة 223% وزيادة في الإيرادات بنسبة 83% خلال النصف الأول من السنة المالية 2024-2025.
السوق الأكبر في إفريقيا
ويعد قطاع الأدوية أحد القطاعات الصناعية الحيوية في مصر، حيث يقدر حجم سوق الأدوية بحوالي 1.5-2 مليار دولار في 2024، مما يجعله من أكبر الأسواق في إفريقيا.
ويساهم القطاع في توفير فرص عمل، تعزيز الأمن الصحي، وتقليل الاعتماد على الواردات، التي تشكل 90% من المواد الخام، في حين يتوقع أن ينمو السوق بنسبة 5.84% سنويًا من 2024 إلى 2029، ليصل إلى 2.045 مليار دولار بحلول 2029.
وتوسعت الصادرات الدوائية إلى دول مثل السودان، العراق، اليمن، الإمارات، ليبيا، السنغال، نيجيريا، مالي، وزيمبابوي، مما يعزز دور مصر كلاعب رئيسي في الأسواق الإفريقية والعربية.
كما يدعم القطاع تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال توفير أدوية بأسعار معقولة وجودة عالية.
الدعم الحكومي والاستثماري
وتلعب الهيئة الدوائية المصرية دورًا حاسمًا في دعم البنية التحتية وتحسين البيئة التنظيمية لجذب الاستثمارات.
واستثمرت ADCO، على سبيل المثال، أكثر من 600 مليون جنيه في تحديث مرافقها، مما عزز قدرتها التنافسية، في حين تدعم الحكومة أيضًا البحث والتطوير وتوفر حوافز للإنتاج المحلي، مما يقلل من الاعتماد على الأدوية المستوردة ويعزز الابتكار.
القطاع الدوائي والاقتصاد العام
ويعد قطاع الأدوية جزءًا من استراتيجية مصر لتنويع الاقتصاد، حيث يساهم في زيادة التعقيد الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية.
ويكمل هذا القطاع نمو قطاعات أخرى مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات (12.2%)، السياحة (8.2%)، والزراعة (2.65%) في الربع الأول من السنة المالية 2024-2025.
كما شهدت الصناعات الكيميائية، الأسمدة، العطور، ومستحضرات التجميل نموًا إيجابيًا، مما يعزز الاقتصاد المحلي.
وقطاع الجمال ومستحضرات العناية الشخصية، على سبيل المثال، من المتوقع أن يحقق إيرادات بقيمة 7.6 مليار دولار في 2025، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 8.1% بين 2024 و2030.
وهذا النمو، مدفوع بتفضيل المستهلكين للمنتجات المحلية، يعكس اتجاهًا أوسع نحو التصنيع المحلي.
الاستقرار الاقتصادي
وتشير التوقعات إلى تحسن في مؤشرات الاقتصاد المصري في 2025، حيث تتوقع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني انخفاض التضخم إلى 12.5% بحلول منتصف 2025، مقارنة بـ 26% في سبتمبر 2024.
كما ارتفعت احتياطيات العملات الأجنبية بفضل استثمارات مثل مشروع رأس الحكمة، مما ساهم في رفع تصنيف مصر الائتماني إلى "B".
ويتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4% في السنة المالية 2024-2025، مدعومًا بالإصلاحات الهيكلية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
الدعم الدولي
ويواصل صندوق النقد الدولي دعم مصر من خلال برامج مثل تسهيل الصندوق الممدد وتسهيل الاستدامة والصمود، مما يعكس الثقة الدولية في السياسات الاقتصادية المصرية.
كما يدعم البنك الدولي مصر من خلال إطار الشراكة الريفية 2021-2025، مع التركيز على خلق فرص العمل والإدماج.
التوقعات المستقبلية لقطاع الدواء
ويتوقع أن يواصل قطاع الأدوية نموه، مدعومًا بالإصلاحات الحكومية وزيادة الطلب على الأدوية المحلية.
وتمثل مصر فرصة كبيرة للشركات العالمية للاستثمار في الصناعات الدوائية، خاصة مع توجهها نحو تطوير الأدوية المعقدة والمستهدفة، ويمكن أن يصبح القطاع ركيزة أساسية لتحقيق أهداف مصر الاقتصادية، بما في ذلك تعزيز الأمن الصحي وزيادة الصادرات.
على الصعيد الأوسع، تدعم الإصلاحات الهيكلية، مثل تحسين بيئة الأعمال وتعزيز التحول الأخضر، النمو الاقتصادي المستدام، حيث تظهر مصر مرونة اقتصادية، مع توقعات بتسارع النمو بعد مرحلة التكيف الاقتصادي في 2024-2025.
ويظهر قطاع الأدوية في مصر، نموًا ملحوظًا ودعمًا حكوميًا، مما يجعله مثالًا لتحويل التحديات إلى فرص، ويعزز هذا القطاع التنوع الاقتصادي ويساهم في تحقيق الاستقرار والازدهار في مصر، مما يجعلها وجهة جذابة للاستثمارات ومركزًا إقليميًا للصناعات الدوائية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
