
زلزال داخلي تمرّ به الزاوية البودشيشية، أبرز زوايا المملكة التي تعتمد من ضمن ثوابتها الدينية “طريقة الجنيد السالك” في التصوف السني. وفي ظلّ غموض مستمر حول “الالتزام بالوصية” أو الأخذ بالرأي في ترجيح كفّة أحد ابني الشيخ الراحل للزاوية جمال القادري بوتشيش، تناقش جريدة هسبريس الإلكترونية مسألة إمكانية “تجديد الانتقال” في الزاويا الصوفية بشكل عام مع الأكاديمي أحمد الفراك، الأستاذ بكلية أصول الدين المشرف على “موسوعة الفكر الصوفي في المغرب”.
ويقدّر الأكاديمي أحمد الفراك أنه “إن كان من تجديد مرتقب في الزوايا فينبغي أن يطال مجالين، هما: مجال التربية، أي الانتقال من التصوف التبركي إلى التصوف السلوكي، ومجال التدبير، أي الانتقال من الفردانية إلى المؤسساتية”.
وأضاف الأكاديمي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن تدبير شؤون الزوايا يتم وفق المنهجية التقليدية، روحيا وثقافيا. ففي حالة وفاة الشيخ، تدبّر شؤون انتقال المشيخة عن طريق الوراثة، ومن الأسئلة المطروحة في هذا السياق: “على أي أساس تكون الوراثة؟ هل هذه الأمور الروحية والاصطفاء الروحي يتم عن طريق النسبة الدموية؟ هل هو تقليد للوراثة السياسية؟”.
ومع ذكر الفراك أن للزاوية “شأنها الداخلي في كيفية تدبير قيادتها”، إلا أنه يتحدث عن إشكال “اختصار مؤسسة بكاملها في الشيخ والمربي”.
ليقول بعد ذلك : “إذا كان من تجديد ينبغي أن يطال الزاوية ومختلف المؤسسات الدينية، فهو القيادة؛ فزاوية من حجم معتبر (…) تحتاج مؤسسات، وقيادة مؤسساتية، وشورى، ودمقرطة مؤسسة الزاوية؛ لأن تدبير مؤسسة الزاوية فيه شق مالي، وشق بشري، وشق ثقافي، ويصعب أن تستمر الزاوية في تدبير شؤونها بطريقة تقليدية فيها شيخ والباقي كلهم مريدون”.
وفي آخر المطاف، يؤكّد أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، أحمد الفراك، أن هدف “التصوف عموما هو اشتغالٌ بالجانب الروحي والعلمي السلوكي، الذي يربط الناس بالله، ويحسن أخلاقهم، ويقوم سلوكهم، ويعلمهم آداب وأخلاق الإسلام”.