خلصت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا، في تقرير نشرته اليوم الخميس، إلى أن أعمال العنف التي وقعت في منطقة الساحل خلال شهر مارس الماضي كانت “منهجية وواسعة النطاق”، وتضمّنت انتهاكات “قد ترقى إلى جرائم حرب”.
وأسفرت أعمال عنف استهدفت، حينها، الأقلية العلوية خلال ثلاثة أيام عن مقتل أكثر من 1700 شخص، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان.
وقالت لجنة وطنية كلفتها السلطات التحقيق إنها تمكنت من توثيق أسماء 1426 من الضحايا العلويين بينهم 90 امرأة .. وأعلنت، منذ حوالي شهر، أنها تحققت من “انتهاكات جسيمة”.
وأوردت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أن أعمال العنف، التي ارتكبها “أعضاء قوات الحكومة المؤقتة والأفراد الذين يعملون معها أو بجانبها”، اتبعت “نمطا منهجيا في مواقع متعددة وواسعة الانتشار”.
واستنتجت “ارتكاب أفعال قد ترقى إلى جرائم حرب” خلال أعمال العنف، التي شملت “القتل والتعذيب والأفعال اللاإنسانية المتعلقة بمعاملة الموتى، والنهب على نطاق واسع وحرق المنازل”.
وأوضحت اللجنة في الوقت ذاته أنها “لم تجد أي دليل على وجود سياسة أو خطة حكومية لتنفيذ مثل هذه الهجمات”.
وشارك مسلحون موالون للحكم السابق في الانتهاكات، وفق اللجنة.
وشهدت منطقة الساحل، بدءا من 6 مارس وعلى امتداد ثلاثة أيام، أعمال عنف على خلفية طائفية، اتهمت السلطات مسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد بإشعالها عبر شنّ هجمات دامية أودت بالعشرات من عناصرها.
وأرسلت السلطات على إثرها تعزيزات عسكرية إلى المنطقة، شملت مائتي الف مقاتل، وحسب منظمات حقوقية ودولية وشهادات ناجين فقد قضت عائلات بأكملها في أعمال العنف التي عرفت “إعدامات ميدانية”. واقتحم مسلحون منازل وسألوا قاطنيها عما إذا كانوا علويين أو سنّة، قبل قتلهم أو تركهم وشأنهم. وتُركت جثث في الشوارع لأيام، ومُنعت العائلات من دفنها وفقا للطقوس الدينية؛ بينما دفن آخرون في مقابر جماعية دون توثيق سليم.
ووثق المسلحون أنفسهم، عبر مقاطع فيديو، قتلهم أشخاصا بلباس مدني عبر إطلاق الرصاص من مسافة قريبة، بعد إذلالهم وضربهم.
وأشار التقرير، الذي استند إلى أكثر من 200 مقابلة مع ضحايا وشهود إضافة إلى زيارة ثلاثة مواقع لمقابر جماعية ولقاء مجموعة من المسؤولين، إلى “أسباب معقولة للاعتقاد أن أفرادا من فصائل معينة في قوات الأمن التابعة للحكومة المؤقتة”، إضافة إلى “أفراد عاديين شاركوا في الأفعال العدائية قد ارتكبوا أفعالا ترقى إلى انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك أفعال قد ترقى إلى جرائم حرب”.
وقال باولو سيرجيو بينهيرو، رئيس اللجنة سالفة الذكر، إن “حجم ووحشية العنف الموثق في تقريرنا أمر مقلق للغاية”، داعيا “السلطات المؤقتة إلى ملاحقة جميع الجناة، بغض النظر عن انتماءاتهم أو رتبهم”.
وأعربت لجنة التحقيق عن قلقها لاستمرار تلقيها معلومات عن انتهاكات مستمرة “بما في ذلك اختطاف نساء واعتقالات تعسفية”.
وحضّت المفوضة لين ويلشمان السلطات على اتخاذ “إجراءات عاجلة لزيادة حماية” المجتمعات المتضررة، و”فصل الأفراد المشتبه في تورطهم… على الفور من الخدمة الفعلية بانتظار التحقيق”.
وكانت لجنة تقصي حقائق شكلها الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، أعلنت، في 22 يوليوز، في تقرير موجز، أنها حدّدت هوية 298 شخصا يُشتبه بتورطهم في أعمال العنف، في رقم أولي.
ودعا المفوض هاني مجلي السلطات إلى “الإسراع بنشر تقرير اللجنة الكامل، وتنفيذ التوصيات، والالتزام بالمضي قدما بسرعة في إصلاح القضاء من أجل محاكمة جميع المتهمين ضمن إجراءات تتوافق مع حقوق الإنسان”.