حذّرت جمعيات حماية المستهلك من إعلانات مشبوهة تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وتروّج لها بعض صالونات التدليك، معتبرة أن “الصور المرافقة لهذه الإعلانات والطريقة التي تُوجَّه بها بشكل خاص إلى الذكور تحمل إيحاءات تثير الشبهة بشأن طبيعة الخدمات المقدَّمة، لا سيما أن بعض حمّامات المساج تحوّلت حقّا إلى واجهات تُقدَّم من خلالها خدمات ذات طابع جنسي”.
وأمام تحرّك السلطات الأمنية، في أحيان كثيرة، لمداهمة المحلات المشبوهة التي يُشتبه في ممارستها أنشطة غير قانونية تحت غطاء التدليك، دعت الجمعيات ذاتها إلى “تعقّب هذا النوع من المحتوى الإعلاني، الذي يكشف عن طبيعته انطلاقا من أسلوبه الموجَّه”، مشدّدة على “تفعيل آليات التبليغ، للحد من الترويج لمثل هذه الأنشطة المخالفة، التي تُسيء إلى مهنة منظّمة وإلى قيم المجتمع”.
التبليغ ضروري
علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، صرّح بأن “الإعلانات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تلك التي تروّج لصالونات يُفترض أنها مخصصة للتدليك، تُثير شكوكا جدية حول تقديمها لخدمات دعارة مُقنّعة؛ وهو ما يشكّل خطرا مزدوجا على المستهلك وعلى القيم المجتمعية”.
وأضاف شتور، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذه الإعلانات لا تخضع لأية رقابة مسبقة، وتُبثّ بشكل واسع عبر منصات رقمية، مستهدِفة فئات مختلفة من المواطنين”، مسجّلا أن “القانون رقم 31-08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك ينصّ بشكل صريح على منع الإعلانات الكاذبة والمغلوطة التي من شأنها الإضرار بالمستهلك أو تضليله، سواء عبر الوسائل التقليدية أم المنصات الرقمية”.
كما أبرز الفاعل في مجال حماية المستهلك أن “المشرّع المغربي وضع عقوبات مالية صارمة تتطلب التطبيق في الحالات المماثلة التي يثبت أنها مخالفة وتحمل ضررا مباشرا أو غير مباشر”، مشدّدا على أن “الجهات المعنية، بدورها، مطالَبة بتحمّل مسؤوليتها في مراقبة المحتوى الإعلاني الإلكتروني، تماشيا مع المتغيرات الرقمية المتسارعة”.
كما أكّد على “ضرورة تفعيل آليات الزجر والمراقبة الرقمية، وتعزيز الوعي الجماعي لدى المستهلك المغربي، من أجل تمكينه من التمييز بين العروض الموثوقة وتلك التي تهدف إلى تضليله أو التي تعرض خدمات مُجرّمة”، داعيا إلى “التبليغ عن كل محتوى مماثل يحمل شبهات قد تضرّ بالمستهلك، وضمان حماية الحقوق الفردية والجماعية”.
حماية القيم
أبدى المدني دروز، رئيس جمعية “مع المستهلكين”، “قلقا كبيرا” بسبب استمرار “ظهور إعلانات مشبوهة على مواقع التواصل الاجتماعي تُروّج لخدمة التدليك في الظاهر؛ لكنها في الحقيقة تبحث عن زبائن من نوع آخر”، مشدّدا على ضرورة التساؤل بشأن نوايا بعض مراكز التدليك، خاصة تلك التي تستغل الفتيات الفقيرات وتُدخلَهُنّ في ممارسات غير قانونية وغير أخلاقية.
ومع ذلك، رفض دروز، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أيَّ “تعميم ممكن”، مؤكّدا “وجود صالونات احترافية تنتصر للخدمة بحد ذاتها كنشاط منظّم ومشروع يقدّم فوائد صحية ونفسية للمواطنين”؛ لكن “الممارسات السائدة في الواقع وفي الإعلانات المشبوهة باتت تستدعي التدخّل لمحاصرتها، والحفاظ على أصل هذه المهنة وحصرها في الخدمات المُعلنة دون أي انزلاقات”.
وأشار الفاعل في مجال حماية المستهلك إلى أن “هذه الإعلانات، التي تُقدَّم بصور ذات إيحاءات معيّنة، تطرح حقّا مشكلة يجب على السلطات الأمنية المكلفة بما هو رقمي أن تواكبها بالمزيد من المراقبة لحصرها والحد من انتشارها أكثر”، خصوصا أنها “قد تُتَّخذ كواجهة للاستغلال والابتزاز، مما يستدعي تدخّل الجهات المختصة لوضع ضوابط صارمة تضمن شفافية الخدمات وتحمي المواطنين من شتى صنوف الاستغلال”.
كما دعا دروز إلى “تفعيل أدوار الرقابة المجتمعية، وفتح تحقيق شامل في هذه الإعلانات، لضمان أن يبقى هذا القطاع نظيفا ومرتبطا بتقديم خدمات صحية وأخلاقية تليق بالمستهلك وبقيم المجتمع”، مهيبا “بجميع المواطنين التحقّق من مصدر الإعلانات، وعدم الانسياق وراء العروض المغرية أو غير الموثوقة، مع أهمية المساهمة في التبليغ عنها، دفاعا عن حقوقهم وحقوق غيرهم من المستهلكين”.