أخبار عاجلة

جوازات السفر الدبلوماسية .. وثائق ولوج سوق الفساد وشراء الولاءات بالجزائر

جوازات السفر الدبلوماسية .. وثائق ولوج سوق الفساد وشراء الولاءات بالجزائر
جوازات السفر الدبلوماسية .. وثائق ولوج سوق الفساد وشراء الولاءات بالجزائر

أعادت الرسالة الأخيرة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رئيس حكومة بلاده، بشأن تعليق الإعفاءات التي كانت ممنوحة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية الجزائرية من تأشيرة الدخول إلى الأراضي الفرنسية، النقاش حول معايير منح هذه الوثائق داخل الجزائر، بعدما تحولت وفق نشطاء من أوراق رسمية تسهّل التنقل وتؤمّن الحصانة للمسؤولين في الخارج إلى وسيلة لشراء الولاءات، وإلى بطاقات ذهبية تُوزّع كجوائز لمكافأة المقربين من النظام وعائلاتهم ومعارفهم، من أجل حماية مصالحهم وتغليفهم بهالة من الشرعية المزيفة.

في أروقة السلطة الجزائرية تُوزّع جوازات السفر الدبلوماسية بغير حساب، ليجد آلاف الأشخاص أنفسهم حاملين وثائق تمنحهم امتيازات السفر والتنقل التي تُمنح للدبلوماسيين الحقيقيين، دون أن يكونوا على دراية حقيقية بأبسط قواعد القانون الدبلوماسي أو مسؤولياته، وهو ما يكرّسه المرسوم رقم 201-23 الصادر عن الرئيس عبد المجيد تبون في فاتح يونيو من سنة 2023، والمنشور في الجريدة الرسمية الجزائرية عدد 37.

وحسب منطوق مواد هذا المرسوم يُمنح جواز السفر الدبلوماسي للأعوان الدبلوماسيين والقنصليين التابعين لوزارة الخارجية بحكم وضعهم القانوني، وملحقي الدفاع الوطني والملحقين العسكريين ومساعديهم لدى البعثات الدبلوماسية بالخارج مدة مهمتهم، كما يُمنح لأزواجهم وأبنائهم القصر وبناتهم غير المتزوجات الذين يعيشون معهم تحت السقف نفسه، وعند الاقتضاء حين وجودهم بمركز في الخارج، إلى جانب أبويهم اللذين هما في كفالتهم.

كما يستفيد من هذا الجواز مجموعة من الشخصيات، وكذا أزواجهم وأولادهم وبناتهم غير المتزوجات، منهم رئيس الدولة ومدير ديوانه، والأمين العام للحكومة والمستشارون بديوان رئاسة الجمهورية، والمدير العام للأمن الداخلي، والمدير العام للوثائق والأمن الخارجي، والمدير العام للاتصال، والوزير الأول ومدير ديوانه وكافة أعضاء حكومته، إلى جانب كل من رئيسي غرفتي البرلمان، ومحافظ بنك الجزائر، وعميد جامع الجزائر، ووسيط الجمهورية، ثم عدد من قادة الجيش، على رأسهم رئيس الأركان والفرقاء الأولون وقادة النواحي العسكرية.

وحسب النص ذاته تستفيد شخصيات أخرى رفقة الأزواج والأولاد والبنات بصفة شرفية أو بحكم الوظائف السامية التي تقلّدوها من جواز السفر الدبلوماسي، من ضمنهم أعضاء قيادة الأركان العامة لجيش التحرير الوطني، وأعضاء المجلس الوطني للثورة الجزائرية، وقادة الولايات التاريخية لجيش التحرير، ورؤساء الدولة السابقون، ورؤساء غرفتي البرلمان السابقون، والوزراء الأولون ووزراء الدولة ووزراء الدفاع السابقون، والسفراء والقناصل العامون المتقاعدون.

سابقة تاريخية وعدائية جزائرية

في تصريح لهسبريس قال رفيق بوهلال، محلل سياسي وناشط جزائري معارض، إن “الخطوة التي أقدم عليها الرئيس ماكرون سابقة في تاريخ العلاقات الفرنسية الجزائرية”، مبرزًا أن “السبب الرئيسي لهذه الأزمة بين الجزائر وباريس هو الموقف الفرنسي الداعم لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية في إطار مخطط الحكم الذاتي”.

وأوضح بوهلال أن “الرئيس ماكرون ظل يحاول، منذ وصوله إلى قصر الإليزيه، إقامة علاقات قوية والوصول إلى تفاهمات مع الجزائر على مستوى ملف الذاكرة، وكذا مختلف الملفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لكنه اصطدم في الأخير بحقيقة أنه لا يستطيع التعامل مع النظام الفاسد الذي يحكم الجزائر”.

وتابع المحلل ذاته بأن “الجزائر، منذ اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، اتخذت عدة خطوات عدائية ضد الدولة الفرنسية، وانتهكت سيادتها على أراضيها، سواء من خلال استعمال الذباب الإلكتروني، أو تسهيل هجرة المجرمين والمدانين إلى الأراضي الفرنسية، إلى جانب تورطها في عدة فضائح، كاختطاف الناشط أمير بوخريص داخل فرنسا على يد ضباط مخابرات تحت إطار دبلوماسي”.

وأكد المتحدث أن “استمرار هذه الأعمال العدوانية، ثم رفض الجزائر استرجاع مواطنيها المدانين، من أجل الضغط على باريس، هو ما دفع الرئيس ماكرون إلى اتخاذ هذا القرار الذي كان بمثابة صفعة للنظام الجزائري وللرئيس المعين عبد المجيد تبون الذي يتباهى بأنه لا يتعامل إلا مع ماكرون شخصيًا، ولا تهمه تصريحات وزير الداخلية روتايو، قبل أن يعلن ماكرون بكل صراحة في رسالته الموجهة إلى رئيس الحكومة وقوفه إلى جانب وزير داخليته”.

وسجّل بوهلال أن “الدبلوماسيين الجزائريين الذين سيحاولون الالتفاف على هذا القرار الفرنسي عبر محاولة ولوج التراب الفرنسي من دول أخرى، كإيطاليا أو إسبانيا، سيُعاملون كمهاجرين غير نظاميين وسيتم ترحيلهم”، مشيرًا إلى أن “معطيات غير رسمية تؤكد وجود أكثر من 20 ألف شخص في الجزائر حاملين جوازات سفر دبلوماسية، العديد منهم لديهم شركات وعقارات وأموال مهربة في فرنسا لن يتمكنوا من الوصول إليها”.

أرقام قياسية وخطوات قادمة

تفاعلًا مع الموضوع ذاته قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن “عدد المستفيدين من جوازات السفر الدبلوماسية في الجزائر وصل إلى أرقام قياسية في السنوات الأخيرة، إذ تُوزّع على المسؤولين وعائلاتهم ومعارفهم بشكل يخضع لمنطق الولاءات والقرب من رموز النظام العسكري الحاكم”.

وأوضح المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “توزيع جوازات السفر على المسؤولين وعائلاتهم والمقربين منهم أصبح وسيلة للنظام من أجل مكافأة المطبلين له ولسياسته”، مبرزًا أن “النظام مستعد لفعل أي شيء من أجل مصالح المحسوبين عليه، وقد يحاول التوصل إلى اتخاذ خطوات لتجاوز تبعات هذا القرار الفرنسي من خلال توقيع اتفاقيات لإعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية من التأشيرة، على غرار الاتفاق الموقع مع سلوفينيا التي زارها تبون مؤخرًا”.

وتابع بن زهرة: “لذلك فإن رسالة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى رئيس الحكومة بهذا الشأن تضمنت تعليمات بالتواصل مع الشركاء في منطقة ‘شنغن’ لتطبيق التعامل نفسه”، مشددًا على أن “هذه الخطوة الفرنسية ليست إلا البداية، والملف القادم لا محالة هو فتح ملف ممتلكات المسؤولين الجزائريين، الذي سيكون فضيحة ستهز أركان النظام ومشروعيته”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق كوب شاي وسيجارة.. مزيج يومي لكنه قاتل يهدد القلب والمناعة
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة