دعا منتدى كفاءات تاونات إلى تفعيل العدالة المجالية ومعالجة الاختلالات التنموية التي مازالت تطبع المنطقة، مبرزًا استمرار مظاهر التهميش وضعف الاستثمار العمومي، رغم توفر الإقليم على مؤهلات بشرية وطبيعية وثقافية مهمة.
وعبّر المنتدى، في بيان أعقب الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش، توصلت به هسبريس، عن قلقه من تعمق الفوارق المجالية، التي قال إنها تكرّس مغربين بسرعتين.
واستند المصدر ذاته إلى معطيات رسمية تُظهر أن نسبة الفقر متعدد الأبعاد في عدد من المناطق الجبلية، من بينها تاونات، تتجاوز 14 في المائة، مقارنة بمعدل وطني لا يتجاوز 6.8 في المائة، مضيفا أن أزيد من 35 في المائة من السكان في الجبال والمناطق النائية يواجهون صعوبة في الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية، وزاد أنه في ما يتعلق بالخدمات الطبية يسجل الإقليم معدلات ضعيفة جدًا في عدد الأسرة المتوفرة (1.3 لكل عشرة آلاف نسمة)، وكذلك في عدد الأطباء (1.33 لكل عشرة آلاف نسمة)، وعدد الممرضين (5.8)؛ فيما تبقى ظاهرة الهدر المدرسي مقلقة، إلى جانب نزوح متواصل نحو المدن الكبرى بسبب غياب فرص الشغل والتكوين والبنيات التحتية الأساسية.
وانطلاقًا من مقتضيات الدستور التي تلزم الدولة والمؤسسات العمومية بتيسير الولوج إلى الخدمات، وإشراك المواطنين في تتبع وتقييم السياسات العمومية، سجل المنتدى مجموعة من المطالب الملحّة، من بينها تسريع إنجاز البنيات التحتية الأساسية، وعلى رأسها الطريق السريع فاس–تاونات، والطريق الوطنية الرابطة بين تاونات والحسيمة، إلى جانب تحسين شبكة الطرق الإقليمية والجماعية؛ كما جدد المطالبة ببناء نواة جامعية بتاونات، بعد التراجع عن مشروع كلية كان مبرمجًا في 2018.
وفي ما يخص قطاع الصحة شدد البيان على ضرورة تعزيز المستشفى الإقليمي والمراكز الصحية بالأطر الطبية والتقنية، بالنظر إلى حجم الخصاص المسجل على مستوى الخدمات والمعدات؛ كما تطرق إلى أزمة الماء الصالح للشرب التي تعاني منها جماعات ترابية بالإقليم، رغم وجود سبعة سدود كبيرة وصغيرة على ترابه، ما يطرح أسئلة حول العدالة في توزيع الموارد المائية.
ودعا المنتدى كذلك إلى إطلاق مشاريع اقتصادية قادرة على خلق فرص الشغل المستدامة، بما في ذلك إنشاء حي صناعي بتاونات وتشجيع الاستثمار المحلي والوطني عبر تحفيزات ضريبية ومالية تستهدف المناطق النائية، بما يتماشى مع روح ميثاق الاستثمار الجديد، واعتبر أن النهوض بالتنمية في هذه المناطق لا يمكن أن يتم من دون مقاربة مجالية منصفة تنهي التفاوت القائم بين المدن الكبرى والمناطق الهامشية.
كما شدد المصر ذاته على أهمية إشراك كفاءات الإقليم ومجتمعه المدني في صياغة وتتبع السياسات العمومية، وتقييم المشاريع المنجزة ومساءلة الجهات المعنية عن تعثراتها، وطالب بإرساء مبدأ التمييز الإيجابي لصالح المناطق الجبلية والمهمشة، انسجامًا مع مبادئ العدالة الاجتماعية والتوازن الجهوي.
واعتبر المنتدى أن مضمون الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش يشكل أرضية مناسبة للانتقال من المقاربات التقليدية إلى أخرى مجالية تثمّن خصوصيات الإقليم وتُعلي من شأن الإنصاف في توزيع الموارد والمشاريع؛ كما جدّد استعداده للانخراط في أي مبادرات جادة تستهدف تحسين الوضع التنموي بالإقليم، داعيًا إلى حوار مسؤول بين مختلف المتدخلين من أجل بلورة إستراتيجية محلية قادرة على جعل الإنسان في صلب السياسات العمومية.