في إطار الجهود المستمرة لإصلاح منظومة العدالة الجنائية وتعزيز فعاليتها، عقدت المحكمة الابتدائية بميدلت ندوة علمية، أمس الأربعاء، حول موضوع تنزيل قانون العقوبات البديلة، تم التطرق فيها لأهمية هذا القانون في تحقيق التوازن بين فعالية العقوبة وحماية الحقوق الأساسية للمحكوم عليه، وتجاوز الإكراهات المرتبطة بالعقوبات السالبة للحرية قصيرة الأمد.
تروم هذه الندوة العلمية التي حضرها رئيس المحكمة الابتدائية ووكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بميدلت، ومدير السجن المحلي، ومسؤولون قضائيون، وقضاة، ومسؤولون أمنيون، ومحامون، وموظفو المحكمة ومساعدو القضاء، وفاعلون حقوقيون ومواطنون، بسط الجهود المستمرة لإصلاح منظومة العدالة الجنائية وتعزيز فعاليتها، وشرح مضامين قانون العقوبات البديلة الذي أقره المشرع المغربي.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد رئيس المحكمة الابتدائية بميدلت، طارق طاوسي، أن “قانون العقوبات البديلة يهدف إلى تحقيق التوازن بين فعالية العقوبة وحماية الحقوق الأساسية للمحكوم عليه، وهو ما يأتي في سياق التحديات التي تواجهها المؤسسات السجنية، حيث أصبح الاكتظاظ يعيق برامج إعادة الإدماج ويفقدها فعاليتها”.
من جانبه، أشار وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بميدلت، محمد البكري، إلى أن “إقرار العقوبات البديلة يمثل طفرة نوعية في التشريع الجنائي المغربي، ويجسد إرادة سياسية وتشريعية قوية لتجاوز الإكراهات المرتبطة بالعقوبات السالبة للحرية قصيرة الأمد”، مبرزا أن العقوبات السالبة للحرية أصبحت مصدرا لاختلالات اجتماعية من قبيل اكتظاظ السجون، وإضعاف فرص إعادة الإدماج البديلة.
وفي مداخلتها، قالت نائبة وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بميدلت، خديجة عرجي، إن “العقوبات البديلة تهدف إلى المساهمة في التخفيف من الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، وتجاوز مختلف الإشكالات التي يعرفها تنفيذ العقوبات الحبسية قصيرة المدة وتأثير ذلك على عملية تأهيل وإدماج السجناء”.
وأوضحت عرجي أن قانون العقوبات البديلة يتضمن أربعة إجراءات، تتمثل في الغرامات اليومية، والعمل من أجل المنفعة العامة، وفرض تدابير تقييدية وأخرى علاجية وتكوينية، والمراقبة الإلكترونية.
وتضمنت الندوة مجموعة من المداخلات من قبل عدد من المتخصصين، أجمعوا من خلالها على أهمية الموضوع وراهنيته لتعزيز فهم مقتضيات هذا القانون وتوحيد الرؤى حول تطبيقه، مما يساهم في تحقيق انتظارات المشرع وتعزيز مبادئ العدالة الجنائية في المغرب.
وفي هذا السياق، أشار لعيرج، قاضي تنفيذ العقوبات، إلى أن “نجاح العقوبات البديلة لا يقف عند حدود النص القانوني، بل يتطلب توافر منظومة مؤسساتية متكاملة قادرة على التطبيق الرشيد وعلى التقييم المستمر لنجاعة هذه البدائل بما يحقق التوازن بين العقوبة والكرامة وبين الردع والإدماج”، فيما شدد نائب نقيب هيئة المحامين على أهمية دور المحامين في تعزيز فهم مقتضيات قانون العقوبات البديلة وتطبيقه بشكل فعال.