أعلن المرصد المغربي لحماية المستهلك عن قلقه الشديد إزاء تنامي ظاهرة تسويق منتجات مشبوهة وممنوعة بدعوى علاج الضعف الجنسي، يتم ترويجها عبر حملات إشهارية رقمية مستهدفة على مواقع التواصل الاجتماعي. وحذر المرصد، في بلاغ استنكاري صادر بتاريخ 5 غشت الجاري، من خطورة هذه المواد التي تشكل تهديدًا حقيقيا على صحة وسلامة المستهلكين، واصفًا ترويجها بـ”الجشع” و”الاستهتار بصحة المواطنين”، خاصة في ظل ضعف آليات المراقبة الرقمية.
وأشار البلاغ إلى أن هذه الحملات الإشهارية تستهدف أحياء شعبية وهشة في مدن كبرى مثل الدار البيضاء وفاس ومكناس وطنجة، حيث يتم استغلال هشاشة الوعي الصحي وغياب رقابة فعلية لبيع منتجات مجهولة المصدر، لا تتوفر على أي ترخيص من وزارة الصحة، وقد تكون أحيانًا مستوردة من الخارج بطريقة مشبوهة.
وأوضح المرصد أن هذه المنتجات تحتوي في الغالب على مواد غير مرخصة، منها ما يسبب مضاعفات خطيرة على الجهاز العصبي والقلب وضغط الدم، وهو ما تسبب في تسجيل حالات تسمم لم تتم متابعتها رسميًا، ما يضاعف من خطورة الوضع.
في هذا الصدد قال حسن نايت علي، رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك، إن “انتشار بيع المنتجات الطبية والمشابهة عبر قنوات غير مرخصة، على الصيدليات الافتراضية وصفحات التواصل الاجتماعي، يعود في جزء منه أيضًا إلى فجوة في الوعي الاستهلاكي”، مضيفًا أن “المستهلك المغربي غالبًا ما يفتقر إلى المعرفة الكافية حول أهمية مصداقية المصدر الطبي، وهو ما يجعله عرضة للإعلانات غير القانونية والمضللة التي تقدّم أدوية أو مكملات عبر الإنترنت”.
وتابع المصرّح لهسبريس بأن “الكثير من المستهلكين غالبًا ما يثقون في النصائح العشوائية من صفحات مجهولة، ويقومون بشراء منتجات دون استشارة الطبيب المختص، ما يعرضهم لمخاطر صحية كبيرة”، مبرزًا أن “ارتفاع أسعار الأدوية الرسمية بمعدلات تصل أحيانًا إلى أضعاف مضاعفة، مقارنة بالدول الأخرى، يجعل المستهلك يبحث عن بدائل رخيصة بغضّ النظر عن المصدر أو الجودة”.
وأشار المتحدث إلى أن “ضعف اعتماد الأدوية الجنيسة في المغرب، مقارنة بدول أخرى كفرنسا وألمانيا، يزيد من اعتماد المواطنين على مصادر غير رسمية”، مسجلًا أنه “رغم وجود مدونة الأدوية، أي القانون رقم 17.04، التي تمنع بيع الأدوية خارج الصيدليات، إلا أن الرقابة على تلك المنصات الافتراضية مازالت ضعيفة أو متأخرة التنفيذ؛ وحتى مع الجهود الحكومية وتوجيه دوريات بتشديد المراقبة منذ مطلع 2023 يبقى النفاذ إلى المستهلك عبر الإنترنت مستمرًا دون مواجهة فعلية كافية”.
وذكر رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك أن “الوعي الاستهلاكي المطلوب ليس فقط معرفة المستهلك بالحقيقة القانونية لتلك الأدوية، بل فهم المخاطر الصحية، والتمييز بين المصادر القانونية وغير القانونية، وأهمية التشاور الطبي قبل اقتناء مثل هذه المنتجات”، مشددًا على أهمية “تعزيز الوعي وحماية المستهلك عن طريق حملات إعلامية لتحسيسه حول مخاطر المنتجات غير المرخصة، وتشجيع الأدوية الجنيسة، وإشراك المهنيين الصحيين في هذا المسار”.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن “عدم رفع الوعي الاستهلاكي وتثقيف الناس لتمكينهم من اتخاذ قرارات سليمة يجعل هذه الظاهرة معرضة للتمدد، ما يشكل خطرًا حقيقيًا على الصحة العامة والثقة في النظام الصحي”، مبرزًا أن “انتشار السوق السوداء لبيع الأدوية والمنتجات شبه الطبية عبر وسائل غير قانونية يؤدي إلى تآكل تدريجي في ثقة المواطن بالمؤسسات الصحية، ويسحب الثقة من النظام الصحي، ويعرّض حياة الناس للخطر مقابل أرباح سريعة”.
وفي هذا السياق أكد المرصد أن تسويق هذه المنتجات يدخل ضمن التجارة الرقمية غير الرسمية، مستغلًا ثغرات قانونية في التشريع المغربي، لاسيما القانون رقم 31.08 المتعلق بحماية المستهلك، داعيًا إلى تفعيل صارم للنصوص القانونية المرتبطة بالإشهار الكاذب والصحة العامة.
وجه المرصد نداءً إلى الجهات الحكومية، وخاصة وزارة الصحة ووزارة الداخلية ووزارة العدل، من أجل تحمل مسؤولياتها في ضبط الإشهار الرقمي المتعلق بالمنتجات الطبية، مشددًا على ضرورة المراقبة الدولية والإلكترونية لتحديد مصادر هذه الحملات وحظر المحتوى المخالف؛ كما دعا إلى إشراك القضاء والنيابة العامة في ملاحقة مروجي هذه المواد عبر شبكات الإنترنت، لما لها من أثر مباشر على صحة وسلامة المواطنين، مطالبًا في الوقت نفسه بتسريع آليات التنسيق بين مختلف المتدخلين.