شهدت اليمن في الآونة الأخيرة تصعيدًا واسع النطاق من قبل مليشيات الحوثي، شمل الجبهات البرية والبحرية، إلى جانب تحريك خلاياها النائمة في المحافظات المحررة.
ويأتي هذا التصعيد في إطار محاولات حوثية مستمرة لتفجير الأوضاع العسكرية، وفرض واقع جديد على الأرض يتعارض مع جهود السلام والاستقرار.
تصعيد في جبهات الضالع: تعزيزات بشرية واستعراض مسلح
بدأت موجة التصعيد الحوثي من محافظة الضالع، حيث دفعت المليشيات بمئات المقاتلين إلى جبهات القتال، خصوصًا في جبهة حجر شمال غرب المحافظة.
وأوضح بيان صادر عن محور الضالع العسكري أن هذه القوات وصلت بشكل استعراضي على شكل أفواج راجلة بعد خضوعهم لدورات تدريبية في معسكر المشواس الخاضع للحوثيين شرقي مديرية الحشاء.
ويأتي هذا الحشد العسكري في ظل هدوء نسبي شهدته جبهات الضالع مؤخرًا، وخاصة بعد إعادة فتح الطريق الرابط بين صنعاء وعدن عقب إغلاق ميناء الحديدة، ما يوحي بنوايا مبيتة لإشعال مواجهة عسكرية جديدة قد تُقوّض فرص السلام.
هجمات حوثية في مأرب: استهداف مباشر للكوادر الفنية والمدنية
في محافظة مأرب، وسّعت مليشيات الحوثي نطاق عدوانها، مستهدفة هذه المرة فرقًا فنية تابعة لمؤسسة الكهرباء، وذلك أثناء قيامهم بأعمال صيانة في مديرية حريب.
وذكرت مؤسسة كهرباء مأرب أن عناصر حوثية قصفت بالقذائف فريقًا إداريًا وفنيًا كان يعمل على إصلاح الشبكة الكهربائية المتضررة في منطقة ملعاء. وأدى الهجوم إلى عرقلة جهود إعادة التيار الكهربائي لعدة قرى في المديرية.
ويمثل هذا الاعتداء تصعيدًا نوعيًا في سياسة استهداف البنية التحتية والمدنيين، ويكشف عن نية واضحة من قبل المليشيات لإبقاء المناطق المحررة في حالة من الفوضى والتعطيل.
البحر الأحمر: الدفاعات تحبط هجومًا بمسيّرة إيرانية
لم تقتصر الهجمات الحوثية على البر، بل امتدت إلى البحر، حيث أحبطت الدفاعات التابعة لـ "المقاومة الوطنية" هجومًا بمسيّرة إيرانية مفخخة استهدفت دورية تابعة لخفر السواحل اليمنية بالقرب من جزيرة زقر في البحر الأحمر.
وأكدت المقاومة في بيان أن الطائرة المسيّرة تم رصدها وإسقاطها قبل أن تصل إلى هدفها، كما تم انتشال حطامها من قبل وحدات البحرية ونقله إلى الجهات المختصة للتحقيق.
هذا الهجوم يعكس تصعيدًا خطيرًا في طبيعة التهديدات الحوثية، خصوصًا عبر استخدام الطائرات الإيرانية المفخخة لاستهداف خطوط الملاحة والدوريات البحرية، ما يُنذر بعواقب وخيمة على أمن البحر الأحمر.
حضرموت على صفيح ساخن: مخطط لزعزعة الاستقرار
في السياق ذاته، كشف قائد المنطقة العسكرية الثانية في الجيش اليمني، اللواء طالب سعيد بارجاش، عن وجود معلومات استخبارية دقيقة تشير إلى وجود خلايا حوثية في ساحل حضرموت تتلقى دعمًا مباشرًا من المليشيات.
وأوضح اللواء أن هذه العناصر تعمل على تنفيذ مخطط يهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وتشويه صورة القوات المسلحة، عبر أذرع إعلامية ومالية تعمل لصالح الحوثيين.
وشدد بارجاش على أهمية رفع الجاهزية الأمنية والعسكرية، والتنسيق الكامل بين جميع الوحدات العسكرية لمواجهة هذا التهديد. كما دعا المواطنين إلى التعاون مع الجهات المختصة والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة.
ما وراء التصعيد: نوايا حوثية لتفجير المشهد العسكري
تشير المعلومات الواردة من مصادر عسكرية إلى أن مليشيات الحوثي تخطط لشن هجمات منسقة في عدد من المحافظات اليمنية، بالتزامن مع الحشد العسكري المتزايد وتحريك خلاياها في المناطق المحررة.
وتبدو هذه التحركات بمثابة محاولة لاستباق أي جهود دولية لإحياء مسار السلام، خاصة في ظل الانشغال الإقليمي والدولي بملفات أخرى، ما يمنح المليشيات فرصة لإعادة خلط الأوراق ميدانيًا.
وتُظهر طبيعة التصعيد الحوثي — سواء في الضالع أو مأرب أو حضرموت أو البحر الأحمر — وجود تنسيق واسع ودعم إيراني مباشر، وهو ما يتطلب تحركًا جادًا من قبل الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي لردع هذه التهديدات المتصاعدة.
إن التصعيد الحوثي الأخير، الذي شمل جبهات متعددة، يؤكد أن المليشيات لا تزال تراهن على الخيار العسكري لفرض أجندتها السياسية، رغم الكلفة الإنسانية والأمنية التي يتكبدها اليمنيون. وأمام هذا الواقع، تبرز الحاجة الملحة إلى تحرك وطني موحد يعزز من حضور الدولة، ويكبح جماح هذا المشروع التدميري.
