في ظل أزمة اقتصادية خانقة يعيشها المواطن المصري، تخرج علينا بعض التصريحات الرسمية التي تُفاقم الشعور بالعجز واليأس، وتُسهم في إضعاف الثقة في مؤسسات الدولة، أحد هذه التصريحات ما نُسب إلى الدكتور شريف فاروق، الذي قال نصًا: «أنا لا أستطيع إجبار التاجر على خفض الأسعار».
هذا التصريح في حد ذاته يعكس انسحابًا رسميًا من واحدة من أهم وظائف الدولة، وهي حماية المواطن من استغلال السوق، وضبط العلاقة بين العرض والطلب بما يضمن الحد الأدنى من العدالة، فهل المطلوب من المواطن أن يواجه جشع الأسواق بمفرده، بينما الدولة تقف على الرصيف تراقب؟.
ما يحدث اليوم لا يرتبط فقط بالأزمات العالمية أو بارتفاع تكاليف الإنتاج، بل هو نتيجة مباشرة لترهّل المنظومة الرقابية، وغياب الإرادة السياسية الجادة لضبط الأسواق.
لكي نستعيد التوازن المفقود، لا بد من بناء منظومة متكاملة تستند إلى التجارب الناجحة في دول أخرى مثل تركيا والمغرب والبرازيل، هذه الدول لم تلجأ إلى التسعير الجبري، لكنها وضعت أدوات رقمية وقانونية صارمة تضمن الشفافية وردع التلاعب.
في مصر، نحتاج إلى إلزام كل منتج بباركود إلكتروني يحتوي على كافة تفاصيل السلعة: اسم المنتج، الشركة، تاريخ الإنتاج، السعر الرسمي وسعر البيع للجمهور، ويرتبط مباشرة بمنصة مركزية في وزارة التموين تُحدّث بشكل دوري. ومع هذا، يجب أن يُتاح للمواطن تطبيق رقمي بسيط باسم «اعرف سعرك»، يتيح له مسح الباركود ومعرفة السعر الحقيقي، وتقديم بلاغ فوري في حال وجود تلاعب.
التاجر المخالف يجب أن يُحاسب فورًا عبر رسالة نصية تُخصم منها غرامة مالية كبيرة، ويتم ربط هذه المخالفة بسجله التجاري مباشرة، وإذا تكررت المخالفات لأكثر من مرتين خلال العام، يتم سحب الترخيص وتحويله إلى النيابة الاقتصادية بتهمة الإضرار بالاقتصاد القومي، وهذا الإجراء مطبّق بالفعل في دول عديدة نجحت في ضبط أسواقها، دون أن تقتل روح التنافس أو تحاصر التجار الشرفاء.
بالتوازي، لا بد من إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية بإدخال كفاءات شابة، وضخ تكنولوجيا حديثة تضمن التدقيق الآلي، وتمنع التواطؤ أو التقاعس، كما يجب إنشاء قنوات تواصل حقيقية مع المواطن، مثل أرقام واتساب مفعّلة بكل محافظة، وتطبيقات تتيح تقديم شكاوى صوتية أو مصورة، مع فرق استجابة فورية تنزل للسوق وتطبّق القانون.
أخيرًا، يجب أن تكون هناك شفافية مطلقة في الإعلان عن الأسعار الرسمية للسلع الأساسية أسبوعيًا، عبر وسائل الإعلام ومنصات الدولة الرسمية، حتى لا يصبح المواطن فريسة للجهل والاستغلال معًا، الدولة لا تُقاس فقط بقدرتها على إنشاء مشروعات أو التحكم في العملة، بل تُقاس أولًا بمدى قدرتها على حماية مواطنيها من الظلم الاقتصادي، وضمان الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم، نحن لا نطالب بالتسعير الإجباري، بل نطالب بمنظومة شفافة، وعقوبات رادعة، ورقابة نزيهة مستقلة، هذا هو الفارق بين دولة تُحترم فيها كرامة المواطن، وأخرى يُترك فيها لقانون الغاب.
اقرأ أيضاًوزير التموين يوجه بسرعة البت في طلبات المواطنين وأصحاب المنشآت التموينية
وزير التموين يناقش الضوابط الرقابية المنظمة لـ موسم الأوكازيون الصيفي 2025
وزير التموين يعلن بدء تنفيذ مبادرة خفض أسعار 15 سلعة أساسية داخل المجمعات الاستهلاكية
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.