رغم الجهود المستمرة التي تبذلها الدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من السلع الأساسية، لا تزال هناك بعض التحديات التي تعرقل الوصول إلى هذا الهدف الاستراتيجي ومع ازدياد الوعي بأهمية الأمن الغذائي والاستقلال الاقتصادي، يتصاعد النقاش حول الأسباب الحقيقية التي تقف عائقًا أمام تحقيق الاكتفاء الكامل في سلع مثل القمح، السكر، الزيوت، والأعلاف.
ما يعوق تحقيق الإكتفاء الذاتي في بعض السلع الغذائية:
1. محدودية الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة
أحد أبرز التحديات هو محدودية المساحات الزراعية القابلة للزراعة، في ظل التوسع العمراني المتسارع على الرغم من التوسع في مشروعات الاستصلاح الزراعي، إلا أن هناك فجوة بين ما هو مستهدف وما يتم تحقيقه فعليًا على الأرض، إما بسبب نقص الموارد أو تحديات فنية ولوجستية.
2. الاعتماد على مدخلات إنتاج مستوردة
تعتمد بعض الصناعات الغذائية والزراعية على مستلزمات إنتاج يتم استيرادها من الخارج، مثل التقاوي، الأسمدة، أو المعدات الزراعية وهذا الاعتماد يبقي بعض القطاعات رهينة للأسواق العالمية، ويعرقل الاستقلال الكامل في الإنتاج.
3. ضعف سلاسل التوريد والتخزين
عدم كفاءة سلاسل النقل والتخزين يؤدي إلى فقدان جزء كبير من الإنتاج المحلي بسبب التلف أو سوء الإدارة فعلى سبيل المثال، خسارة نسبة من المحاصيل بعد الحصاد نتيجة ضعف البنية التحتية يمكن أن تؤدي إلى اضطرار الدولة إلى الاستيراد لتعويض النقص، حتى مع وفرة الإنتاج.
4. نقص التكنولوجيا والدعم الفني
ما زالت بعض القطاعات الزراعية والصناعية تعتمد على وسائل تقليدية، مع ضعف في نقل التكنولوجيا الحديثة أو تدريب الكوادر الفنية وهذا يقلل من إنتاجية الفدان، ويزيد من الفاقد في العملية الإنتاجية، ويجعل المنافسة مع المنتجات المستوردة أكثر صعوبة.
5. التسعير
في بعض الحالات، يكون المنتج المحلي غير قادر على منافسة الأسعار العالمية، خاصة إذا تم استيراد السلع الأساسية بأسعار منخفضة (بسبب الدعم أو الإغراق) هذا يُضعف من تحفيز الفلاحين أو المنتجين المحليين على التوسع في الإنتاج، لغياب الجدوى الاقتصادية.
6. تقلبات المناخ وشح المياه
التغيرات المناخية المتسارعة وتراجع الموارد المائية المتجددة أثرت سلبًا على الإنتاج الزراعي، ما يفرض تحديًا إضافيًا أمام استدامة الزراعة ورفع الإنتاجية، خصوصًا في محاصيل استراتيجية مثل القمح والأرز.
تحقيق الاكتفاء الذاتي ليس مجرد قرار اقتصادي، بل هو مسار متكامل يتطلب خططًا طويلة الأمد، استثمارًا في البحث العلمي، تطويرًا للبنية التحتية، وتمكينًا للمزارع والمنتِج المحلي ورغم التحديات، فإن التقدم المحرز في بعض السلع خلال السنوات الأخيرة يبقى مؤشرًا إيجابيًا، بشرط استمرارية الدعم والتطوير.
