في واقعة مناخية استثنائية، سجّلت الولايات المتحدة رقمًا قياسيًا عالميًا جديدًا لأطول صاعقة برق تم توثيقها على الإطلاق، حيث اخترقت هذه الصاعقة أجواء خمس ولايات أميركية متجاورة، ممتدة لمسافة مذهلة بلغت 829 كيلومترًا خلال أقل من سبع ثوانٍ فقط.
وهذه الظاهرة النادرة، التي وُصفت بأنها واحدة من أكثر الأحداث الجوية تطرفًا في التاريخ الحديث، أعادت تسليط الضوء على قوة البرق الهائلة ومدى تطور تقنيات الرصد الحديثة.
ما هي "الميجا فلاش"؟ الصاعقة التي حطمت جميع الأرقام
الصاعقة التي أُطلق عليها اسم "ميجا فلاش" وقعت يوم 22 أكتوبر 2017، وانطلقت من منطقة في شرق ولاية تكساس، وامتدت عبر ولايات أوكلاهوما، وأركنساس، وكانساس، قبل أن تنتهي قرب مدينة كانساس سيتي بولاية ميسوري، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق المُسجل في البرازيل عام 2018، والذي بلغ آنذاك 768 كيلومترًا فقط.
وقد أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) توثيق هذه الظاهرة رسميًا بعد تحليل دقيق استغرق عدة سنوات، ونشرت النتائج في مجلة Bulletin of the American Meteorological Society، مؤكدة أن ما جرى لا يُعد فقط إنجازًا في سجل الظواهر المناخية، بل أيضاً في تقدم التكنولوجيا الخاصة برصد وتحليل البرق.
دور التكنولوجيا الحديثة في رصد الصاعقة الخارقة
اعتمد العلماء في تحليل وتوثيق هذا الحدث الفريد على بيانات القمر الصناعي GOES-16 التابع للإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، والذي استخدم تقنيات تصوير ضوئي متقدمة وخوارزميات تحليل فائقة الدقة، أتاحت تتبع مسار الصاعقة لحظة بلحظة عبر مئات الكيلومترات.
وفي هذا السياق، قال البروفيسور راندال سيرفيني، أستاذ العلوم الجغرافية في جامعة أريزونا والمشرف على الدراسة:"بفضل التكنولوجيا الحديثة، أصبحنا قادرين على تتبع البرق بدقة غير مسبوقة. وربما هناك صواعق أطول لم نكتشفها بعد، لكن بمرور الوقت وتراكم البيانات، سنكون قادرين على توثيقها".
تحذير علمي من خطورة الصواعق العملاقة
إلى جانب إثارتها العلمية، حملت هذه الظاهرة تحذيرًا جديًا حول خطورة البرق الممتد لمسافات شاسعة، حتى خارج نطاق السحب الرعدية. الباحث في الأرصاد الجوية والت ليونز من شركة FMA Research أكد:"الصواعق العملاقة تذكّرنا بأن البرق ليس محدودًا بمساحة السحب. إذا كنت على بُعد 10 كيلومترات أو أقل من منطقة البرق، فقد تكون في دائرة الخطر، حتى دون أن تدرك ذلك".
وأضاف:"لا يُشترط أن تكون أسفل سحابة رعدية حتى تصاب بصاعقة، فقد تنتقل كهربائيًا لمسافات هائلة بشكل مفاجئ ومباغت".
رسالة من الطبيعة: ضرورة احترام قوى الطقس المتطرفة
هذا الحدث اللافت لا يعكس فقط روعة الظواهر الطبيعية، بل يُعد بمثابة تذكير علمي قوي بمدى الحاجة إلى احترام قوى الطبيعة والاستعداد لأي تطرف مناخي. كما أنه يعزز من أهمية الاستثمار في أنظمة الرصد المبكر وتكنولوجيا الأقمار الصناعية لتوقع هذه الظواهر وتحليلها بدقة، لحماية الأرواح والممتلكات.
وبينما تتزايد موجات الطقس المتقلب على مستوى العالم، فإن الصواعق الخارقة من هذا النوع تبرز كجزء من المشهد المتغير للمناخ العالمي، مما يستوجب يقظة علمية ووعي مجتمعي متزايد لمواجهتها بفعالية.
