
في مشهد دبلوماسي لافت يعكس توجهات القاهرة نحو تنويع شراكاتها الدولية وتعميق علاقاتها الآسيوية، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم الثلاثاء، رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية لوونج كوونج في أول زيارة رسمية لرئيس فيتنامي إلى مصر.
خطاب استثنائي من قلب جامعة الدول العربية: فيتنام تدعم فلسطين دون شروط
الزيارة جاءت حافلة بالمباحثات والاتفاقيات التي ترسم ملامح شراكة شاملة بين البلدين، وامتدت لتشمل قضايا إقليمية ودولية، على رأسها القضية الفلسطينية.

استبق الرئيس الفيتنامي لقاءاته الرسمية بإلقاء كلمة هامة داخل جامعة الدول العربية بالقاهرة، عبّر خلالها عن دعم بلاده الثابت لحل الدولتين، وموقفها المبدئي المؤيد لقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، التزامًا بقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي.
وصرّح بوضوح: "فيتنام تعتز بمواقفها المناهضة للاحتلال وداعمة للسلام العادل، ونقدر جهود مصر الكبيرة في الوساطة لإنهاء الحرب في غزة."
قمة مصرية - فيتنامية بقصر الاتحادية: شراكة سياسية واقتصادية وثقافية
خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلن "لوونج كوونج" عن رغبة فيتنام في تطوير العلاقات الثنائية مع مصر إلى مستوى الشراكة الشاملة، مشيرًا إلى أن اللقاء مع الرئيس السيسي كان "ناجحًا للغاية" وتم خلاله الاتفاق على رفع مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية، والتنسيق في المحافل الدولية كالأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز، توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات الدفاع، حفظ السلام، التنمية المحلية، والتعليم، إلى جانب تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، النسيج، وتكنولوجيا المعلومات


هدف اقتصادي طموح: مليار دولار تبادل تجاري قريبًا
أبرز ما خرجت به القمة هو الاتفاق على استهداف حجم تبادل تجاري يصل إلى مليار دولار خلال الفترة المقبلة، إلى جانب تقديم تسهيلات متبادلة لفتح الأسواق أمام المنتجات الزراعية، ودراسة إمكانية دخول شركات فيتنامية السوق المصري في قطاعات الصناعة والتصنيع الزراعي، العمل على تسهيل مشاركة الشركات المصرية في مشروعات تنموية داخل فيتنام
التعاون العلمي والثقافي في الصدارة
وأشار الرئيس الفيتنامي إلى أهمية تعزيز التعاون في المجالات العلمية والتعليمية والثقافية، مؤكدًا أن الابتكار والتكنولوجيا والتعليم سيكونون أحد ركائز هذه الشراكة، وأشاد بالبرامج التعليمية المصرية، وفتح المجال أمام التبادل الطلابي والبحثي.
السيسي: فيتنام شريك مهم.. وتعاوننا نموذج للعلاقات
من جانبه، أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن ترحيبه بالرئيس الفيتنامي، مؤكدًا أن هذه الزيارة تمثل نقطة تحول في العلاقات المصرية - الفيتنامية، وأضاف: "العلاقات بين القاهرة وهانوي تمتد لسنوات من الاحترام المتبادل والدعم في قضايا التحرر والاستقلال، واليوم ننتقل بها إلى مستويات أعمق من التعاون الاقتصادي والثقافي والدولي."
كما أكد الرئيس السيسي أهمية تبادل الخبرات الصناعية والزراعية بين البلدين، مشيرًا إلى أن مصر تدعم كل مساعٍ لتعزيز علاقات التعاون مع الدول الآسيوية الصاعدة.
التوافق في القضايا الدولية: لا للتدخل.. نعم للحلول السلمية
واتفق الجانبان على ضرورة تسوية النزاعات بالوسائل السلمية، ورفض استخدام أو التهديد باستخدام القوة في القضايا الدولية، مؤكدين على احترام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي في إدارة العلاقات الدولية.
شراكة استراتيجية تصنع جسورًا بين القاهرة وهانوي
وتمثل زيارة الرئيس الفيتنامي الأولى لمصر علامة فارقة في مسار العلاقات الثنائية، فهي ليست فقط دبلوماسية بروتوكولية، بل تؤسس لتحالف استراتيجي يقوم على الثقة السياسية، والتكامل الاقتصادي، والتعاون الثقافي والعلمي.
ومن المتوقع أن تفتح هذه الزيارة الباب أمام آفاق جديدة من الاستثمار والتبادل التجاري والعلمي، خاصة أن مصر وفيتنام تشتركان في طموح بناء نموذج تنموي مستقل ومتوازن يخدم شعبيهما، ويُسهم في دعم قضايا العدالة الدولية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية