أفادت بوابة الصحة “جيزوند بوند.دي” الألمانية بأن الصدفية تعد مرضا جلديا مزمنا غير معدٍ.
وأفاد خبراء المجلة المتخصصة في الأخبار الطبية بأن المرض يتسم بظهور بقع حمراء متقشرة غالبًا ما تكون مصحوبة بحكة شديدة، وتتطور الصدفية عادة في شكل نوبات متقطعة، حيث تتناوب فترات نشاط المرض الحاد مع فترات قد تكون الأعراض فيها خفيفة أو غائبة تماما.
ورغم أن بعض المرضى يتأقلمون مع المرض ولا يشعرون بتأثير كبير على حياتهم اليومية، إلا أن آخرين يعانون من عبء نفسي وجسدي شديد نتيجة الأعراض الظاهرة ومتطلبات العناية المستمرة بالبشرة.
وتتجلى الصدفية في أشكال متعددة، أكثرها ظهورا هو الصدفية الشائعة، التي تظهر على شكل بقع حمراء محددة الحواف ومغطاة بقشور فضية لامعة تعرف باللويحات، وتظهر هذه اللويحات غالبا بشكل متناظر على جانبي الجسم، مثل المرفقين أو الركبتين، وقد تصاحبها حكة شديدة، خاصة أثناء النوبات النشطة.
وفي بعض الأحيان تؤدي الحكة المتكررة إلى تهيج إضافي في الجلد وظهور شقوق مؤلمة، خصوصا في اليدين والقدمين، تصبح أكثر إيلاما عند الحركة أو ملامسة المواد المهيجة.
ويمكن أن تمتد الصدفية لتصيب الأظافر أيضًا فيما يعرف بالصدفية الظفرية، حيث تظهر حفر صغيرة في الأظافر، أو تصبح سميكة وذات لون أصفر بني، وفي بعض الحالات قد تنفصل عن الجلد.
وهناك أشكال أخرى للصدفية أقل شيوعا، مثل الصدفية العكسية التي تصيب طيات الجسم الرطبة كالإبطين والأربية وتحت الثديين، حيث تكون القشور قليلة بسبب الرطوبة المستمرة، والصدفية البثرية التي تتميز بظهور بثور صغيرة مليئة بالقيح غير المعدي، والتي قد تظهر وحدها أو مع الصدفية الشائعة.
وتصيب الصدفية النقطية الأطفال والمراهقين بشكل خاص، وتظهر فجأة بعد عدوى بالمكورات العقدية على هيئة طفح جلدي نقطي واسع الانتشار، وقد تختفي خلال أسابيع أو أشهر، لكنها أحيانا تعود أو تتحول إلى الشكل الشائع.
وتنتج الصدفية عن تفاعل مناعي ذاتي معقد، حيث يفرز الجهاز المناعي مفرط النشاط مواد التهابية تؤدي إلى تكاثر سريع وغير طبيعي لخلايا البشرة بمعدل أسرع بعشر مرات من الطبيعي، ما يجعل الطبقة القرنية تتراكم قبل أن تتساقط بشكلها المعتاد، هذا التسارع يسبب سماكة الجلد وظهور القشور، بينما يؤدي الالتهاب وزيادة التروية الدموية إلى احمرار المناطق المصابة.
ويُعد العامل الوراثي أبرز أسباب المرض، حيث ترتفع احتمالية إصابة الأبناء في حال إصابة أحد الوالدين إلى 15%، وتصل إلى 40% إذا كان كلا الوالدين مصابا.
ويؤكد الأطباء أن مسار المرض غير متوقع؛ إذ قد تتناوب فترات النشاط الشديد مع فترات هدوء شبه تام، بينما يعاني بعض المرضى من أعراض مستمرة وشديدة لفترات طويلة.
وتوجد عوامل عديدة قد تحفز النوبات أو تزيد شدتها، مثل الحروق الشمسية، أو الاستحمام بماء شديد السخونة، أو الجروح السطحية أو الوشم وثقب الجسم، إضافة إلى الضغوط النفسية والعدوى والتدخين والكحول وبعض الأدوية كأدوية الملاريا.
ويعتمد تشخيص الصدفية غالبا على الفحص السريري للأعراض الجلدية المميزة، وفي الحالات الملتبسة يمكن فحص عينة من الجلد أو الأظافر لاستبعاد العدوى الفطرية، كما يتم تقييم شدة المرض حسب نسبة مساحة الجلد المصابة وتأثير الأعراض على جودة الحياة.
ولا يوجد علاج شافٍ للصدفية حتى الآن، لكن يمكن السيطرة على الأعراض بفعالية من خلال العناية اليومية بالبشرة باستخدام مراهم وكريمات مرطبة ودهنية، والعلاجات الموضعية بالكورتيزون أو نظائر فيتامين “D3″، إضافة إلى العلاج بالضوء باستخدام الأشعة فوق البنفسجية لإبطاء تكاثر الخلايا وتقليل الالتهاب، وفي الحالات المتوسطة إلى الشديدة، يمكن اللجوء إلى العلاجات الجهازية الفموية.
ويمثل التعايش مع الصدفية تحديا كبيرا لكثير من المرضى؛ إذ قد تتسبب الحكة الليلية وقلة النوم والإرهاق المستمر في تدهور جودة الحياة، كما يعاني بعضهم من وصمة اجتماعية نتيجة الاعتقاد الخاطئ بأن المرض معدٍ، ما يدفعهم أحيانا إلى العزلة أو تجنب الأنشطة الاجتماعية اليومية.
ويؤكد الأطباء أن الدعم النفسي ومجموعات المساندة، إلى جانب التواصل مع مرضى آخرين لديهم تجارب مماثلة، أمور تساعد في تحسين التكيف النفسي وتخفيف العبء العاطفي الناتج عن المرض.