في موقف نادر يعكس حجم الصدمة المتزايدة داخل بعض الأوساط الثقافية الإسرائيلية، وصف الكاتب الإسرائيلي البارز ديفيد جروسمان الحملة العسكرية التي تشنها بلاده على قطاع غزة بأنها "إبادة جماعية"، مؤكدًا أنه استخدم هذا المصطلح "بقلب مكسور"، بعد سنوات من تجنّب النطق به.
وفي مقابلة مع صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، نقلت عنها الجارديان، قال جروسمان: "ترددت طويلًا في استخدام هذا التعبير، لكن الصور التي شاهدتها، وما سمعته من شهود عيان، جعلتني مضطرًا للتسمية".
وأضاف: "كلمة إبادة جماعية تشبه الانهيار الجليدي، تبدأ صغيرة لكنها تتضخم وتُحدث دمارًا هائلًا".
وتعكس تصريحات جروسمان حجم الانقسام المتنامي داخل إسرائيل بشأن السلوك العسكري في غزة، خاصة أنها تأتي من كاتب يحظى باحترام واسع داخل الأوساط الأدبية والسياسية.
تصريحات جروسمان جاءت بعد أيام من إعلان منظمتي "بتسيلم" و"عدالة"، وهما من أبرز منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل، وصفهما للوضع في غزة بأنه يرقى إلى "الإبادة الجماعية"، وسط تصاعد التحذيرات الدولية من مجاعة شاملة داخل القطاع المحاصر.
الاحتلال أصل الكارثة
وفي مقابلة أخرى مع "ذا أراب ويكلي"، أكد جروسمان أن الاحتلال هو ما "أفسد إسرائيل"، معتبرًا أن "لعنة إسرائيل بدأت عام 1967"، حين احتلت أراضي الفلسطينيين.
وأضاف أنه يشعر بـ"الصدمة" من ربط اسم إسرائيل بالمجاعة، خاصة في ظل التاريخ اليهودي الطويل مع الجوع والاضطهاد، ما يفاقم من وقع الكارثة الأخلاقية والرمزية.
دعم لاعتراف أوروبي بفلسطين
ولم يتوقف حديث جروسمان عند نقد الحملة العسكرية، بل امتد إلى دعم فكرة اعتراف دول كفرنسا وبريطانيا بدولة فلسطين، معتبرًا إياها "فكرة جيدة لا تستدعي هستيريا".
وأعاد التأكيد على تمسكه بحل الدولتين، قائلًا إنه "لا توجد خطة أخرى"، وإن هذا الحل يتطلب "نضجًا سياسيًا حقيقيًا من الطرفين"، بما في ذلك الاعتراف بالواقع المعقّد على الأرض.
جائزة إسرائيل وصوت للسلام
ويُعد ديفيد جروسمان من أبرز الكُتّاب في إسرائيل وأكثرهم جرأة في انتقاد سياسات بلاده، وقد نال "جائزة إسرائيل للأدب" عام 2018.
وخلال العقود الماضية، برز كأحد الأصوات القليلة التي دعت بوضوح إلى إنهاء الاحتلال ودعم مسار السلام، وسط تصاعد أصوات اليمين المتطرف في المشهد السياسي الإسرائيلي.