تسود حالة من الغموض الأوساط الاقتصادية والسياسية في اليابان، في ظل الترقب لموعد تنفيذ الاتفاق التجاري الذي تم التوصل إليه مؤخرًا مع الولايات المتحدة، والذي ينص على خفض الرسوم الجمركية على واردات السيارات وقطع الغيار اليابانية. وفي الوقت الذي تواجه فيه حكومة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا ضغوطًا متزايدة لإنعاش الاقتصاد، تزداد المخاوف من أن التأخير في تطبيق هذا الاتفاق قد يُفاقم حالة الهشاشة التي يعاني منها ثاني أكبر اقتصاد في آسيا.
وقال إيشيبا، خلال جلسة في البرلمان اليوم الإثنين، إن حكومته مستعدة لإعداد ميزانية إضافية لمواجهة التأثيرات السلبية الناجمة عن الرسوم الجمركية الأمريكية، موضحًا أن أي قرار بهذا الشأن سيأخذ في الاعتبار المشاورات الجارية مع أحزاب المعارضة، التي تطالب بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الإنفاق وتقليص الضرائب.
وأضاف رئيس الوزراء الياباني أن الحكومة ستتخذ الإجراءات اللازمة "إذا لزم الأمر"، في إشارة إلى إمكانية تقديم مشروع ميزانية إضافية خلال الجلسة الاستثنائية للبرلمان المتوقع عقدها في سبتمبر المقبل.
ويأتي هذا التوجه وسط تداعيات اقتصادية وسياسية متلاحقة، حيث مُني حزب إيشيبا بخسارة كبيرة في انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة، ما زاد من الضغوط على حكومته للاستجابة لدعوات المعارضة بإجراءات اقتصادية أكثر جرأة، مثل خفض ضريبة المبيعات أو إلغائها.
وبحسب الاتفاق التجاري المبرم الشهر الماضي مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن الولايات المتحدة وافقت مبدئيًا على خفض الرسوم الجمركية المفروضة على واردات السيارات اليابانية من 25% إلى 15%، إلى جانب إعفاءات على بعض السلع الزراعية والسلع الإلكترونية. غير أن الاتفاق لم يتضمن جدولًا زمنيًا دقيقًا لتطبيق هذه التخفيضات، وهو ما يُبقي على حالة عدم اليقين في أوساط المصنعين والمصدرين اليابانيين.
وفي هذا السياق، توقّع محللون اقتصاديون أن تضطر الحكومة اليابانية إلى تخصيص ميزانية إضافية قد تصل إلى 10 تريليونات ين (نحو 67.68 مليار دولار)، وذلك لدعم الصادرات واحتواء آثار التباطؤ في الاستهلاك المحلي، الناجم جزئيًا عن ارتفاع أسعار الغذاء واستمرار ضريبة المبيعات عند مستوى 10%.
ورغم المطالب المتزايدة من المعارضة بتخفيض أو إلغاء هذه الضريبة، التي تستثني المواد الغذائية بنسبة 8%، إلا أن إيشيبا يرفض حتى الآن الإقدام على هذه الخطوة، مبررًا موقفه بالحاجة إلى تمويل متطلبات الرعاية الصحية والاجتماعية في بلد يشهد واحدة من أسرع معدلات الشيخوخة السكانية في العالم.
ويُشار إلى أن اليابان تمتلك أعلى نسبة دين عام بين الاقتصادات الكبرى، إذ تتجاوز ديونها 250% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يثير قلق الأسواق الدولية، خاصة في ظل الاتجاه المحتمل لبنك اليابان نحو رفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ سنوات.
وفي ظل هذه المعطيات، تبقى أعين المستثمرين معلّقة على تفاصيل تطبيق الاتفاق التجاري مع واشنطن، الذي قد يُعيد بعض الزخم لصادرات السيارات اليابانية، ولكن ما لم يتحول الاتفاق إلى خطوات عملية، فإن الغموض سيظل يخيّم على مستقبل الاقتصاد الياباني القائم أساسًا على التصدير.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.