وصل المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى الشرق الأوسط لتقييم الوضع المأساوي الذي يعصف بالسكان في قطاع غزة.
ويهدف ويتكوف، وهو مسؤول بارز في الدبلوماسية الأمريكية منذ تولت إدارة دونالد ترامب السلطة في واشنطن في يناير الماضي، برفقة السفير الأمريكي في تل أبيب مايك هاكابي، إلى وضع استراتيجية شاملة ودقيقة لتوصيل كميات إضافية من المواد الغذائية والإغاثة إلى سكان القطاع الذين يواجهون ما تصفه المنظمات الدولية بأنه مجاعة شاملة تلوح في الأفق.
جاءت هذه الزيارة بعد تصريح قوي ومباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عبر من خلال منصته الاجتماعية "تروث سوشيال" عن قلقه العميق إزاء التدهور المتسارع للوضع الإنساني، مؤكدًا رغبته الشديدة في ضمان وصول الطعام إلى كل محتاج في أقرب وقت ممكن، وداعيًا في الوقت ذاته إلى إطلاق سراح الرهائن كوسيلة سريعة لإنهاء هذه الأزمة المستمرة.
ووفقًا لصحيفة "الإندبندنت" البريطانية، سيقدمان تقريرًا مفصلًا لترامب فور انتهاء مهمتهما للمصادقة على خطة نهائية وشاملة لتوزيع المساعدات الغذائية والإنسانية في جميع أنحاء المنطقة، مما يعكس الأهمية البالغة لهذه الزيارة في سياق الجهود الدولية.
تأتي زيارة ستيف ويتكوف في ظل ضغوط دولية متزايدة بشكل ملحوظ على الحكومة الإسرائيلية، وهي الزيارة الثانية المعلنة له منذ يناير الماضي، عندما ساد وقف إطلاق نار قصير الأمد استمر حتى منتصف مارس قبل أن تعاود الاشتباكات العنيفة.
شهدت الساعات الأخيرة تصاعدًا كبيرًا في التوترات، حيث دوت صفارات الإنذار العسكرية في المناطق الإسرائيلية القريبة من غزة، مما دفع جيش الاحتلال إلى إطلاق صاروخ اعتراضي في محاولة للتصدي لما اعتُقد أنه تهديد محتمل. لكن الجيش أعلن لاحقًا أن الإنذار كان كاذبًا ولم يُرصد أي خطر حقيقي، مما زاد من حالة الارتباك وسط الأحداث الجارية.
في الوقت نفسه، تعهدت فرنسا بخطوة دبلوماسية بارزة، حيث أعلن وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو عن خطة لإرسال أربع رحلات جوية محملة بعشرة أطنان من المساعدات الإنسانية عبر الأردن، مشيرًا إلى أن هذه الجهود، رغم طابعها الطارئ، لا تزال غير كافية لمواجهة الوضع المأساوي الذي يعيشه السكان، مع استمرار الاشتباكات العسكرية وتأكيد مصادر محلية لسقوط عشرات الضحايا يوميًا في القصف المستمر.
تحولت الوضعية الإنسانية في غزة إلى حالة من الفوضى الشاملة، خاصة مع اعتماد عمليات إلقاء المساعدات جوًا كوسيلة أساسية للوصول إلى السكان، مما أدى إلى خلق مشاهد يأس مروعة.
وثقت لقطات مصورة أهالي يهرعون بجنون لانتزاع الشحنات المرمية عبر المظلات في منطقة الزوايدة وسط القطاع، مما تسبب في مشاجرات عنيفة وحتى استخدام السكاكين في التنافس على المواد الغذائية، كما عبر أحد السكان المحليين أمير زقوت عن معاناته قائلًا إن "الجوع جعل الناس يتصارعون ضد بعضهم البعض في مشهد مؤلم".
وفي مستشفى الشفاء شمال غزة، ازدحمت ثلاجات حفظ الجثث بجثامين عشرات الرجال الذين قتلوا برصاص القناصة أثناء انتظارهم شاحنات المساعدات، حسب روايات عائلاتهم التي أضافت بُعدًا إنسانيًا مأساويًا، مما يبرز العاجلية القصوى لمهمة ويتكوف الذي سيقود حوارات مباشرة مع السكان لفهم تفاصيل معاناتهم بشكل أعمق وأكثر دقة.
على الصعيد السياسي، يظهر اختلاف جديد في المواقف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، حيث يواجه نتنياهو ضغوطًا داخلية هائلة من عائلات الرهائن الذين نظموا مظاهرات مستمرة أمام مكتبه للمطالبة باتفاق شامل يضمن تحرير 49 أسيرًا باقين، من بينهم 27 أعلن الجيش الإسرائيلي وفاتهم رسميًا.
أثار نشر فيديو صادم من قبل مجموعة مسلحة يظهر فيه الرهينة الإسرائيلي-الألماني روم براسلافسكي، البالغ من العمر 21 عامًا، وهو يتوسل للإفراج عنه، جدلًا واسعًا، رغم عدم القدرة على التحقق من صحته أو تاريخ تصويره.
وارتفعت حصيلة الشهداء الفلسطينيين إلى 60،249 وفق إحصاءات السلطات المحلية، مما يزيد تعقيد الوضع الإنساني والسياسي في المنطقة بشكل متزايد.
على المستوى الدولي، أثارت الأزمة موجة من الانتقادات الحادة، حيث حذر وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو ووزير خارجية ألمانيا يوهان فاديفول من الوضع المتدهور.
أكد فاديفول، بعد لقاءه بمسؤولين إسرائيليين، أن الكارثة الإنسانية في غزة تتجاوز حدود الخيال، داعيًا إلى تسريع إيصال المساعدات الغذائية والطبية بأمان لتجنب وقوع وفيات جماعية ناجمة عن الجوع الشديد.
وأشار إلى أن إسرائيل قد تجد نفسها في عزلة دولية مع تزايد عدد الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا التي تُعتبر حليفًا تقليديًا، التي تبحث عن الاعتراف بدولة فلسطينية دون شروط مسبقة، مؤشرًا إلى تحول كبير في المواقف الدبلوماسية وسط استمرار الحرب وتفاقم معاناة السكان.
