تُعد العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من الركائز الاستراتيجية الأساسية في السياسة الخارجية الأمريكية، وتقدم واشنطن دعمًا عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا غير محدود لتل أبيب.
ويشمل هذا الدعم مساعدات عسكرية سنوية تتجاوز 3.8 مليار دولار، بما في ذلك تمويل أنظمة دفاعية متطورة مثل القبة الحديدية، بالإضافة إلى دعم دبلوماسي قوي في الأمم المتحدة من خلال استخدام حق النقض (الفيتو) لحماية إسرائيل من الانتقادات الدولية. ومع ذلك، فقد كشفت الأحداث الأخيرة، خاصة الهجوم الإسرائيلي على إيران في يونيو 2025، الذي استمر 12 يومًا بدعم أمريكي مباشر عبر قاذفات B-2 التي استهدفت مواقع نووية مثل فوردو ونطنز وأصفهان، عن مخاطر هذا الدعم. هذا التدخل، الذي تضمن دعمًا لوجستيًا واستخباراتيًا أمريكيًا، يتعارض مع مبدأ "أمريكا أولًا" الذي روج له الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي يركز على تجنب التدخلات الخارجية المكلفة وإعطاء الأولوية للاحتياجات المحلية، وفقًا لصحيفة ميدل إيست مونيتور اللندنية.
وقد أثار هذا الدعم غير المشروط لإسرائيل، الذي شمل إمدادها بأكثر من 10،000 قنبلة شديدة الانفجار خلال الصراع في غزة، موجة من الانتقادات واسعة النطاق بسبب الخسائر البشرية الكبيرة والدمار الناجم.
وأكد الخبراء أن الهجوم على إيران، الذي هدف إلى إضعاف برنامجها النووي المدني وتغيير التوازن الإقليمي لصالح إسرائيل، يتناقض مع تقييمات الاستخبارات الأمريكية التي أكدت توقف إيران عن برنامجها للأسلحة النووية منذ عام 2003. ومع ذلك، شاركت الولايات المتحدة مباشرة في الهجمات، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت السياسة الخارجية الأمريكية تخدم المصالح الوطنية أم تتماشى مع أهداف إسرائيل الاستراتيجية. هذا الوضع أدى إلى استياء داخلي بين قاعدة ترامب الشعبية (MAGA)، حيث انتقد شخصيات بارزة مثل ستيف بانون وتاكر كارلسون هذا التدخل، معتبرين إياه خيانة لوعود ترامب بتجنب الحروب الخارجية، مما أدى إلى احتجاجات شعبية في مدن مثل نيويورك وانقسامات سياسية قبيل انتخابات التجديد النصفي.
ولعبت صناعة الأسلحة الأمريكية دورًا بارزًا في هذا الصراع، فاستفادت شركات تصنيع الأسلحة من بيع الأسلحة المتطورة، مثل القنابل الموجهة المستخدمة في استهداف المنشآت الإيرانية تحت الأرض. هذه الصناعات، التي تحقق أرباحًا ضخمة، تدفع باتجاه توسيع الميزانية العسكرية الأمريكية، بينما تظل الأولويات المحلية مثل الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية مهملة. وهذا النمط يعكس تأثير لوبيات الأسلحة على صنع القرار في واشنطن، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت السياسة الخارجية الأمريكية تخدم مصالح المواطنين أم مصالح نخبة محددة.
وإقليميًا، أدت مشاركة الولايات المتحدة إلى تصعيد التوترات، حيث هددت إيران بالرد على القواعد الأمريكية، ووضعت حلفاء الخليج في موقف محرج، بينما تفاقمت معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال نتيجة القمع الإسرائيلي المتزايد في الضفة الغربية.
وأضاف الخبراء أن تشابه هذا التدخل مع كارثة حرب العراق عام 2003 يثير قلقًا كبيرًا، حيث تكرر الولايات المتحدة أخطاء الماضي بتجاهل تقييمات استخباراتية واتخاذ قرارات دون موافقة الكونجرس. هذا النهج يعرض المصالح الأمريكية للخطر، حيث يهدد بإهدار الموارد وإلحاق الضرر بالسمعة الدولية.