قضت محكمة النقض بإلغاء حكم صادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، أيّد حكما ابتدائيا قضى بأداء مشغلة تعويضات عدة لفائدة أجير رئيس فريق مندوب للأجراء تمّ فصله عن العمل، معللة بأن “القرار المطعون فيه خرق القانون الداخلي”، وأن مطالبة الأجير بالتعويضات عن عقد الشغل، قبل النتيجة النهائية للنزاع الإداري، “سابقة لأوانها”، لأن العقد “يبقى معلقا خلال هذه الفترة”.
وأفاد المصدر نفسه بأن المعني بالأمر حكم له ابتدائيا بمجموعة من التعويضات، وأيدت محكمة الاستئناف بالرباط هذا القرار، لتتقدم بعد ذلك المشغلة بالنقض فيه.
وعابت الطاعنة/الطالبة على القرار المطعون فيه، “خرق القانون الداخلي، ونقصان التعليل الموازي لانعدامه من خلال اعتبار توقيف مندوب الأجراء إلى حين البت في دعوى الإلغاء المرفوعة ضد قرار مفتش الشغل برفض الموافقة على مقرر الفصل في إطار المادة 457 من مدونة الشغل بمثابة فصل تعسفي”.
وأوضحت أنها لم تقم مطلقا بفصل المطلوب في النقض بداية، وإنما قامت بتوقيفه عن العمل فقط، وأنها لم تصدر القرار بفصله إلا بمجرد صدور قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، القاضي بتأييد الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية الإدارية بالدار البيضاء، الذي قضى بإلغاء القرار المذكور لمفتش الشغل.
كما جادلت المشغلة بأن قرار التوقيف الذي أصدرته في حق الأجير، “قرار مؤقت في انتظار مآل مسطرة الطعن القضائي الرامي إلى إلغاء القرار الصادر عن مفتش الشغل”، مشددة على أن هذا التوقيف كان بمدة معلومة، وهي التاريخ الذي سيصدر فيه مقرر الإلغاء”.
وأوضحت أن “ممارستها لحقها في الطعن ضد قرار مفتش الشغل وتوقيف الأجير إلى حين صدور قرار نهائي، لا يمكن أن تعتبر فصلا تعسفيا”.
في هذا الصدد، ثبت لمحكمة النقض “صحة ما نعاه الطاعن على القرار المطعون فيه”، موضحة أن الثابت أن “الطالبة قبل إقدامها على فصل المطلوب في النقض (…) سلكت الإجراءات المسطرية المنصوص عليها في مدونة الشغل، وعلى الخصوص المادة 459 التي تخص الفصل النهائي لمندوب الأجراء”.
وأكدت أن المشغلة لم تقم بفصل الأجير “بتاريخ 2022/12/19، “وإنما قامت بتوقيفه عن العمل مؤقتا في انتظار مال مسطرة الطعن القضائي الرامي إلى إلغاء القرار الصادر عن مفتش الشغل”، الذي رفض الموافقة على طلبها بفصل المطلوب في النقض.
التعويضات سابقة
عدّت المحكمة أن “سلوك الطالبة لهذا الإجراء الأخير بطعنها في قرار مفتش الشغل أمام المحكمة الإدارية يجعل مطالبة الأجير بالتعويضات المترتبة عن عقد الشغل، سواء التعويضات المتعلقة بالأجرة عن فترة التوقف أو تلك المترتبة عن المسؤولية التقصيرية للمشغلة، سابقة لأوانها، على اعتبار أنها تبقى رهينة ومتوقفة على النتيجة التي سيؤول إليها القرار الإداري”.
وتابع المصدر نفسه أن “عقد الشغل يبقى معلقا خلال هذه الفترة إلى حين انتهاء التقاضي أمام المحكمة الإدارية”.
واستحضرت محكمة النقض أن توقيف الأجير عن العمل كان لهذا السبب، وأنه “تم في إطار مقتضيات الباب الثالث من مدونة الشغل، ولا علاقة له بمدة التوقيف المحددة في المادة 37 من مدونة الشغل التي تخص العقوبة التأديبية المنصوص عليها في الفرع الثاني من الباب الخامس من القسم الأول من المدونة”.
ولذلك، رأت محكمة النقض أن محكمة الاستئناف “لما نحت خلاف ذلك، واعتبرت أن المطلوب تعرض لفصل تعسفي، والحال أنه كان موقوفا عن العمل مؤقتا، وأن هذا التوقيف مقرون بانتهاء أمام المحكمة الإدارية (…) يكون قرارها مشوبا بخرق المقتضيات القانونية المستدل بها، ومعللا تعليلا ناقصا موازيا لانعدامه”.
ومن جهة ثانية، تضيف المحكمة، فإن “الطالبة بمقتضى مذكرة بيان أوجه الاستئناف، استأنفت الحكم الابتدائي أيضا في شقه المتعلق برفض طلبها المضاد، وأن المحكمة أغلقت البت في هذا الاستئناف ولم ترد بما تراه قبولا أو رفضا؛ مما يجعل قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه (…) مما يتعين معه نقضه (قرار الاستئناف) وبغض النظر عما أثير بالوسيلة الثالثة”.
يشار إلى أن النزاع الإداري بدأ أساسا، وفق المشغلة، بعد تأسيس الأجير “لشركة منافسة بتواطؤ مع زميل له في العمل”، ما اعتبرته خرقا لواجب الأمانة والإخلاص.