رفضت محكمة بلغارية مؤخرا طلباً برفع تدابير الاحتجاز رهن التحقيق (الاعتقال الاحتياطي) أو الإفراج بكفالة عن شقيقين سوريين متهمين بالتورط في اختطاف وتعذيب مواطنين مغربيين (رجل وامرأة) في مدينة هارمانلي أواخر العام الماضي، بمشاركة أشخاص آخرين لم تُحدد هويتهم بعد، في قضية حظيت باهتمام واسع من وسائل إعلام محلية.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى أواسط ماي الماضي، حين أعلنت وزارة الداخلية البلغارية، ضمن بلاغ لها، أن المديرية العامة لمكافحة الجريمة المنظمة أطاحت بأفراد عصابة إجرامية يُشتبه في تورطها في اختطاف واحتجاز مهاجرين غير نظاميين في بلغاريا بهدف الحصول على فدية من عائلاتهم.
وحسب البلاغ ذاته فقد أسفرت هذه العملية، التي نُفذت تحت إشراف النيابة العامة في محافظة “خاسكوفو”، عن اعتقال ثلاثة أشخاص، وُجّهت لاحقاً التهم إلى اثنين منهم بالاختطاف، وأحدهما كذلك بتهمة الاغتصاب، بموجب المادتين 142 و152 من قانون العقوبات البلغاري، مُشيراً إلى أن من ضمن المتهمين في هذه القضية مواطنين سوريين يبلغان من العمر 24 و32 سنة، تم وضعهما تحت تدابير الحراسة النظرية بناءً على أمر من النيابة، في انتظار تقديم طلب لإبقائهما رهن الاحتجاز على ذمة التحقيق.
وحسب الداخلية البلغارية فإن ضحيتي هذه الأفعال الجرمية هما رجل وامرأة يحملان الجنسية المغربية، يبلغان من العمر 33 و32 عاماً، ودخلا بلغاريا بطريقة غير قانونية وبدون وثائق، وكانا يقيمان في مركز للاستقبال بمدينة هارمانلي، مشيرة إلى أن “المشتبه فيهم كانوا حصلوا مسبقاً على معلومات تفيد بأن الضحيتين يملكان أموالاً مهمة ويرغبان في عبور الحدود إلى صربيا”.
تبعاً لذلك أقدم المشتبه فيهم على اختطاف المواطنين المغربيين في دجنبر الماضي، ليتم نقلهما إلى مكان احتُجزا فيه وتعرضا للتعذيب بطريقة وحشية لعدة أيام؛ كما قام الخاطفون بالتقاط صور ومقاطع فيديو لهما بغرض ابتزاز عائلتيهما في المغرب للحصول على مبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهما.
وكشفت التحقيقات عن تحديد جميع المتورطين في هذه الجرائم، بمن فيهم الخاطفون والحراس الذين تولوا مراقبة الضحيتين أثناء احتجازهما. كما كشفت عملية التنقيط الأمني التي أُجريت للمشتبه فيهم أن بعضهم شاركوا في السنوات الأخيرة في عمليات لتهريب مهاجرين غير نظاميين من تركيا عبر بلغاريا إلى أوروبا الغربية.
وأجرت الشرطة البلغارية تفتيشاً دقيقاً للأماكن التي استُعملت في احتجاز وتعذيب الضحيتين المغربيتين، من بينها منزل مهجور في قرية “بلغارين” التابعة لبلدية “هارمانلي”. كما جرت عمليات تفتيش لخمسة ممتلكات مرتبطة بالموقوفين، حيث صودرت هواتف محمولة تحتوي على بيانات تتعلق بنشاط المجموعة، إضافة إلى أدلة مادية أخرى تخص التحقيق الجاري. وقد استُمع إلى عدد من الأشخاص بصفتهم شهوداً، ومازالت التحقيقات مستمرة.
وقرر القضاء الابتدائي البلغاري وضع المواطنين السوريين المشتبه فيهما الرئيسيين في هذه القضية تحت تدابير الاعتقال الاحتياطي إلى حين استكمال التحقيقات الجنائية والكشف عن باقي المتورطين في هذه الأفعال الجرمية، وهو القرار الذي استأنفه دفاع المتهمين أمام محكمة درجة ثانية، رفضت تعديل هذا الإجراء الوقائي، على اعتبار أن المتهمين يشكلان خطراً على النظام، وسبق أن أُدين أحدهما في قضايا تتعلق بتهريب البشر عبر الحدود.
وإلى جانب تهمة الاختطاف والاحتجاز والابتزاز يواجه أحد الشقيقين السوريين، البالغ من العمر 24 سنة، اتهامات أخرى باغتصاب المواطنة المغربية التي جرى احتجازها لمدة 12 يوماً متواصلة في الفترة ما بين 16 و28 دجنبر الماضي، حيث قام بمُواقعتها باستخدام العنف والتهديد.
وكان محامو المشتبه فيهما دفعوا بأن أحد الموقوفين يعاني من مشاكل صحية داخل السجن، وطالبوا بإجراء خبرة طبية لإثبات ذلك، غير أن القضاء رفض هذه الطلبات، مؤكداً أن المعني بالأمر خضع لفحص طبي وتم وصف العلاج المناسب له. كما طالب المحامون باتخاذ إجراءات بديلة عن الاعتقال الاحتياطي، كالإقامة الجبرية أو الإفراج مقابل كفالة مالية، لكن النيابة العامة عارضت ذلك بشدة.
ويواجه المتهمان السوريان، إذا ثبتت إدانتهما بالأفعال الجرمية التي يُتابعان بشأنها، عقوبات سجنية تتراوح بين 7 و15 سنة بتهمة الاختطاف والاحتجاز والابتزاز، وما بين عشر وعشرين سنة بتهمة الاغتصاب، وهي الجريمة التي يُعاقب مرتكبوها بموجب قانون العقوبات البلغاري بمدد سجنية طويلة، خاصة في حال اقترانها بظروف التشديد، كالعنف أو تكرار الفعل أو إذا كانت الضحية قاصراً أو في حالة ضعف جسدي أو نفسي.