في قلب أعماق البحر المتوسط، وعلى مشارف السواحل المصرية الشمالية، يستعد حقل البرلس للغاز الطبيعي للانبعاث من جديد بحلة إنتاجية متطورة فبين استثمارات بالمليارات وتكنولوجيا حديثة وأعمال تنموية مكثفة، يتحول الحقل العملاق إلى نقطة ارتكاز جديدة في استراتيجية مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، ليس مجرد حقل ينتج الغاز، بل قصة طموح تعيد كتابة مستقبل الطاقة في البلاد، في ظل شراكات عالمية ورؤية حكومية شاملة تهدف لتعظيم الموارد وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
تعيش منطقة البرلس في مصر مرحلة جديدة من التطوير والإنتاج الغازي، إذ يشهد الحقل الضخم – الواقع ضمن امتياز غرب دلتا النيل – تحركًا واسعًا لتعزيز قدراته الإنتاجية والوصول إلى معدلات غير مسبوقة.
5 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي
وتشير التقديرات إلى أن احتياطيات الحقل المؤكدة تصل إلى ما يقارب 5 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، إلى جانب 55 مليون برميل من المكثفات، ما يجعله من بين أهم الحقول الاستراتيجية للغاز في مصر.
وتتولى شركتا "شل" البريطانية و"بتروناس" الماليزية أعمال التطوير ضمن خطتين رئيسيتين، هما المرحلتان العاشرة والحادية عشرة، باستثمارات مشتركة تلامس 575 مليون دولار.
55 مليون برميل من المكثفات
وتستهدف هذه الخطط حفر 6 آبار جديدة، من المتوقع أن تضيف 300 مليون قدم مكعبة من الغاز يوميًا، إلى جانب 500 برميل من النفط المكافئ، مما يعزز إنتاج الحقل ويسهم في تقليل فجوة الاستهلاك المحلي.
وبحسب تقارير وزارة البترول، ارتفع متوسط إنتاج حقل البرلس خلال عام 2024 إلى 235 مليون قدم مكعبة يوميًا، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 107% مقارنة بعام 2022، وتعمل الشركات حاليًا على تطوير نماذج دقيقة لمحاكاة المكامن وتحليل خصائصها، لا سيما في منطقة "9-ب"، التي أسهمت سابقًا في تحقيق قفزات إنتاجية.
تاريخيًا، كان الحقل ينتج نحو 450 مليون قدم مكعبة يوميًا في عام 2014، كما وصل الإنتاج في عام 2016 إلى 526 مليون قدم مكعبة، لكن لاحقًا، واجه انخفاضًا طبيعيًا في الإنتاج بسبب تقادم الآبار، ما تطلب ضخ استثمارات جديدة وتطويرات مستمرة.
إنشاء بنية تحتية متكاملة وخطوط أنابيب جديدة لربط الآبار
وفي هذا السياق، شملت المرحلة "9 ب" استثمارات بقيمة 500 مليون دولار، تضمنت إنشاء بنية تحتية متكاملة وخطوط أنابيب جديدة لربط الآبار، خاصة تلك الواقعة في المياه العميقة بعمق يصل إلى 660 مترًا تحت سطح البحر.
تغطية احتياجات السوق المحلية
ومع دخول 70 بئرًا حيز التشغيل حاليًا ضمن الامتياز البحري، تُعد هذه التطورات جزءًا من خطة الدولة الكبرى لزيادة صادرات الغاز، وتغطية احتياجات السوق المحلية، وتعزيز الدور المصري كمحور إقليمي للطاقة.
