استهلاك الغاز في اليونان يقفز 19% مخالفًا التزامات الاتحاد الأوروبي

ارتفع استهلاك الغاز في اليونان بقطاع توليد الكهرباء بصورة مفاجئة خلال 12 شهرًا ممتدة حتى مارس/آذار 2025، بخلاف الخطة المتفق عليها لخفض الاستهلاك في الاتحاد الأوروبي.

وبحسب تقرير تحليلي حديث –حصلت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرها واشنطن)- سجل استهلاك اليونان للغاز الطبيعي قفزة كبيرة ومفاجئة بنسبة 19% خلال المدة من أبريل/نيسان 2024 إلى مارس/آذار 2025.

وكان استهلاك الغاز في اليونان قد انخفض بنسبة 23% بين أغسطس/آب 2022 ومارس/آذار 2023، كما تراجع بنسبة 9% بين أبريل/نيسان 2023 ومارس/آذار 2024.

وجاء ذلك في إطار خطة الاتحاد الأوروبي المعلنة في مايو/أيار 2022، والمعروفة باسم "REPower EU"، وهي خطة تستهدف إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027، عبر تنويع مصادر الطاقة وتسريع نشر الطاقة المتجددة.

وفي إطار هذه الخطة، وافقت الدول الأعضاء على مقترحات المفوضية الأوروبية بخفض استهلاك الغاز طوعًا، مقارنة باستهلاك كل دول خلال مدة مرجعية ممتدة منذ أبريل/نيسان 2017 إلى مارس/آذار 2022.

ارتفاع استهلاك الغاز في اليونان

نجح معظم دول الاتحاد الأوروبي في تحقيق هدف خفض استهلاك الغاز خلال المدة من أبريل/نيسان 2024 إلى مارس/آذار 2025، بينما أخفقت اليونان وبولندا في ذلك، مع زيادة استهلاكهما خلال المدة.

وسجّل استهلاك الغاز في اليونان أعلى مستوياته في 8 سنوات خلال شهر فبراير/شباط 2025 عند 0.72 مليار متر مكعب، بحسب التقرير المنشور في موقع معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي –مؤخرًا-.

وكان إجمالي استهلاك اليونان قد ارتفع بنسبة 23.6% إلى 6.7 مليار متر مكعب في عام 2024، مقارنة بنحو 5.4 مليار متر مكعب في عام 2023، و6.2 مليار متر مكعب في عام 2022، بحسب بيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من معهد الطاقة البريطاني.

ويستحوذ قطاعا الكهرباء والتدفئة على 70% من استهلاك الغاز في البلد الأوروبي المتعثر ماليًا منذ عقود، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويرجع السبب الرئيس لارتفاع استهلاك اليونان للغاز الطبيعي إلى توسُّعها في محطات التوليد العاملة بالغاز، ليس لمشكلات متصلة بأمن الطاقة أو تلبية الطلب المحلي، بل لرغبتها في تحقيق مكاسب مالية من تصدير الكهرباء، بحسب التقرير.

وبحسب بيانات التقرير، فقد تحول وضع اليونان من مستورد صافٍ للكهرباء بواقع 8.8 تيراواط/ساعة في عام 2020، و4.9 تيراواط/ساعة في 2023، إلى مصدر صافٍ بواقع 0.7 تيراواط/ساعة في عام 2024.

وصدّرت اليونان 4.8 تيراواط/ساعة من الكهرباء خلال العام الماضي، في حين استوردت 4.1 تيراواط/ساعة، وهو ما يختلف عن الوضع في عام 2023، حيث صدّرت 3.2 تيراواط/ساعة، واستوردت 8 تيراواط/ساعة.

كما يُظهر منحنى استهلاك الغاز في اليونان أن بعض توليد الكهرباء بالغاز في عام 2024 لم يكن مطلوبًا، إذ كان استهلاك البلاد أقل من إنتاجها بكثير في أغلب الأحيان.

مخاطر التوسع في الاعتماد على الغاز

رغم توسُّع استهلاك الغاز في اليونان بقطاع التوليد واستفادتها من ذلك في تعزيز قدرتها على تصدير الكهرباء، وتوفير إيرادات إضافية، فإن أسعار الغاز المتقلبة كبّدت البلاد تكاليف عالية في المقابل.

وبحسب بيانات التقرير، كانت اليونان من بين أعلى الدول التي دفعت أسعارًا أغلى للغاز الطبيعي المسال المستورد على مستوى الاتحاد الأوروبي خلال عام 2024.

وبلغ انفاقها قرابة 53 يورو (62.36 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة في المتوسط على الغاز المسال الأميركي المستورد، وهو ما يفوق بكثير متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 34 يورو (40 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة.

وإذا استمر توسُّع اليونان في الاعتماد على محطات التوليد العاملة بالغاز، في ظل تطبيق آلية تعويض القدرة المعتمدة في الاتحاد الأوروبي، فمن المتوقع أن يواجه المستهلكون المحليون فواتير كهرباء أعلى خلال السنوات المقبلة.

وآلية تعويض القدرة (CRM) هي نظام قائم على السوق مصمم لضمان إمدادات كهرباء موثوقة داخل الاتحاد الأوروبي عبر دفع رسوم لمحطات التوليد، مقابل توفيرها للكهرباء، حتى في حالة عدم توليدها بصورة دائمة.

وتهدف هذه الآلية إلى ضمان عدم حصول نقص في الكهرباء أو ارتفاع لأسعارها على مستوى الاتحاد، من خلال تحفيز شركات الكهرباء على إبقاء المولدات مشغّلة خلال ذروة الطلب، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ويرى تقرير المعهد أن هذه الآلية تشوّه أساسيات سوق الكهرباء، وتدفع باتّجاه إطالة عمر محطات التوليد التي كان من المفترض فصلها عن الشبكة بسبب تكاليفها الهامشية المرتفعة.

على الجانب الآخر، ثمة مخاوف متصاعدة من استراتيجية اليونان طويلة الأجل للتحول إلى مركز إقليمي لتصدير للطاقة عبر التوسع في إنتاج الغاز، والاستثمار في البنية التحتية المرتبطة به مثل محطات التوليد الجديدة العاملة به، وخطوط الأنابيب ومحطات الغاز المسال.

وتتمثل المخاوف في تعارُض هذه الاستراتيجية مع خطة الحياد الكربوني التي أقرّتها الدولة بحلول 2050، والتزاماتها بخفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول عام 2030، ثم إلى 80% بحلول 2040 مقارنة بمستويات عام 1990.

وتمتلك اليونان في المقابل بعض أفضل موارد الطاقة الشمسية والرياح بين دول الاتحاد الأوروبي، ما يعني أنّ توسُّعها في الاعتماد على الغاز قد يفوّت عليها فرصة الاستفادة من هذه الموارد، ويعرّضها للتخلُّف عن أهداف الاتحاد في الطاقة المتجددة، بحسب التقرير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

1. مخاطر ارتفاع استهلاك الغاز في اليونان، من معهد اقتصادات الطاقة
2. بيانات استهلاك الغاز في اليونان بين 2022 و2024، من معهد الطاقة البريطاني