أخبار عاجلة
ريال مدريد يهدي كيليان مبابي رقم لوكا مودريتش -

مؤمن الجندي يكتب: صلاح في حضرة البوذا

مؤمن الجندي يكتب: صلاح في حضرة البوذا
مؤمن الجندي يكتب: صلاح في حضرة البوذا

لم يكن المشهد يحمل ضوضاء.. بل صمتًا يتكلم.. ضوء خافت يتسلل بين أعمدة معبد ياباني قديم، ألوان حمراء وذهبية تحيط بجدرانه، والبخور يعلو كأن المكان يتنفس هدوءًا.

وفي المنتصف.. جلس محمد صلاح، نجم ليفربول وأيقونة الملايين، متربعًا في وضعية تأمل، عيناه نصف مغلقتين، وملامحه ساكنة كتمثال من زمن غابر.

الصورة وحدها كانت كافية لإشعال نقاش ساخن على منصات التواصل.

هل يمارس صلاح طقسًا دينيًا؟.. أم أنها مجرد جلسة صفاء ذهني؟

بين من قال: "دعوه يتنفس بعيدًا عن الضغوط"، ومن صاح: "هذه شعائر بوذية لا تليق بمسلم!"، ضاع صوت الحكمة وسط صخب الآراء المتباينة.


التأمل: علم أم طقس؟

التأمل ليس حكرًا على الشرق البعيد، ولا هو اختراع بوذي صرف.. بل هو ممارسة ذهنية وروحية وجدت طريقها إلى كبرى الشركات العالمية، من "مايكروسوفت" إلى "جوجل"، حيث تُعقد جلسات منتظمة للعاملين لتخفيف التوتر وتحسين التركيز.

وفي شركتي السابقة، كنا نمارس هذا النوع من التأمل بشكل دوري، بإشراف مختصين بعيدًا عن أي إطار ديني أو روحاني.

لكن هناك خيطًا رفيعًا بين جلسة تأمل حرة، وبين طقس ديني متكامل... وهذا الخيط هو ما التبس على البعض في صورة محمد صلاح.


المعبد ليس صالة يوجا

حين تختار أن تتأمل داخل غرفة في منزلك، أو مكتبك، أو في حديقة عامة... فأنت في مساحة ذهنية خالصة.

لكن حين تجلس بوضعية بعينها، داخل معبد بوذي، تحيط بك تماثيل وتعاويذ وتقاليد راسخة... فإن التأمل يتحول من تمرين إلى طقس.

وليس كل طقس يمكن تبريره على أنه "مجرد تجربة"، خاصة حين يصدر من شخصية بحجم وتأثير محمد صلاح.

وهنا تكمن الإشكالية:

هل كان يعلم صلاح أن تلك الوضعية في هذا المكان تحديدًا تمثل جزءًا من شعائر دينية؟

هل كان مجرّد زائر، أم مشارك فعلي في لحظة رمزية ذات دلالة؟

النوايا الطيبة لا تكفي دائمًا.. النية، مهما كانت طاهرة، لا تُلغي أثر الصورة، فتخيل معي مثلًا أن رجلًا من اليابان دخل مسجدًا، وبدأ أداء حركات الصلاة دون نية دينية، ثم قال إنها "تمارين جسمانية للراحة النفسية".. هل سنقبل بهذا التفسير؟

الطقوس لا تُنتزع من سياقها، ولا تُفرغ من معناها بحسن نية.. ولذلك، فإن تساؤلات الجمهور ليست هجومًا على صلاح، بل خوف مشروع على الرمزية، وعلى الخط الفاصل بين التجربة والانزلاق غير المقصود في مساحات عقدية دقيقة.

 

من الإنصاف أن نقول إن صلاح لم يُدلِ بأي تصريح يوضح سياق الصورة أو نواياه.. وقد يكون المشهد عابرًا، مجرد لحظة هدوء التُقطت في جولة سياحية، كما يفعل كثير من الزوار في معابد اليابان.. لكن.. محمد صلاح ليس أي زائر.

هو قدوة على الأقل في -مجاله-، ومصدر إلهام لجيل كامل في الشرق والغرب.. ولذلك، فإن صوره ليست عادية، وخطواته تُقرأ بعدسة مكبرة، وكل تفصيلة تُفكك وتُحلل وتُؤول.

في النهاية، الصورة التي جمعت بين نجم عالمي ومكان ديني عريق ليست مجرد لقطة سياحية... إنها مرآة تعكس صراعًا قديمًا بين الرغبة في الانفتاح، والخوف من الذوبان.

نحن لا نُحاكم النوايا، ولا نمنع التجارب، لكننا نطالب بالتوازن، خاصة عندما يكون أصحاب الصورة في مقام القدوة.

للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق فرص عمل وإعفاءات مالية.. مزايا عديدة في بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الهمم
التالى الاتحاد يطلب ضم موهبة الأهلي ضمن صفقة مروان عطية