تبرز مصر كوجهة استثمارية جاذبة، في قلب المنطقة العربية، تجمع بين التاريخ العريق والإمكانات الاقتصادية الواعدة، ومع موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين القارات الثلاث، وسوقها الاستهلاكي الضخم الذي يتجاوز 100 مليون نسمة، أصبحت مصر نقطة جذب رئيسية للمستثمرين الخليجيين الذين يرون فيها فرصة ذهبية لتنويع محافظهم الاستثمارية وتعزيز التعاون الاقتصادي.
وخلال السنوات الأخيرة، شهدت مصر تدفقات استثمارية خليجية هائلة، بلغت مليارات الدولارات، مدفوعة برؤية طموحة للتنمية الاقتصادية وإصلاحات اقتصادية جذرية جعلت منها سوقًا تنافسيًا عالميًا.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض حجم وأهمية الاستثمارات الخليجية في مصر، والقطاعات المستهدفة، والدور الذي تلعبه هذه الاستثمارات في دعم الاقتصاد المصري.
أرقام تروي قصة نجاح للاستثمارات الخليجية
وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن الاستثمارات الخليجية في مصر شهدت نموًا ملحوظًا خلال العقد الماضي، حيث تقدر قيمتها بنحو 80 مليار دولار حتى عام 2025، مقارنة بـ10 إلى 15 مليار دولار قبل عام 2013.
وهذا النمو الملحوظ يعكس الثقة الكبيرة التي توليها دول مجلس التعاون الخليجي للسوق المصري، والتي عززتها إصلاحات اقتصادية جذرية شملت تحسين البيئة التشريعية، ورقمنة الخدمات، وتطوير البنية التحتية.
والإمارات العربية المتحدة تتصدر قائمة المستثمرين الخليجيين، حيث أعلن السفير المصري في أبوظبي، شريف عيسى، عن ارتفاع الاستثمارات الإماراتية المباشرة إلى حوالي 70 مليار دولار خلال العامين الماضيين، مدفوعة بصفقات ضخمة مثل مشروع "رأس الحكمة" بقيمة 35 مليار دولار، والذي يهدف إلى تحويل الساحل الشمالي إلى وجهة سياحية واستثمارية عالمية.
وتأتي السعودية في المرتبة الثانية باستثمارات بلغت 35 مليار دولار موزعة على أكثر من 7400 شركة سعودية تعمل في مصر، تليها الكويت باستثمارات تقدر بحوالي 20 مليار دولار، ثم قطر التي أعلنت مؤخرًا عن حزمة استثمارات بقيمة 7.5 مليار دولار.

القطاعات المستهدفة
وتتوزع الاستثمارات الخليجية في مصر على قطاعات حيوية تشكل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، حيث يبرز قطاع التطوير العقاري كواحد من أكثر القطاعات جذباً، حيث تسعى دول مثل الإمارات وقطر إلى إنشاء مدن سياحية ومراكز تجارية متطورة، مثل مشروع "رأس الحكمة" ومدينة سياحية شرق مرسى مطروح بقيمة 4 مليارات دولار.
كما تحظى الطاقة النظيفة والصناعة باهتمام كبير، حيث تعمل الاستثمارات السعودية على ربط الموانئ المصرية بأسواق إفريقيا، وتساهم في تطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة.
وقطاع السياحة يشهد أيضًا طفرة استثمارية، حيث تستهدف مصر زيادة عدد السياح إلى 30 مليون سائح سنويًا، مدعومة باستثمارات خليجية في منتجعات سياحية ومشاريع تطوير الموانئ.
وبالإضافة إلى ذلك، تشمل الاستثمارات قطاعات التكنولوجيا، إدارة المطارات، والمناطق اللوجستية، مما يعكس رؤية شاملة لتحقيق تنمية مستدامة.
والكويت على سبيل المثال، تخطط لرفع استثماراتها إلى 6.5 مليار دولار خلال العامين القادمين، مع التركيز على التكنولوجيا وبرنامج الطروحات الحكومية.
دعم الاقتصاد وتخفيف الضغوط
وتلعب الاستثمارات الخليجية دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد المصري، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية مثل الحرب في غزة وارتفاع الدين الخارجي.
وهذه الاستثمارات تسهم في تخفيف الضغط على النقد الأجنبي، وتعزز النمو الاقتصادي من خلال خلق فرص عمل جديدة وتنشيط الأسواق المالية.
وتوجيه هذه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية والتصديرية يعزز الاستدامة ويقلل الاعتماد على الدين الخارجي.
وعلاوة على ذلك، تعزز هذه الاستثمارات الاستقرار الجيوسياسي لمصر، حيث ترى دول الخليج في استقرار مصر ركيزة أساسية لأمن المنطقة.
وصفقة "رأس الحكمة"، على سبيل المثال، جاءت كجزء من جهود إقليمية لمنع تدهور الوضع الاقتصادي في مصر، خاصة بعد الأزمات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
وتؤكد الاستثمارات الخليجية في مصر على عمق العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الجانبين، حيث تمثل نموذجًا للتكامل الإقليمي.
ومع استمرار تدفق المليارات من الإمارات، السعودية، قطر، والكويت، تقترب مصر من تحقيق رؤيتها الطموحة لتصبح مركزًا اقتصاديًا عالميًا، وهذه الشراكة ليست مجرد استثمارات مالية، بل استثمار في استقرار المنطقة ومستقبلها، مما يجعل مصر قبلة حقيقية للمستثمرين الخليجيين الذين يرون فيها بوابة للنمو والازدهار.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.