سلطت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الضوء على رسالة وقّعها حاخامات من جميع أنحاء العالم وعبر مختلف الطوائف اليهودية، تحذر من "أزمة أخلاقية خطيرة"، وتدعو حكومة بنيامين نتنياهو إلى العمل بشكل عاجل "لإعادة جميع الرهائن وإنهاء القتال"
ووقّع مئات الحاخامات من أنحاء العالم على الرسالة التي دعوا من خلالها إسرائيل إلى التوقف عن استخدام التجويع كـ"سلاح حرب"، وإعادة الرهائن وإنهاء القتال في غزة بشكل عاجل، وكانت الرسالة، التي تضمنت أسماء العديد من الحاخامات البارزين عبر الطوائف، قد ذكرت أن "الشعب اليهودي يواجه أزمة أخلاقية خطيرة".
وجاء في نص الرسالة أن الموقّعين عليها "ملتزمون بشدة برفاهية إسرائيل والشعب اليهودي"، لكنهم "لا يستطيعون السكوت" في مواجهة ارتفاع عدد القتلى في غزة وتزايد سوء التغذية.
ونُشرت الرسالة في وقت اشتد فيه القلق العالمي إزاء التقارير المتزايدة عن التجويع ونقص الغذاء في القطاع المدمر جراء الحرب. وتُعد الرسالة واحدة من أبرز الأمثلة على تأييد قادة يهود ومؤيدين لإسرائيل علنًا لمشروعية هذه الهموم ومطالبتهم إسرائيل باتخاذ اللازم حيالها.
واستطردت الرسالة: "لا يمكننا أن نغض الطرف عن القتل الجماعي للمدنيين، بما في ذلك العديد من النساء والأطفال وكبار السن، أو استخدام التجويع كسلاح حرب. إن القيود الشديدة المفروضة على المساعدات الإنسانية في غزة، وسياسة حجب الطعام والماء والإمدادات الطبية عن السكان المدنيين المحتاجين تتعارض مع القيم الأساسية لليهودية كما نفهمها".
وكانت وزارة الصحة قد أعلنت إن الوفيات الناجمة عن الجوع ترتفع بشكل حاد في غزة، وقد وصفت مئات من منظمات الإغاثة الوضع بأنه كارثة إنسانية ودعت حكومة الاحتلال إلى السماح بدخول المزيد من الإمدادات، كما دعا العشرات من قادة العالم الاحتلال إلى إنهاء الحرب.
وردت السلطات الإسرائيلية على هذه الرسالة، كما كان متوقعًا، إذ نفت أن يكون جيش الاحتلال الإسرائيلي يتسبب في التجويع في القطاع، ومُلقية باللوم على الأمم المتحدة وحماس في العوائق التي تعترض تقديم المساعدات للمدنيين هناك.
ولكن استجابةً للصرخة الدولية، اتخذت الحكومة أمس الأحد عدة خطوات لزيادة تدفق الإمدادات، بما في ذلك الإسقاط الجوي، وفتح ممرات جديدة للمساعدات، وهدنات لمدة 10 ساعات في مواقع معينة لضمان توصيل المساعدات.
كتب الرسالة، التي نُشرت قبل إعلان إسرائيل عن هذه السياسات، الحاخام جوناثان ويتنبرج، الحاخام الأكبر لليهودية الماسورتية في المملكة المتحدة؛ والحاخام آرثر جرين، وهو عالم بارز في التصوف اليهودي وقائد سابق لكلية هيبرو في بوسطن؛ والحاخام آرييل بولاك من كنيس كيهيلات سيناي الماسورتي في تل أبيب.
وركزت الرسالة بشكل رئيسي على الممارسات الإسرائيلية في غزة، ودعت إسرائيل إلى "وقف استخدام التجويع والتهديد به كسلاح حرب على الفور"، والسماح بدخول "مساعدات إنسانية واسعة النطاق"، كما طالبت إسرائيل بأن "تعمل بشكل عاجل بجميع السبل الممكنة لإعادة جميع الرهائن وإنهاء القتال".
وذكرت الصحيفة أن معظم الحاخامات الذين وقّعوا على الرسالة يقيمون في الولايات المتحدة، مع وجود بضع عشرات فقط من الموقّعين من داخل إسرائيل، ومن بين الموقّعين البارزين على الرسالة الحاخام شارون بروس، الذي يدير كنيس آيكار غير الطائفي في لوس أنجلوس؛ والحاخام والكاتب إيروين كولا؛ وشايم سايدلر-فيلر، حاخام سابق ويعمل الآن بمعهد شالوم هارتمان؛ وراشيل تيمونر، حاخامة إصلاحية من نيويورك؛ ومارك د. أنجل، حاخام أرثوذكسي ليبرالي.
وكشفت استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يدعمون اتفاقًا يؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن الخمسين المتبقين لدى حماس مقابل إنهاء الحرب، لكن المفاوضات في قطر بين الطرفين انهارت الأسبوع الماضي.
ونُشرت الرسالة في الوقت الذي رفضت فيه على الأقل مجموعتان يهوديتان أمريكيتان كبيرتان الخطاب المتطرف بشأن غزة، كما انتقدت اللجنة اليهودية الأمريكية النائب راندي فاين، وهو جمهوري يهودي من فلوريدا، والذي نشر على منصة إكس: "أطلقوا سراح الرهائن. حتى ذلك الحين، دعوهم يتضورون جوعًا". وردت المنظمة بأن "التلميح إلى أن التجويع تكتيك مشروع أمر غير مقبول"، وحذرت الرسالة من الاستخفاف بالوضع الإنساني الخطير في غزة، خاصة من قبل المسؤولين في أعلى مستويات الحكومة الأمريكية، وشدد الموقعون على الرسالة على أنه يجب أن يتلقى جميع المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية ذلك بسرعة وأمان.
كما قالت رابطة مكافحة التشهير الأمريكية إن تصريح وزير التراث أميخاي إلياهو بأن الحكومة "تتسارع نحو محو غزة" هو "مرفوض أخلاقيًا واستراتيجيًا متهور"، انتقدت الرسالة أيضًا السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية، وحثت الحكومة على "استخدام قوات القانون والنظام لإنهاء عنف المستوطنين في الضفة الغربية والتحقيق ومحاكمة المستوطنين الذين يضايقون ويهاجمون الفلسطينيين".
وقالت إن المسؤولين والمجموعات الإسرائيلية يتحملون جزءًا من اللوم على الوضع الحالي، ودعت إلى حوار من أجل "أمن إسرائيل، وكرامة وأمل الفلسطينيين، ومستقبل سلمي قابل للحياة للمنطقة بأسرها"، وأضافت: "إن التصريحات المتكررة عن النية وأفعال وزراء في الحكومة الإسرائيلية، وبعض الضباط في الجيش الإسرائيلي، وسلوك مجموعات المستوطنين العنيفة إجراميًا في الضفة الغربية، غالبًا بدعم من الشرطة والجيش، كانت عوامل رئيسية في وصولنا إلى هذه الأزمة".
واختمت الرسالة بالقول: "إن قتل أعداد هائلة من الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك أولئك الذين يبحثون يائسين عن الطعام، تم الإبلاغ عنه على نطاق واسع عبر كافة وسائل الإعلام الموثوقة ولا يمكن إنكاره".