تحل ذكرى ميلاد الفنان القدير يحيى شاهين في 28 يوليو، أحد رموز السينما والمسرح في مصر والعالم العربي، الذي ترك بصمة لا تُنسى في ذاكرة الفن من خلال أعمال خالدة وشخصيات أيقونية، عرفه الجمهور بدور "سي السيد" في ثلاثية نجيب محفوظ، لكنه كان أكثر من مجرد شخصية واحدة؛ كان صاحب مسيرة حافلة بالتنوع، والالتزام، والأداء الراقي.
البداية من ميت عقبة ونشأة فنية مبكرة
وُلد يحيى شاهين في 28 يوليو 1917 بجزيرة ميت عقبة بمحافظة الجيزة، برزت موهبته الفنية منذ سنوات الدراسة، حيث كان ضمن فريق التمثيل بمدرسة عابدين الابتدائية، وتدرّج في شغفه بالفن حتى أصبح أحد أعمدته لاحقًا.
رغم دراسته للهندسة وتخرجه من مدرسة العباسية الصناعية قسم النسيج، إلا أن شغفه بالتمثيل تغلّب على الوظيفة.
عمل في شركة الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى لفترة قصيرة، ثم قرر التخلي عن المستقبل الوظيفي الثابت من أجل عالم الفن.
من المسرح إلى الشاشة.. خطوات واثقة
بدأت مسيرته الفنية من خلال جمعية هواة التمثيل، حيث التقى بكبار المخرجين مثل بشارة واكيم وإدمون تويما، ثم انضم إلى فرقة فاطمة رشدي، ليلعب أدوار البطولة في عروض مهمة مثل "مجنون ليلى" و"روميو وجولييت"، وكان آخر أعماله المسرحية "مرتفعات ويذرنج" قبل أن يتفرغ تمامًا للسينما عام 1946.
دخول السينما وأول بطولة أمام كوكب الشرق
دخل يحيى شاهين عالم السينما من خلال أدوار صغيرة، إلا أن انطلاقته الحقيقية جاءت عندما رشّحته أم كلثوم ليشاركها البطولة في فيلم "سلامة" عام 1945، ما فتح له الأبواب لأعمال سينمائية بارزة شكلت ملامح السينما المصرية الحديثة.
"سي السيد" يغيّر قواعد الرجولة في السينما
قدّم يحيى شاهين أكثر من 100 عمل سينمائي وتلفزيوني، لكنه سيبقى في ذاكرة المشاهد العربي بشخصية "سي السيد"، التي جسّدها باقتدار في ثلاثية نجيب محفوظ (بين القصرين – قصر الشوق – السكرية) للمخرج حسن الإمام. هذه الشخصية مثلت رمزًا للسلطة الذكورية التقليدية، لكنها أيضًا طرحت تساؤلات عن طبيعة العلاقات الأسرية في مصر خلال القرن العشرين.
أدوار متنوعة وبصمة خالدة
لم تقتصر أدوار يحيى شاهين على "سي السيد"، بل أبدع في أفلام مثل "شيء من الخوف"، "جعلوني مجرمًا"، "ابن النيل"، و"الطاحونة"، مقدمًا مزيجًا من الأدوار الرومانسية والاجتماعية والدرامية والتاريخية، تنوعه كممثل كان أحد أسرار استمراريته ومحبة الجمهور له على مدى عقود.
الجوائز والتكريمات
حصل شاهين على وسام الجمهورية من الطبقة الثالثة، وكرّم في مهرجانات محلية ودولية، أبرزها شهادة تقدير من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، بالإضافة إلى جوائز عن أفلامه مثل "نساء في حياتي" و"ارحم دموعي".
الجانب الإنساني وجراح القلب
تزوّج الفنان الراحل من سيدة مجرية وأنجب منها ابنتين، لكن الحياة فرّقتهما بعد أن غادرت زوجته وابنتاه إلى المجر. عاش فترة اكتئاب طويلة، ثم تزوّج من السيدة مشيرة عبدالمنعم، وأنجب ابنته داليا التي كانت قريبة منه حتى وفاته في 18 مارس 1994.