مع أولى خيوط أضواء الصبح القادمة من الأفق البعيد، قامت الطائرة بانعطافة حادة استعدادا لعملية الهبوط بالمطار، بدت عبر النافذة مدينة باكو، عاصمة دولة أذربيجان، كلوحة في غاية الحسن والجمال وهي تعانق بحرا هادئا ووديعا، اسمه بحر قزوين.
أذربيجان.. "أرض النار"
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
من باكو انطلقت رحلة ممتعة لاستكشاف ساحر لدولة أذربيجان، فعلى هذه البقعة الجغرافية من الأرض يلتقي الشرق بالغرب وتندمج التقاليد مع الحداثة، فسحر هذا البلد يدفعك إلى معرفة إحداثياته على الجغرافية، فهو عند مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا ويعد كنزا مليئا بالتاريخ والثقافة والعجائب الطبيعة، لدرجة أنه صار يعرف بأرض النار بسبب اللهب المشتغل الذي يغذيه الغاز الطبيعي، الذي يعد من أهم مصادر الثروة، التي تجعل من البلاد لاعبا أسيا في المنطقة، ليس اليوم فحسب، بل منذ زمن بعيد.
وأنت تحط الرحال في أذربيجان تساورك مشاعر استثنائية، فهذا البلد يقدم مزيجا لا يقاوم من التقاليد العريقة والعجائب المعاصرة، سواء كانت أضواء باكو اللامعة أو جبال القوقاز، ومن هنا تعد أذربيجان وجهة لا تنسى، حيث إنها تتمتع بتاريخ غني يمتد لآلاف السنين، فقبل حوالي مليونين من السنين عاش الإنسان القديم في كهوف أذربيجان، مثل كهف "أزيخ"، الذي يشهد على تلك العراقة الضاربة في القدم من خلال اكتشاف مواد وعظام بشرية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.
في القرن السابع الميلادي غزا العرب المنطقة وأدخلوا الإسلام، الذي لا يزال الدين الرئيسي في البلاد، حيث إن 96 في المائة من سكان البلاد مسلمون، ورغم كثرتهم إلا أنهم ليست لديهم عقدة التعايش مع الآخر المختلف معهم، ففي هذا البلد تتزوج اليهودية بالمسلم والمسيحة باليهودي أو المسلم وهذا دواليك، فالكل يعيش في سلام تام وأمان، وبذلك تقدم أذربيجان أكبر مثال على التسامح الديني.
وبعد سقوط الإمبراطورية العربية، عاشت المنطقة تحت حكم المغول من القرن 13 وحتى 15، ثم انتقلت إلى الحكم الفارسي.
وفي رحلة من باكو إلى مدينة خان كندي عاصمة إقليم كارباخ ثم مدينة شوشة الجميلة، والتي تشبه إلى حد كبير، مدينة إفران المغربية، تأسرك تضاريس أذربيجان بطابعها الفريد والمتنوع، فالجبال الشامخة والسهول الواسعة والأنهار الجارية، يجعل من هذا البلد الأوراسي، واحد من أجمل الوجهات الطبيعة في العالم، في الشمال تمتد جبال القوقاز الكبرى الشامخة، وتشكل سلسلة من الوديان العميقة والشلالات المذهلة كنزا طبيعيا يسر الناظرين، هذه المنطقة ليست مجرد وجهة طبيعية، بل أيضا موطنا نادرا لأنواع من النباتات والحيوانات، مثل النمر القوقازي والغزلان الجبلية. أعلى قمة في البلاد هي جبل بازارديزو، الذي يبلغ ارتفاعه 4267 متر، وهو وجهة مثالية لعشاق رياضة التسلق والمغامرات الجبلية.
أما في الشرق، فيحد أذربيجان بحر قزوين، الذي يعد أكبر بحيرة في العالم، بمياهه الهادئة، التي تضفي جمال فريدا على المنطقة، شواطئ بحر قزوين ليست مكانا فقط للاستجمام، بل ملاذا مدهشا لأنواع من الطيور، مثل طيور "الفلامنغو" و"البجع"، التي تتوافد بأعداد كبيرة، مما يجعلها مكانا مثاليا لمراقبة الطيور، كما تزخر المياه الساحلية بثروات بحرية مثل الكافيار، الذي يعد أفخر أنواع الكافيار في العالم.
تجمع أذربيجان بين الطبيعة الخلابة والفرص السياحية المميزة، حيث يمكنك التنقل من القمم المغطاة بالثلوج في القوقاز والاستمتاع بالبحر على شواطئ بحر قزوين في رحلة واحدة لا تنسى، هذه التنوعات الجغرافية تجعل أذربيجان وجهة ساحرة للمغامرين وعشاق الطبيعة على حد سواء.
مدينة باكو، التي هي عاصمة أذربيجان، فهي ليست مدينة، بل لوحة فنية تجمع بين سحر التاريخ وروعة الحداثة، تعد المدينة القديمة، أو "إتشريشهر"، واحدة من أبرز مواقع الثراث العالمي لليونيسكو، وتضم معالم تاريخية رائعة، مثل برج العذراء، الذي يعود إلى القرن الثاني عشر، وهو رمز غامض يعكس الأساطير والحكايات القديمة، وقصر شيروان شاه، الذي يعتبر تحفة معمارية من العصور الوسطى، كما تزخر المدينة القديمة بالأزقة الضيفة والأسواق التقليدية التي تقدم الحرف التقليدية والسجاد الأذربيجاني الفاخر.
على الجانب الحديث من باكو تقف "أبراج اللهب" الثلاثية، كمعلم معماري أيقوني، يعكس روح التقدم والابتكار، هذه الأبراج الزجاجية ليست مجرد ناطحات سحاب، بل عرض فني متحرك يضيء سماء المدينة ليلا بألوان متغيرة تحاكي ألسنة اللهب، مما يضفي أجواء ساحرة على العاصمة.
ومن المعالم الفريدة التي تجعل باكو استثنائية، يوجد متحف الكتب المصغرة، وهو الوحيد من نوعه في العالم. يحتوي هذا المتحف على مجموعة مذهلة تضم أكثر من ستة ألاف كتاب مصغر من جميع أنحاء العالم، بعضها يعود إلى القرن السابع عشر، من بين الكنوز المعروضة، نسخ نادرة من أعمال أدبية وكتب دينية قديمة، بما في ذلك نسخة مصغرة من القرآن الكريم.
لا تقتصر جاذبية باكو على معالمها التاريخية والمعمارية، بل تمتد إلى حياتها الثقافية النابضة، حيث تستقبل المدينة مهرجانات موسيقية ومعارض فنية سنوية، كما أن الكورنيش المطل على بحر قزوين، هو مكان مثالي للتنزه والاستمتاع بالمناظر البحرية الخلابة، باكو هي مدينة تجمع بين الأصالة والحداثة، مما يجعلها وجهة لا تنسى لكل زائر.
أذربيجان معروفة أيضا بالبراكين الطينية، إذ تتوفر على أكثر من 400 بركان طيني، وهي أكبر مجموعة في العالم، ومن أشهر المناظر الطبيعية في البلاد جبل "يونارو داغ"، أو الجبل المشتعل، الذي يشتغل بالنيران، منذ أكثر من أربعة آلاف عام، بسبب تسرب الغاز الطبيعي، ويعتبر هذا الموقع، واحدا من أعظم عجائب العالم الطبيعية.
أما الثقافة الأذربيجانية فهي غنية ومتنوعة، وفي هذا الباب يعد السجاد الأذربيجاني من أبرز الفنون التقليدية في البلاد ويحتل مكانة خاصة في الثقافة الوطنية، في الواقع يوجد في باكو متحف مصمم على شكل سجادة ملفوفة، كما أن الموسيقى التقليدية، مثل موسيقى المقام لا تزال محبوبة وتحظى بتقدير كبير.
ويتميز المطبخ الأذربيجاني بأطباق شهية ومتنوعة، أشهره طبق "كوتابي"، وهو عبارة عن فطائر محشوة باللحم والخضراوات أو الأعشاب، إضافة إلى ذلك يعتبر الشاي جزءا أساسيا من الثقافة الأذربيجانية، حيث يقدم عادة في أكواب مقعرة من الوسط، يسهل التحكم فيه عن طريق اليد، ويحلى الشاي في أذربيجان بالمربى عوض السكر، ويصنعون السكان المحليون المربى من مجموعة من المكونات، بما في ذلك بتلات الورد والبطيخ.
وتعطي أذربيجان مكانة خاصة للمرأة، فهي أول دولة مسلمة تمنح المرأة حق التصويت في عام 1918، قبل العديد من الدول الغربية التي تأخرت في إقرار هذا الحق، هذا التقدم كان جزءا من مسيرة أذربيجان نحو التحديث والمساواة بين الجنسين، بالإضافة إلى ذلك يمتد شريط ساحلي أذربيجاني على بحر قزوين لأكثر من 500 كيلومتر، مما يجعل هذه المنطقة من بين المناطق المميزة لممارسة الأنشطة البحرية، مثل مشاهدة الطيور المهاجرة أو الاسترخاء على الشواطئ الرملية، فالطيور مثل الفلامينغو والبجع تجد في هذه السواحل ملاذا رائعا مما يضفي سحرا خاصا على المنطقة
ومن الجدير بالذكر بأن باكو، عاصمة أذربيجان، تعرف بمدينة الرياح، بسبب الرياح القوية التي تهب عليها طوال العام، مما يجعل الطقس مميزا، وغالبا ما يضاف إلى جمالية المدينة، ولا يمكننا أن ننسى الحديث عن أكبر علم، والذي يوجد في أذربيجان، هذا العلم الضخم يعادل في حجمه مساحة أرضية ملعب كرة قدم ويزن أكثر من طنين ليكون بمثابة رمز للفخر الوطني.
تستقطب أذربيجان السياح من جميع أنحاء العالم بمهرجانها وأسواقها التقليدية مثل "بازار تازا" و "بازار نسيمي"، وهي مليئة بالتوابل والمنتجات الطازجة والحرف اليدوية، كما تستضيف البلاد مهرجان الشاي التقليدي، حيث يمكن للزوار تجرية أنواع مختلفة من الشاي المحلي.
إقليم كاراباخ.. تاريخ طويل من الصراع
في رحلة عبر "الباص"، امتدت لأربع ساعات، من العاصمة باكو شرق البلاد، في اتجاه إقليم كاراباخ في الغرب كان الوقت كافيا لاكتشاف تضاريس بلد وهبة الله طبيعة خلابة، حيث تشكل الجبال الخضراء والسهول الواسعة والأودية الجارية لوحة تأسرك في بجمالها، لكن عند تخول الإقليم تتغير المعاملات، حيث الإجراءات الأمنية مشددة، حيث بالكاد وضعت الحرب أوزارها وعاد الإقليم والمناطق المجاورة إلى حضن الوطن، بعدما ظل لسنوات طوال محتلا من قبل الجارة أرمينيا.
"هذه الإجراءات عادية ويخضع لها الجميع بما في ذلك الأذربيجانيون"، يقول إلفين عباس بيلي، مرافقنا في هذه الرحلة، والذي كان يتحدث بفخر عن تضحيات جيش بلاده، من أجل تحرير الأراضي كالتي كانت محتلة.
كاراباخ بؤرة الصراع المتجددة بين أرمينيا وأذربيجان، بمساحة تقدر بحوالي 4400 كلم، وبتعداد سكاني يقارب 150 نسمة، يقع إقليم كارباخ في قلب الأراضي الأذربيجانية ويعترف به القانون الدولي جزءا منها، وتعود جذور الصراع إلى القرن التاسع عشر حول الإقليم، إلا أنه بعد الثورة البلشفية دخلت الجمهوريتان المتنازعتان ضمن الاتحاد السوفياتي، وفي سنة 1921 تقرر إبقاء الإقليم داخل حدود أذربيجان في ظل اعتراف أرميني. لاحقا منح الإقليم حكما ذاتيا، لكن بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي أعلن سكانه الانفصال عن أذربيجان، فاندلعت بعدها حرب طاحنة بين البلدين الجارين دفعت فيها أرمينيا بقواتها إلى الإقليم وضمته مع أراضي أذربيجانية أخرى، حيث خلفت تلك الحرب 30 ألف قتيل وحركة لجوء جاوزت مليون شخص، مما رجح الكفة الديموغرافية في الإقليم لصالح الأرمن، وفي عام 2020 تجددت الحرب واستعادت أذربيجان بدعم عسكري تركي قسما كبيرا من أراضي الإقليم، ليعود التوتر ليخيم على المنطقة من جديد، بعد تحذيرات مراقبين، بعدم استكمال بنود اتفاق 2020 الذي أنهى الحرب برعاية روسية وقوات حفظ سلام، ونص على فتح ممرات برية، أحدها بين أذربيجان وإقليم ناخيتشيفان التابع لها عبر أرمينيا، والآخر يربط أرمينيا بعاصمة كاراباخ ويمر عبر أذربيجان، صراع الممرات دخلت في سياقه تركيا، حينما أعلنت في شتنبر من سنة 2023 بالعمل على ممر يربطها بأذربيجان ويمر عبر أرمينيا، تزامنا مع ذلك أرسل الحرس الثوري الإيراني معدات عسكرية إلى الحدود الشمالية الغربية المحاذية لأذربيجان وأرمينيا. تعقيدات الجغرافية وموروثات التاريخ عوامل تداخلت لتبصم على توتر جديد في كاراباخ في شتنبر 2023، حيث وقعت اشتباكات عنيفة استعادت من خلالها أذربيجان كل الأراضي التي كانت تحت سيطرة أرمينيا، وهي عملية تقول عنها باكو إنها لم تجد عنها بديلا.
الأراضي المحررة.. جغرافية ملغومة
من أسوأ الأمور التي يواجهها الأذربيجانيون اليوم بعد استعادتهم لكل الأراضي التي كانت محتلة من قبل الأرمن، حقول ألغام بلا خرائط، وهو ما يجعل المنطقة شبه خالية من البشر، فهناك تزايد في عدد ضحايا الألغام، حيث بلغت خلال السنوات الأربع الأخيرة، التي تلت الحرب "أكثر من أربعة مائة قتيل"، يقول عباس بيلي، مؤكدا أن "أرمينيا رفضت مدنا بخراط تواجد تلك الألغام"، وهو ما جعل عملية إزالتها بالكامل، حسب قوله، "بطيئة ومحفوفة بكل المخاطر".
وأضاف عباس بيلي أن هذا الوضع "يعيق عودة النازحين"، ويقول المصدر نفسه إنه "من المحتمل أن هناك أكثر من مليون لغم ما تزال في باطن الأرض، خصوصا بمناطق ترتر وأغدام وشوشه وخوجاوند وفوزولي وقبادلي وجبرائيل وزنكيلان".
وتقوم الحكومة الأذربيجانية بمجهوذات حثيثة لإعادة الحياة إلى المنطقة من خلال تطهيرها من خطر الألغام الأرضية، وهو من أكده إلفين عباس بيلي من خلال قوله أن "الحكومة تقوم حاليا بتنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية في أراضي كارباخ"، وبشأن بطء إجراءات العودة قال إنها لا يمكن أن تتم قبل ذلك، وقبل إزالة الألغام، "لضمان أمن وسلامة الأشخاص وأهلهم".
وبالموزاة مع ذلك، يشهد المشهد السياحي في أذربيجان تحولا هاما حيث تتيح الحكومة الأذربيجانية للأجانب إمكانية زيارة المناطق التي أُغلقت بسبب النزاع لأول مرة منذ تحرير أذربيجان لإقليم كاراباخ، وتشمل هذه المناطق التي تفتح الآن مدن شوشا، ولاشين، وأغدام، وفضولي، وخوجالي، وخانكيندي الجميلة، ذات الأهمية الثقافية والتاريخية، وبذلك تكون صناعة السياحة الأذربيجانية، التي تشهد نموا متسارعا، قد خطت خطوة كبيرة إلى الأمام بقرارها فتح هذه المناطق أمام حركة السياحة الدولية.
أعرب السويسري جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، عن إعجابه الكبير بملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وذلك خلال زيارة قام بها إلى هذه المعلمة الرياضية رفقة فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
وأشاد إنفانتينو بالمستوى الرفيع لهذا الملعب الذي وصفه بأحد أكثر الملاعب حداثة وفعالية وجمالا على مستوى العالم، معتبرا أنه يجسد طموحات المغرب في التموقع ضمن نخبة كرة القدم العالمية.
وأكد رئيس الفيفا أن الملعب لا يمثل فقط فضاءً لممارسة كرة القدم، بل يُعد منصة حقيقية تبرز صورة المغرب الحديثة، ومكاناً يُجسد قيم الوحدة والانتماء.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
وأضاف أن الملاعب اليوم أصبحت رموزا حضارية تعبر عن تطور الدول وتطلعاتها، وهذا المشروع المغربي يعد مثالا واضحا على اختيار المملكة لكرة القدم كوسيلة لتوحيد الشعوب والانفتاح على المستقبل.
تُنظّم مؤسسة الفقيه التطواني، مطلع شهر شتنبر المقبل، "جائزة عبد الله كنون" ، في مبادرة تروم الوفاء لرجلٍ جعل من الفكر رسالة، ومن العلم سلوكًا، ومن الهوية مشروعًا نهضويًا متجددًا.
بلاغ للمؤسسة سجل أنه في زمنٍ تتزاحم فيه التحوّلات وتتراجع فيه سلطة المعنى، يبقى استحضار القامات العلمية والفكرية الكبرى ضرورة مُلِحّة لا ترفًا ثقافيًا. فلقد كان عبد الله كنون واحدًا من أولئك الذين أدركوا مبكرًا أن الصراع الحقيقي في زمن الاستعمار لم يكن عسكريًا فحسب، بل كان صراعًا على المعنى والانتماء، على اللغة والهوية، على الذاكرة والمستقبل. لذلك انبرى بقلمه ووعيه لتأصيل الذات المغربية في بعدها العربي الإسلامي، وتصحيح الصورة النمطية التي ظلت تُقصي المغرب من سجل الإسهام الحضاري، فكان أن قدّم للعالم العربي كتابه الأشهر "النبوغ المغربي في الأدب العربي"، الذي تجاوز فيه مجرد التأريخ للأدب، ليؤسس لرؤية حضارية تُنصف المغرب، وتُعيد ربطه بالعمق الثقافي للأمة.
وما يميز تجربة كنون الفكرية يضيف البلاغ ، أنه لم يكن خطيبًا في سوق الكلمات، بل مفكرًا يُعيد بناء الوعي من داخل التراث، دون أن يسقط في اجتراره، ودون أن يُسلم نفسه لغواية القطيعة. لقد كتب بنَفَس العالم، ووعي المصلح، وأدب الأديب، فامتدت كتاباته لتشمل الأدب والفكر والتاريخ واللغة والدعوة. ولم تكن كتبه سوى تجليات لمشروع شامل، يُؤمن بأن النهضة لا تقوم على التغريب، بل على الاستيعاب الواعي للتراث والانفتاح المسؤول على العصر. وفي زمن الاستقلال، انخرط عبد الله كنون في بناء المؤسسات العلمية والفكرية، فكان أحد الوجوه البارزة في رابطة علماء المغرب، وممثلاً للمغرب في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، كما حافظ على حضوره في الصحافة والندوات والحوارات الفكرية، منفتحًا على المشرق دون انبهار، ومعتزًا بمغربيته دون انغلاق.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
واليوم، حين تحتفي باسمه المؤسسة من خلال هذه الجائزة، فإنها لا تستحضر فقط مؤلفًا ومفكرًا كبيرًا، بل تعيد طرح أسئلة المشروع الثقافي المغربي في صيغته المتوازنة: الأصيلة في مرجعياتها، المنفتحة في أدواتها، الواعية بسياقها. ولعل ما يُضفي على هذه المبادرة قيمة مضافة، هو ما جمع بين عبد الله كنون والفقيه التطواني من وشائج علمية وروحية نبيلة. لقد ربطت بينهما علاقة تقدير صادق، تُوّجت بكتابة كنون لمقدمة رفيعة في كتاب الفقيه التطواني حول لسان الدين ابن الخطيب، عبّر فيها عن إعجابه العميق بمنهجه في قراءة النصوص، وقدرته الفائقة على استخراج سيرة ابن الخطيب من بين سطور مؤلفاته، واصفًا هذا العمل بما لا يصدر إلا عن فطاحل العلماء المحققين. لقد كان كنون يرى في الفقيه التطواني امتدادًا لجيل العلماء الذين يُشبهون ما يكتبون، ويكتبون كما يُفكرون.
إن هذه الجائزة، في عمقها الرمزي، ليست مجرد لحظة احتفائية، بل إعلان عن استمرار مشروع ثقافي وطني كبير، يربط الذاكرة بالفعل، والرمز بالرسالة، ويجعل من الوفاء منطلقًا لتجديد الوعي، وتحصين المستقبل
ينظم منتدى الإبداع والمواطنة بتنسيق مع كل من مقاطعة الحي المحمدي وعمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي، الملتقى الوطني الأول لسوق الفنون تحت شعار: "تجليات الهوية الثقافية المغربية".
وسيقام الملتقى المنظم بمناسبة عيد العرش المجيد، ما بين 30 يوليوز و 04 غشت 2025 بفضاء حديقة فم الحصن بالحي المحمدي بتراب عمالة مقاطعات عين السبع الحي المحمدي بالدار البيضاء

ويهدف إلى تعزيز الإبداع الفني والموروث الثقافي المغربي، وتقديم منصة للفنانين والحرفيين لعرض أعمالهم وتبادل الخبرات، مع التركيز على الأبعاد السوسيو-اقتصادية والتضامن الاجتماعي. ويطمح إلى التأثير الإيجابي على الوعي الثقافي بين مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، ودعم التنمية السوسيو-اقتصادية من خلال تعزيز الفن والإبداع، وتعزيز التضامن الاجتماعي من خلال تعزيز التواصل والتفاعل بين مختلف الفئات العمرية والاجتماعية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
الملتقى يعرف برنامجا ثقافيا واجتماعيا متنوعا، يشمل معارض الفنية، وورشات عمل في مختلف المجالات الفنية والحرفية، وعروض الفنية، وندوات، وموائد مستديرة حول مواضيع مختلفة تتعلق بالموروث الثقافي والتنمية السوسيو-اقتصادية والتضامن الاجتماعي. كما سيعرف الملتقى توقيع كتب لمجموعة من المؤلفين والكتاب، مما سيتيح للزوار فرصة للتعرف على أحدث الإصدارات والتواصل مع الكتاب.
ويتخلل الملتقى فقرات فنية من الفلكلور المغربي، مما سيعزز من جمالية الحدث وسيبرز التراث الثقافي المغربي في أبهى صوره. كما سيتم إبراز مهن الثقافة والفنون من خلال مشاركة الفنانين والحرفيين والمبدعين المغاربة، خاصة الفنانين التشكيليين الذين سيقدمون أعمالهم الفنية المتنوعة.
ويشارك في الملتقى العديد من التعاونيات والفنانين والمبدعين والمثقفين المغاربة، مما سيعزز من تنوع وتعدد الأنشطة والفعاليات المقدمة.
الافتتاح الرسمي لملتقى سوق الفنون سيكون يوم الأربعاء 30 يوليوز على الساعة الخامسة مساء، وسيشهد حفلاً مميزاً يليق بمكانة هذا الحدث الثقافي الهام.
يمثل سوق الفنون لمنتدى الإبداع والمواطنة تحت شعار "تجليات الهوية الثقافية المغربية" فرصة هامة لتعزيز الفن والإبداع في المغرب، ويمكن أن يساهم في تعزيز الهوية الثقافية المغربية ودعم التنمية السوسيو-اقتصادية والتضامن الاجتماعي.
ليلة كناوية بامتياز شهدتها منصة باحة المركب الثقافي بتارودانت ليلة الجمعة 25 يوليوز 2025، في إطار فعاليات الملتقى السنوي " كانكا والايقاعات "، من خلال الليلة الكناوية بامتياز، تبادلت الفنان الكناوية الصويرية والجمهور الروداني الغفير الذي حج لمتابعة أطوار السمر الفني لحظات العشق وروابط المحبة بين الطرفين، اكدها بالملموس التفاعل والحماس بين الفنانة البشوشة والجمهور الروداني العاشق والمولوع بالفن الكناوي، حماس منقطع النظير رسم لوحة فنية فريدة من نوعها سجلت لحظاتها بفخر واعتزاز في سجل جمعية كانكا للفن الكناوي، المنظمة للملتقى السنوي " كانكا والايقاعات افريقية" في دورته الرابعة بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل - قطاع الثقافة - بمديرية تارودانت، وذلك بشراكة مع جماعة تارودانت، وبتنسيق مع المديرية الإقليمية للثقافة - قطاع الثقافة - بتارودانت يوم الجمعة والسبت 25و26 يوليوز 2025.
بمناسبة عيد العرش المجيد، وتخليدا للذكرى الغالية أبت جمعية كانكا للفن الكناوي بتارودانت، تنظيم الملتقى بمشاركة مجموعة من المجموعات الفنية الكناوية، ويتعلق الأمر بكل من مجموعة كانكا كناوة برأسة المعلم مهدي كردودي، ناس حال رودانة، المعلم عبد المجيد الكردودي بتارودانت، محموعة الفنانة هند النعيرة من مدينةالصويرة، المعلم يوباتي من مدينة أكادير، المعلم منصف بولبول تارودانت، المعلم ادريس السملالي مراكش ثم مجموعة فلا فزين تارودانت، حيث كان الجمهور الغفير من محبي وعشاق الفن الكناوي مع سهرتين فنيتين مع فقرات جد ممتعة تفاعل معها الجمهور بكل عشق وحب وتقدير للمجموعات المشاركة، وبنفس الحماس وحب الوطن تفاعل الجمهور الرودانت من مختلف الاعمار مع النشيد الوطني مع بداية الحفل الفني الكناوي.
الحفل عرف كذلك تكريم وجوه فنية أعطت الشيء الكثير للفن الكناوي، في شخص ضيفة تارودانت المعلمة والفنانة الكبيرة هند النعيرة، المعلم الروداني الكبير عبد المجيد كردودي ونجله المهدي كردودي.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
أسدل الستار، مساء الأحد، على فعاليات النسخة الخامسة من مهرجان عيساوة بمدينة مكناس، في دورة وُصفت بأنها النسخة الأولى في شكلها الجديد بعد أن تبنّت بعداً عالمياً، من خلال دمج مقامات وإيقاعات عالمية ضمن برنامجه، مما منح المهرجان هوية منفتحة على العالم، وإن لم يَخلُ من الجدل.
الحدث، الذي طال انتظاره من قِبل الساكنة والمهتمين، عرف نجاحاً جماهيرياً كبيراً طيلة أيامه الأربعة (25،24،23،و 26 يوليوز)، حيث تقاطرت جموع من الزوار لحضور العروض، في مؤشر واضح على تعطّش الساكنة المكناسية لمثل هذه المبادرات الفنية، التي تكسر حالة الركود التي تعيشها المدينة، خصوصاً في شقها الثقافي والفني.
ورغم الزخم الجماهيري، لم يسلم المهرجان من انتقادات حادة قبل انطلاقه، تمحورت حول عدد من النقاط التي طرحها المتتبعون والفاعلون الثقافيون، من أبرزها:
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1667386526530-0'); });
· تهميش عدد من الأسماء الفنية المحلية ذات الصلة المباشرة بفن عيساوة.
· دعوة فنانين لا علاقة لهم بالفن العيساوي، وهو ما اعتبره البعض هدراً لميزانية المهرجان على حساب روحه الأصلية.
· مشاركة رئيس اللجنة الفنية والتقنية في جميع سهرات المهرجان رفقة فرقته، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة حول تضارب المصالح وتداخل المهام بين المنظم والمستفيد.
ورأى البعض أن المهرجان، في نسخته الجديدة، افتقد إلى العمق الروحي والصوفي الذي لطالما شكّل جوهر الطريقة العيساوية، حيث غابت الليالي الربانية العيساوية التي كان من الممكن أن تُنظم في رياضات وبيوت عتيقة بالمدينة القديمة، على هامش العروض العامة، لتقريب الضيوف من روح هذا التراث عبر طقوس الذكر، والإنشاد، والحضرة، وحزب "سبحان الدايم".
وكان بالإمكان، بحسب مقترحات عدد من الفاعلين، تخصيص ليالٍ روحية تشارك فيها عدة فرق ومقدمين، تحاكي أجواء المولد النبوي، إضافة إلى فقرات فنية مشتركة (fusion) تجمع بين العيساوي وفنون روحية مجاورة، مثل السماع الصوفي والذكر الحمدوشي، إلى جانب فن الملحون الذي تربطه بالطريقة بالعيساوية روابط فنية وروحية عريقة من خلال قصائد الذكر العيساوي المنظومة من طرف شيوخ الملحون.
كما لوحظ غياب واضح لـرؤية فنية عالمية حقيقية ترافق الفن العيساوي في انفتاحه على الإيقاعات الدولية، ما جعل البعد "العالمي" يبدو شكلياً في بعض فقرات المهرجان.
ورغم كل هذه الانتقادات التنظيمية والفنية، لا يمكن إنكار النجاح الجماهيري الكبير الذي حققته الدورة الخامسة، فضلاً عن الحركية الاقتصادية التي أحدثها المهرجان في المدينة، من خلال تنشيط قطاعات السياحة، والخدمات، والتجارة، مما يبرهن على أهمية استمرار مثل هذه التظاهرات.
ويبقى الأمل معقوداً على الدورات القادمة من مهرجان عيساوة، ليُكرّس هذا الحدث كموعد ثقافي سنوي يُعيد لمكناس توهّجها الفني، ويُبرز غنى موروثها الروحي والحضاري، على المستويين المحلي والدولي.