في خضم عالم تتشابك فيه التحديات الجيوسياسية والاقتصادية، يظل الذهب الملاذ الآمن الذي يجذب أنظار المستثمرين وصانعي السياسات على حد سواء، ونحن في منتصف عام 2025، تتجه الأسواق نحو فترة حاسمة قد تشهد تقلبات غير مسبوقة في أسعار الذهب، مدفوعة بالتوترات التجارية، وتحركات البنوك المركزية لتنويع احتياطياتها، وتوقعات المؤسسات المالية الدولية.
ويرى الخبراء أن الذهب قد يكون على أعتاب تسجيل مستويات تاريخية، فيما يحذر آخرون من أن استقرار الأسواق قد يعيد توجيه الاستثمارات نحو أصول أخرى.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض توقعات أسعار الذهب للأشهر القادمة من 2025، مدعومة بتصريحات الخبراء وتحليلات المؤسسات العالمية.
الذهب وسط معركة الرسوم الجمركية
وأكد المهندس لطفي المنيب، نائب رئيس شعبة الذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، في تصريحات لـ “بانكير”، أن الأسواق على موعد مع تحركات دراماتيكية في أسعار الذهب خلال الأشهر المقبلة.
وقال المنيب: "إذا توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي والمكسيك بشأن الرسوم الجمركية، فإن ذلك سيفتح آفاقًا جديدة للاستثمار في القطاعات الصناعية والتجارية، مما قد يقلل من جاذبية الذهب كأولوية استثمارية".
وأضاف: "لكن إذا استمرت الخلافات، وأصرت واشنطن على فرض رسوم جمركية مرتفعة، فسيصبح الذهب الملاذ الأول، وسيشهد قفزات قد تدفعه إلى مستويات لم نشهدها من قبل في تاريخ الأسواق".
تأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوترات التجارية، حيث أعلنت الإدارة الأمريكية عن خطط لفرض رسوم بنسبة 15-20% على سلع الاتحاد الأوروبي، مع تركيز على قطاع السيارات.
ووفقًا لتقرير "وول ستريت جورنال"، فإن هذه السياسات قد تعيد إشعال الحروب التجارية، مما يعزز الطلب على الذهب كملاذ آمن.
كما أشار تقرير "سي إن إن الاقتصادية" إلى أن التوترات في الشرق الأوسط والصراع المستمر في أوكرانيا تدعم توقعات ارتفاع الذهب إلى 3000 دولار للأونصة قبل نهاية 2025.
الذهب كسلاح ضد هيمنة الدولار
ويبرز الذهب كأداة استراتيجية في مواجهة هيمنة الدولار الأمريكي، حيث أوضح المنيب: "تسعى العديد من الدول حاليًا للتحرر من سيطرة الدولار، مما دفع البنوك المركزية إلى زيادة حيازاتها من الذهب كجزء من استراتيجية تنويع الاحتياطيات".
وأضاف: "هذا التحول يعزز من قيمة الذهب كأصل عالمي، ويقلل من تأثير الضغوط الاقتصادية الأمريكية".
وأضاف: "بعد عقود من هيمنة الدولار كاحتياطي عالمي، أصبحت الدول اليوم أكثر وعيًا بضرورة تنويع محافظها لحماية اقتصاداتها"، حيث تدعم هذه الرؤية بيانات من مجلس الذهب العالمي، التي تكشف أن البنوك المركزية في الصين والهند وتركيا زادت مشترياتها من الذهب بنسبة 33% في النصف الأول من 2025.
كما أشار تقرير "بلومبرغ" إلى أن دول مثل البرازيل وروسيا تعمل على تعزيز احتياطياتها من الذهب لدعم عملاتها المحلية.
وفي تقرير لصندوق النقد الدولي، يتوقع أن يؤدي هذا التوجه إلى زيادة الطلب على الذهب بنسبة 12-18% بحلول منتصف 2026، مما يدعم الأسعار في الأجل القصير والمتوسط.
توقعات المؤسسات الدولية
وتتعدد توقعات المؤسسات المالية العالمية حول مسار أسعار الذهب، حيث يتوقع بنك "غولدمان ساكس" أن تصل الأسعار إلى 3100 دولار للأونصة بحلول مارس 2026، مدفوعًا بالتوترات الجيوسياسية وزيادة مشتريات البنوك المركزية.
ومن جانبه، يرى بنك "سيتي غروب" أن الذهب قد يصل إلى 3200 دولار قبل نهاية 2025، خاصة إذا استمرت التوترات التجارية أو انخفضت أسعار الفائدة الأمريكية.
وفي المقابل، يتبنى بنك "جي بي مورغان" رؤية أكثر تحفظًا، متوقعًا أن يصل الذهب إلى 2800 دولار، مع تحذير من أن نجاح المفاوضات التجارية قد يحد من هذا الصعود.
كما نشر موقع "LiteFinance" تحليلًا يشير إلى إمكانية وصول الذهب إلى نطاق 3500-4000 دولار بحلول يونيو 2026، مدعومًا بالطلب القوي من الأسواق الناشئة.
وفي تقرير للبنك الدولي، يشير إلى أن الذهب سيظل أداة حيوية للتحوط ضد التضخم، خاصة في ظل عدم اليقين حول السياسات النقدية للاحتياطي الفيدرالي.
توصيات للمستثمرين
وينصح الخبراء المستثمرين بالاحتفاظ بنسبة من محافظهم في الذهب كتحوط ضد التقلبات، مع التركيز على الاستثمار طويل الأجل، حيث أكد المنيب على أهمية متابعة الأحداث الجيوسياسية وقرارات الاحتياطي الفيدرالي.
كما يوصي محللو "سيتي غروب" بالاستثمار في الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب لتقليل المخاطر، مع تجنب المضاربات قصيرة الأجل.
وفي النصف الثاني من 2025، يقف الذهب على مفترق طرق بين التوترات التجارية وزيادة الطلب المؤسسي، وسواء تصاعدت الخلافات أو تحققت الاتفاقيات، يظل الذهب رمزًا للثبات في عالم مضطرب.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
