ما تزال المفوضية الأوروبية تتمسك بسياسات أوروبا الخضراء، وتطرح هدفًا جديدًا لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ووفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تكبدت الأحزاب الخضراء خسائر فادحة خلال انتخابات البرلمان الأوروبي لعام 2024، ومنذ ذلك الحين، فقدت المزيد من الدعم في استطلاعات الرأي.
رغم ذلك، ما تزال تتمتع بدعم كبير في المفوضية الأوروبية، ويتضح هذا عند النظر إلى بعض مقترحاتها، التي حددت هدفًا جديدًا آخر لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ودعم سياسات أوروبا الخضراء.
ومن المقرر الآن خفض هذه الانبعاثات بنسبة 90% بحلول عام 2040 مقارنة بمستويات عام 1990؛ حيث تقدّم المفوضية هذا المقترح على الرغم من أن 6 حكومات أوروبية فقط تدعم سياسات أوروبا الخضراء بالكامل.
منع شراء المركبات غير الكهربائية
مؤخرًا، تسربت أنباء تفيد بأن المسؤولين الأوروبيين يعملون على خطة لمنع شركات تأجير السيارات والشركات الكبرى من شراء المركبات غير الكهربائية بدءًا من عام 2030 فصاعدًا.
ويُعدّ هذا أمرًا مُحيّرًا للغاية عند النظر إلى الوضع الإشكالي في قطاع تجميع السيارات الأوروبي.
وعلى مدار العام الماضي، كانت هناك انتقادات شديدة للسياسة الأوروبية للتخلص التدريجي من محركات الاحتراق بحلول عام 2035، سواءً من داخل القطاع أو من السياسيين الفرنسيين والألمان، بمن فيهم بالطبع صانعو السياسات الذين دعموها سابقًا.
وقد أدى ذلك إلى تخفيفٍ طفيفٍ لبعض جوانب سياسات أوروبا الخضراء في الربيع الماضي.
ورغم ذلك، فإن هذه المبادرة الأخيرة تُعدّ تسريعًا فعليًا لسياسات أوروبا الخضراء، وخطة التخلص التدريجي من محركات الاحتراق، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وإذا كان المستهلكون يُفضّلون السيارات الكهربائية، وكان المصنّعون الصينيون قادرين على تحسينها، على سبيل المثال، من خلال تحسين الوصول إلى بعض المواد الخام، فمن الطبيعي أن تُواجه شركات تصنيع السيارات الأوروبية صعوبات.

ارتفاع تكاليف إنتاج صناعة السيارات الأوروبية
لا تقتصر مشكلات قطاع السيارات على حظر عام 2035؛ فوفقًا لشركة ستيلانتيس (Stellantis)، المصنّعة لعلامات تجارية مثل فيات وبيجو، فإن القوانين الأوروبية الحالية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون تتسبب في ارتفاع تكاليف إنتاج صناعة السيارات الأوروبية بنسبة 40%.
ومن خلال نظام تداول الانبعاثات الأوروبي (ETS)، يفرض الاتحاد الأوروبي ضريبة كربون فعلية، ما يترتب عليه عواقب وخيمة، ليس فقط على تجميع السيارات.
بدورها، تتأثر الصناعة الكيميائية، التي تُشكّل أساس جميع الأنشطة الأخرى، خصوصًا بهذا، وتواجه وضعًا تنافسيًا بالغ الصعوبة.
وتتجاوز تكلفة نظام تداول الانبعاثات الأوروبي السعر الإجمالي للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، حيث يكون سعره أرخص بـ4 إلى 5 مرّات.
وقد دقّ أشخاص -مثل مؤسس شركة "إينيوس" العملاقة للكيماويات (Ineos)، جيم راتكليف- ناقوس الخطر عدّة مرّات، ولكن عمليًا، لا يُبذل سوى القليل، إن وُجد، على الرغم من الإعلانات المستمرة عن إغلاق المصانع في قطاع الكيماويات الأوروبية.
من ناحية ثانية، طرحت المفوضية الأوروبية، هذا الشهر، خطة دعم للصناعات الكيميائية.
وبالإضافة إلى الحمائية الضارة اقتصاديًا، مع "أولوية الإنتاج في أوروبا"، يلتزم المسؤولون الأوروبيون بالمزيد من سياسات المناخ نفسها، مثل "تشريع لإنشاء سوق للطاقة الدائرية، مع إمكان الوصول إلى طاقة نظيفة تعتمد على الهيدروجين المنتج بالطاقة النووية" و"سوق ثانوية لإعادة التدوير".

خسارة الوظائف والاستثمارات والتنافسية
على الرغم من أن الولايات المتحدة والصين تدعمان صناعاتهما بإجراءات حقيقية، تتلكأ أوروبا، وهذا يكلّفها وظائف واستثمارات وتنافسية.
في مدينة كولونيا الألمانية، تتكبد المصانع 240 مليون يورو (282.44 مليون دولار) كتكاليف إضافية سنويًا لمجرد التشغيل، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الغاز، وغلاء الكهرباء، وارتفاع رسوم الكربون.
تجدر الإشارة إلى أن أيّ سياسي بارز لا يدعو إلى إلغاء نظام تداول الانبعاثات الأوروبي، على الرغم من أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الولايات المتحدة، حيث لا يوجد مثل هذا النظام، قد انخفضت بشكل حادّ للفرد الواحد مقارنةً بالاتحاد الأوروبي منذ عام 2005، عندما طُبِّق نظام تداول الانبعاثات الأوروبي.
وعلى العكس من ذلك، سيُوسَّع النظام ليشمل المستهلكين، بدءًا من عام 2027 فصاعدًا، الذين سيتعين عليهم، من خلال "نظام تداول الانبعاثات الأوروبي 2"، دفع ما يُقدَّر بنحو 25% زيادة لقيادة سيارة تعمل بالديزل أو البنزين.
بدورها، ستضطر الأسر متوسطة الدخل إلى دفع 700 يورو (823.77 دولار) إضافية سنويًا لتدفئة منازلها بالغاز.
وعلى الرغم من أن هذا يُعدّ هجومًا شرسًا على القدرة الشرائية للسكان، لا يُثار حوله أيّ جدل سياسي تقريبًا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..