أخبار عاجلة

هل حقّاً نحن نخاف ولا نحشم؟

هل حقّاً نحن نخاف ولا نحشم؟
هل حقّاً نحن نخاف ولا نحشم؟

نكتة مغربية ذات دلالة تقول إن سائفا تجاوز الضوء الأحمر ولم ينتبه إلى شرطي يقف عشرين مترا بعد عمود الأضواء. أوقفه، فحياه وراقب أوراق السيارة ثم قال:

– علاش ما وقفتيش فالضو الأحمر؟

– والله ما شفتك آ الشاف!

لا يمكن لأحد أن يدعي أننا نحن المغاربة نحترم القوانين كيفما كانت، السير، البناء، البيع والشراء، الضرائب، التربية والتعليم والقائمة طويلة. لكن حضور القائمين على احترام القانون وحرصهم على احترامه يردعهم ويمنع اعتداءهم بعضَهم البعض.

أستعملُ الطريق السيار بين الرباط والدار البيضاء منذ سنة 2000 ولم يسبق لي أن رأيت الحافلات تلتقط الراكبين المنتظرين داخل الطريق السيار ولا رأيت الدراجات النارية تحت 50 سنتمتر مكعب تتسابق فيه إلا في السنوات الأخيرة، والسبب، منع رجال الدرك من المراقبة في هذه الطرق إلا عند محطات الأداء.

في المدن المغربية خصاص رهيب لشرطة السير والجولان، استغله مستعملو الطريق ومضوا يستعملون الطريق على مزاجهم، كل الدراجات النارية والهوائية ومعهم التروتينيت، تسير في الاتجاه الممنوع، حتى غدا قانونا جديدا يتّبعه الجميع. ولو كان حضور الردع قائما لما حدثت هذه الفوضى الخطيرة.

الفساد الموجود في الجماعات الحضرية جعل الرخص الاستثنائية جحيما للراجلين والسائقين معا، دون الحديث عن الفراشين والبائعين الجائلين. ولو كانت هناك متابعة حية لعمل هؤلاء لاختلف هذا الواقع. وهو فساد موجود في كل إدارات الدولة، مركزية أو جهوية أو إقليمية.

قبل 1979 كان الغش في امتحان البكالوريا شبه مستحيل، لأن المراقبين يحرمونك من سنة إلى خمس سنوات دراسية لأقل محاولة، واليوم يكاد يكون الغش حقا غير قابل للنقاش بسبب تساهل المراقبين واقتصارهم على عقاب الغش المصحوب بالعنف.

الخوف هو الرادع الوحيد في سلوكنا، اما الضمير فلا يشتغل سوى عند قلة قليلة، قلة تكاد تكون مجانبة للصواب بسبب اختلافها عن الأغلبية فاقدة الضمير. وأخطر فاقدي الضمير هم هؤلاء الذين يتولون مسؤولية سياسية أو إدارية، ولا رادع لهم فلا يخافون من أي عقاب أو متابعة. (المال السليب)

سأقول لكم أن المغرب سيتغير كثيرا في الخمس سنوات القادمة، الطريق والقطار والفندق والمواصلات والصناعة والاقتصاد والفلاحة والمعادن وما لا أستطيع حصره. لكن الإنسان في هذه الخمس سنوات هو ما لن يتغير إلا إلى الخلف، تغيّرا رهيبا، ولا حيلة لنا في تجنب هذا المصير الذي يستعصي على المجتمع والدولة. وإذا كان أصحاب الدراجات وحدهم يسيرون في الاتجاه الممنوع ويخرقون قدسية الضوء الأحمر فإن السيارات هي أيضا ستتجاسر على ضرب مدونة السير بالخرق نفسه سنة 2030.

إن أسلوب الحملات لم يعد قادرا على الردع، حملة لاسترجاع الملك العام، حملة لمراقبة الطريق في العطل، حملة لمراجعة تقارير المجلس الأعلى للحسابات، حملة لتشديد المراقبة على مهربي البشر والمخدرات وهلم حملات، ما إن تتوقف حتى يرجع منعدمو الضمير إلى أشغالهم.

إن الحضارة ليست نبتة نغرسها في الأرض ثم نسقيها لتواصل الحياة بل هي بذرة تُغرس وتنمو ببطء قبل أن تخرج برأسها إلى السطح. ومن يعتقد أننا سنصبح متحضرين بفضل التحول الصناعي والاقتصادي مخطئ غارق في الخطأ، لأن الحضارة تربية في المدرسة والبيت أولا، وهو ما نفتقده بنسبة كبيرة. وفي انتظار تطور الضمير المغربي يلزمنا اتباع سياسة الردع في كل المجالات. ولا خوف على حقوق الإنسان التي يتخذها الفاسدون حقا لترسيخ الباطل، لأن التشدد في مراقبة احترام القانون لا يتعارض مع الحقوق.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ‏مصادر فلسطينية: مقتل 16 شخصا على الأقل وإصابة آخرين في غارات إسرائيلية على مناطق في قطاع غزة منذ فجر اليوم
التالى النفط يتراجع لأدنى مستوى في 3 أسابيع