
علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع أن وزارة الداخلية استنفرت مصالحها إثر تصاعد منسوب الاحتقان داخل جماعات كبرى بسبب رفض عدد من نواب الرؤساء ممارسة التفويضات الممنوحة لهم، خوفا من تحمل المسؤولية القانونية عن اختلالات سابقة وجارية في التسيير، واحتجاجا على ما وصفوه بالتدبير الانفرادي والشطط في استعمال السلطة، موضحة أن ولاة الجهات، على رأسهم والي جهة الدار البيضاء-سطات، وجهوا رسائل تنبيه إلى رؤساء جماعات، عبر المسؤولين الإقليميين، تحثهم على ضرورة الخروج من حالة الجمود في تسيير مرافق جماعية منذ سنوات، ومعالجة أسباب التردد في التوقيع واستغلال تفويضات، خصوصا في مجالات الرخص والتعمير والجبايات، من قبل نواب للرؤساء ومستشارين.
وأفادت المصادر ذاتها بأن توجيهات الولاة الجديدة ارتكزت على معطيات خطيرة وردت في تقارير لأقسام “الشؤون الداخلية” توصلت بها المصالح المختصة بالإدارة المركزية مؤخرا، لمحت إلى شطط في استعمال رؤساء جماعات سلطتهم على الموظفين، ما جعل بعض التفويضات “صوريةً” ومشوبة بشبهة محاولة التخلص من المسؤولية، مبرزة أن التقارير ذاتها نقلت غضب نوابٍ للرؤساء من تجاهل القانون ومقتضيات دوريات وزير الداخلية الخاصة بتفويض إمضاء أو صلاحيات رئيس مجلس الجماعة.
وأكدت المصادر نفسها رصد مصالح الداخلية تواتر ملتمسات الإعفاء من التوقيعات وممارسة اختصاصات التسيير على رؤساء جماعات واردة من نواب ومستشارين بعد موجة العزل والمتابعات القضائية التي عصفت بعدد كبير من الرؤساء والموظفين الجماعيين، واتساع دائرة نشاط لجان التفتيش المركزية الوافدة عن المفتشية العامة للإدارة الترابية، موازاة مع عمل لجان المجالس الجهوية للحسابات، موردة أن تقارير أقسام “الشؤون الداخلية” لمحت إلى ارتباط ملتمسات بحسابات انتخابية وسياسية استندت إلى تغييرات محتملة في الانتماءات السياسية لنواب ومستشارين والتخطيط لتحالفات جديدة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية 2026.
يشار إلى أن دورية لوزير الداخلية نصت على أن التفويض داخل الجماعات الترابية يمكن أن يشمل الصلاحيات أو الإمضاء، ما يميز بين مسؤولية الرئيس ومسؤولية النائب المفوض له، حسب طبيعة التفويض، حيث يجب أن يبنى تفويض المهام على معايير موضوعية تراعي التجانس في النشاط، والموارد المالية والبشرية، وعدد السكان، وأهمية المرافق، فيما أتاحت الدورية، في الجماعات التي يفوق عدد سكانها 300 ألف نسمة، إمكانية تفويض القطاع نفسه لأكثر من نائب، شرط تحديد المجال الترابي لكل واحد لتجاوز صعوبات التغطية الميدانية، علما أن الإشكالات تبرز بشكل خاص في الجماعات ذات المقاطعات، حيث يمكن للرئيس تفويض بعض صلاحيات الشرطة الإدارية لرؤساء المقاطعات، وله حرية اختيار النائب دون التقيد بالترتيب. ويترتب عن تفويض الصلاحيات أن النائب المفوض يتحمل المسؤولية القانونية الكاملة، ولا يحق للرئيس التدخل إلا في حالة إلغاء التفويض.
وكشفت مصادر هسبريس أن ارتباط ملتمسات بالإعفاء من التوقيعات والتفويضات بنواب ومستشارين جماعيين يتقاسمون الانتماء السياسي ذاته مع رؤساء جماعات، أثار جدلا واسعا في صفوف مكاتب مجالس جماعية بمدن وأقاليم كبرى، موضحة أن ملتمسات جديدة في طريقها إلى مكاتب رؤساء في غضون الأيام القليلة المقبلة، وذلك علاقة بتوصل هؤلاء المسؤولين باستفسارات من المصالح الإقليمية عن تقارير تفتيش أنجزتها لجان المفتشية العامة للإدارة الترابية بجماعاتهم، مشددة على أن رفع تقارير نهائية للتفتيش إلى المصالح المركزية يرتقب أن يرتقب أن يطيح بنواب ومستشارين، ويهدد ترشحهم للانتخابات المنتظرة.