أخبار عاجلة

الطائفية تعري ضعف الدولة .. بذور التشيّع الإيراني تنبت في قلب تونس

الطائفية تعري ضعف الدولة .. بذور التشيّع الإيراني تنبت في قلب تونس
الطائفية تعري ضعف الدولة .. بذور التشيّع الإيراني تنبت في قلب تونس

منذ وصول الرئيس التونسي قيس سعيد إلى السلطة سنة 2019، شهدت تونس تحوّلات سياسية واجتماعية واقتصادية داخلية عميقة، سمتها الأبرز تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد والتضييق على هامش الحريات والتأسيس لحكم رجل واحد لا يقبل انتقادا ولا نُصحا، هو الذي حوّل تونس إلى ملحقة للنفوذ الجزائري وفق تعبير الكثيرين؛ غير أن الأخطر من كل ذلك هو فتح الباب على مصراعيه أمام التمدد الإيراني في البلاد من بوابة التشيّع والمراكز الدينية الشيعية والحسينيات التي بدأ نشاطها يخرج إلى العلن وينتثر بذوره في نسيج المجتمع التونسي.

ملامح التغلغل الإيراني في تونس ظهرت منذ سماح السلطات التونسية بافتتاح مركز شيعي في العاصمة التونسية قبل عامين، سُمّي بـ”مركز أهل البيت للدراسات والأبحاث”، ويترأسه المعمّم الشيعي ذو الأصول السعودية، أحمد سلمان الحربي، قبل أن يترسخ هذا التغلغل مع زيارة قيس سعيد لإيران، وإعفاء الإيرانيين من تأشيرة الدخول إلى تونس، الذي لم يكن مجرد قرار إداري؛ بل كان بمثابة إشارة ضوء أخضر لعبور النفوذ الإيراني والفكر الشيعي إلى قلب العاصمة وإلى أعماق المجتمع التونسي.

وقد أتاحت “السياسات القمعية” للرئيس قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري سابقا، التي أدت إلى تراجع دور الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني، فرصة مواتية لإيران لمدّ أذرعها الثقافية والدينية بشكل أكثر هدوءا وأقل إثارة للانتباه، مستفيدة من هذا الفراغ؛ وهو ما تُوّج بافتتاح أول “حسينية” في العاصمة تونس، في تحول خطير يهدد الهوية الوطنية والدينية للشعب التونسي.

وأكدت مصادر من داخل تونس، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الفكر الشيعي بدأ يجد له موطئ قدم داخل المجتمع التونسي في الآونة الأخيرة، خاصة في أوساط الشباب الذين بدأ بعضهم ينجذب نحو هذا الفكر الذي يقدّم نفسه كبديل فكري وروحي”، مؤكدة أن “عددا من الصحافيين المعروفين في تونس قاموا مؤخرا بزيارة إيران، في زيارة غير معروفة البرنامج ولا الأهداف، وقد تزامن وجودهم هناك مع بداية أولى موجات القصف الإسرائيلي لطهران”.

فكر دخيل

أصدر عدد من العلماء والشيوخ والأساتذة الجامعيين التونسيين، في وقت سابق من هذا الشهر، بيانا عبّروا من خلاله عن قلقهم العميق إزاء التمدد الشيعي في البلاد، إثر افتتاح “حسينية” جديدة بضواحي العاصمة وتنظيم تجمعات شيعية في ذكرى عاشوراء الماضية.

وأشار البيان، الذي تتوفر جريدة هسبريس الإلكترونية على نسخة منه ووقّعه عدد من الشخصيات الدينية، من ضمنها شكري مجولي، عضو أمناء الهيئة العالمية لنصرة بني الإسلام، والشيخ عمر اليحياوي، رئيس الهيئة العلمية للتعليم الزيتوني، إلى إقامة عدد من “الحسينيات” في ولايات تونسية عديدة وتنظيم تجمع شيعي في قلب العاصمة إحياء لذكرى عاشوراء؛ وهو ما “لم تعهده عادات البلاد ولا مذهبها الإسلامي”.

وأكد العلماء والشيوخ الموقعون على البيان “تمسّكهم بهوية تونس القائمة على العقيدة السنية ومذهب إمام دار الهجرة النبوية”، مشيرين إلى “مخالفة هذه النابتة لتديّن التونسيين الذي عهدوه منذ قرون واستقروا عليه، والذي منه استمدّوا قوانينهم في مجلة الأحوال الشخصية التي أنتجها علماء الزيتونة منذ ما قبل الاستقلال وغيرها”.

وأضاف البيان أن “هذا الإعلان الصارخ والصادم من التابعين لمذهب الشيعة يرمي إلى خلق طائفة موازية للمجتمع التونسي السني؛ وهو ما يثير حفيظة علماء تونس ومشايخها، وينذر بتغيّر في بنية المجتمع التونسي لا تُحمد عقباه”، مؤكدا أن “التمذهب الشيعي لا يقف عند الطعن في أمهات المؤمنين وفي صحابة رسول الله وفي كتاب الله تعالى، بل يؤول إلى تكفير أغلبية المجتمع التونسي”.

وذكر البيان ذاته أن “التشريعات التونسية ضمنت حرية المعتقد للتونسيين كافة دون استثناء؛ ولكن هدف التشيّع هو إيجاد طائفة يكون لها نفوذ بالتدرّج على سيادة القرار في تونس، لأن ولاءها الديني ومقدّرات قوتها وطبيعة خياراتها تكون مرتهنة إلى مرجعية من خارج البلاد، مرتبطة بولاء سياسي لدولة تصدّر هذا المذهب عبر الدعاية له وإنفاق الأموال بغاية احتلال الوطن وتغيير هوية أهله”، مهيبا بالسلطات والقائمين وعموم الشعب التونسي العمل على صيانة هوية البلاد والمحافظة على وحدة المجتمع وانسجامه.

تواطؤ واحتلال

قال محمد علي الحراث، الباحث التونسي في الشأن الديني، في تصريحات لمنصة “البلاغ” حول هذا الشأن، إن “قيس سعيد لا يثق في القيادات الجديدة في الجيش؛ بل يثق في القيادات الكبرى التي يزعم أنها تتبع المذهب الشيعي”، مؤكدا أن “النظام التونسي الحالي يستعد لخلق ميليشيات على غرار ‘الحشد الشعبي’ لحماية نظامه من السقوط”.

وشدّد المتحدث ذاته على أن “سعيد يحاول بسط السيطرة الكاملة على أجهزة الدولة، بما في ذلك القضاء والأمن والإعلام ورجال الأعمال، عبر إقصاء المعارضين له واستبدالهم بأشخاص موالين له أو للنظام في إيران”، محذرا من التوسع الشيعي في تونس من خلال “الحسينيات” والتنظيمات الدينية التي تسعى إلى السيطرة على حكم البلاد.

من جهته، وجّه الباحث السوري أحمد كامل تحذيرا إلى التونسيين من مغبة التساهل مع هذا التمدد الإيراني، إذ قال في تصريح إعلامي إن “سوريا مرّت بحوالي 23 احتلالا أجنبيا من الروم إلى الفُرس والمغول والتتار والصليبيين والفرنسيين والإسرائيليين، وكذا الاحتلال الإيراني”، معتبرا أن “هذا الأخير هو أقبح وأسوأ احتلال مرّ علينا وأبشعهم، وإذا لم يتم مواجهته بسرعة وبمنتهى الوعي، فعلى تونس السلام”.

ولا يشكّل هذا التمدد الشيعي الإيراني في تونس خطرا فقط على الهوية الوطنية والدينية للتونسيين فقط، وإنما أيضا خطرا استراتيجيا يتجاوز الحدود التونسية ليهدد مجمل استقرار دول شمال إفريقيا، وعلى رأسها المغرب، الذي لطالما واجه هذا المد بصرامة سياسية ويقظة أمنية كبيرتين؛ ذلك إن طهران، في ظل تراجع نفوذها في الشرق الأوسط، ستسعى إلى فتح جبهة جديدة في الصراع مع الغرب ومع الدول السنية، من خلال إيجاد موطئ قدم جديدا لها في الجوار المباشر للمغرب، بما يمكّنها من الالتفاف على جدار الصد المغربي واستغلال حالة الهشاشة التي تعيشها تونس والدول المجاورة لها؛ ما يستوجب مزيدا اليقظة الاستراتيجية لمواجهة هذا الزحف الطائفي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بطموحات لتعزيز التنمية الإفريقية.. المغرب منطلق حيوي لمهندسين أفارقة
التالى الاتحاد يطلب ضم موهبة الأهلي ضمن صفقة مروان عطية