احتضنت العاصمة الإكوادورية كيتو، بحر الأسبوع الماضي، أشغال الملتقى الثالث لمؤسسة “حقوق الإنسان بلا حدود (DHSF)”، الذي حضرته شخصيات حقوقية ونقابية من أمريكا اللاتينية، إضافة إلى منظمات دولية تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان.
وعرفت هذه الدورة تقديم الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان (ASADEDH) لمذكرة مفصلة توثق الأوضاع الإنسانية في مخيمات تندوف، حظيت بإجماع المشاركين، وتم اعتماد مضامينها ضمن البيان الختامي، لتتصدر فقرات “إعلان كيتو”.
وأكدت الجمعية أن أوضاع حقوق الإنسان داخل المخيمات الواقعة على التراب الجزائري شهدت، خلال السنة الأخيرة، تدهورا حادا، مسجلة وقوع “ما لا يقل عن 12 حالة قتل استهدفت مدنيين صحراويين عزّل على أيدي عناصر من الجيش الجزائري”. كما نبهت إلى تصاعد مظاهر العنف والاضطراب الأمني بسبب تنافس فصائل مسلحة على تهريب المخدرات والأسلحة، يقودها مجرمي حرب ضمن جبهة “البوليساريو”.
وسلط البيان، الذي توصلت به هسبريس، الضوء على “حالات اختطاف واحتجاز تعسفي طالت مئات الشبان، خصوصا من الفتيات؛ من أبرزهم الشابة الصحراوية صفية، التي فرت إلى العاصمة الجزائر خوفا من الاعتقال بعد إعلان “البوليساريو” أنها مطلوبة لدى قيادتها”. كما تم تسجيل توجه أعداد من الشباب للانخراط في صفوف جماعات إرهابية تنشط بمنطقة الساحل، وخاصة في مالي والنيجر.
وفي السياق ذاته، نددت الجمعية الحقوقية بما وصفته “هجمات صاروخية عشوائية استهدفت مدينة السمارة” خلال هذه السنة، مبرزة أن “تلك الاعتداءات على أهداف مدنية خلّفت حالة من الرعب، وتم توصيفها من قبل مراقبين دوليين كأعمال إرهابية صريحة”.
كما أعربت الجمعية عن قلقها الشديد حيال استمرار ظاهرة “تحويل المساعدات الإنسانية” الموجهة إلى سكان المخيمات، مؤكدة أن تلك المواد تباع في الأسواق السوداء بدول الجوار، بتواطؤ بين قادة جبهة “البوليساريو” ومسؤولين عسكريين جزائريين.
وفي هذا الإطار، جدد البيان مطلب إجراء إحصاء رسمي وشامل للساكنة، وفق ما تطالب به الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هذا الإجراء يواجه “عرقلة ممنهجة من لدن الجزائر و”البوليساريو” بهدف إبقاء الساكنة في وضع قانوني مبهم يفتقر إلى أية صفة معترف بها دوليا”.
واعتبر البيان ذاته أن “جبهة “البوليساريو” تحولت إلى عنصر تهديد لاستقرار المنطقة”، لافتا إلى أن كلما واجهت القيادة الانفصالية انتكاسات دبلوماسية ردّت بتصعيد غير محسوب، سواء عبر شن هجمات ضد المدنيين أو فرض قيود قمعية مشددة داخل المخيمات، “بتزكية من السلطات الجزائرية”.
ووقّع على هذا البيان عدد من الشخصيات والمؤسسات المشاركة في الملتقى؛ من بينها إدغار سارانغو، رئيس كونفدرالية العمال بالإكوادور، وخوان كارلوس موراغاس دوكي، رئيس مؤسسة “حقوق الإنسان بلا حدود”، إلى جانب نقابيين وأكاديميين من بيرو وتشيلي والإكوادور. كما حمل البيان توقيع يونس خيا، مدير هيئة الانتقال الطاقي بمدينة العيون كبرى حواضر الصحراء المغربية.
وفي ختام بيانها، دعت الجمعية الصحراوية المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية وكافة مكونات المجتمع المدني إلى “التحرك العاجل لإدانة الانتهاكات المرتكبة داخل مخيمات تندوف، والمطالبة بتمكين ساكنتها من حرية التنقل والكرامة الإنسانية، وفقا للمعايير الدولية، وإنهاء حالة الاحتجاز القسري التي تعيشها تحت وصاية جبهة “البوليساريو” والسلطات الجزائرية”.
في هذا الصدد، قال رمضان مسعود العربي، رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان (ASADEDH)، إن أشغال الملتقى الثالث لمؤسسة “حقوق الإنسان بلا حدود” (DHSF)، المنعقد بالعاصمة الإكوادورية كيتو، شكلت مناسبة مهمة لإثارة الانتباه الدولي إلى الانتهاكات الجسيمة التي ما تزال تُرتكب داخل مخيمات تندوف الواقعة تحت سلطة ومسؤولية النظام الجزائري.
وأضاف رمضان مسعود، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجمعية تقدمت، خلال هذا الملتقى الذي نُظّم من 16 إلى 18 يوليوز الجاري بمشاركة نقابات بارزة وشخصيات حقوقية من أمريكا اللاتينية، بمقترح يدين الانتهاكات المرتكبة من لدن جبهة “البوليساريو” والجيش الجزائري، وتمت المصادقة عليه بالإجماع وإدراجه ضمن البيان الختامي، المعروف بـ “إعلان كيتو”.
وأوضح المتحدث أن هذا المقترح يسلط الضوء بدرجة أولى على الوضع الإنساني المتدهور في المخيمات، وعلى تفشي مظاهر القمع والاحتجاز والاختفاء القسري، وكذا على ظاهرة تجنيد الشباب في أنشطة مشبوهة تمتد من التهريب إلى الانخراط في جماعات إرهابية تنشط في منطقة الساحل، مبرزا أن “هذه الوقائع تتم في سياق من الإفلات من العقاب وبتواطؤ مباشر مع السلطات الجزائرية”.
وسجل الناشط الحقوقي ذاته أن اللقاء شكل أيضا فرصة لعرض عدد من النماذج التنموية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة والبنيات التحتية؛ مما يعكس التزام المملكة المغربية بالنهوض بحقوق الإنسان وتحقيق التنمية المحلية المستدامة.
وأنهى رئيس الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان حديثه لهسبريس بالتأكيد على أن “الهيئة ستواصل تعبئتها الإقليمية والدولية من أجل فضح واقع القمع في تندوف، وحشد الدعم الدولي لتمكين المحتجزين من حقوقهم الأساسية؛ وفي مقدمتها حرية التنقل والكرامة الإنسانية”.