أخبار عاجلة
تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك​ 2025 آخر تحديث -
سعر الذهب اليوم الجمعة فى مصر -
نسرين صادق تتوج بجائزة متوسطية -

بالبلدي: «المهلة الأمريكية».. عدٌّ تنازلي لمرحلة جديدة في لبنان

من يجرؤ في بيروت اليوم على القول إن الزمن ما زال لصالحنا؟

الرسائل لا تُسلم في وضح النهار، والمُهل لا تمنح مجاناً. وواشنطن لن تنتظر أكثر، لذلك بدأت تحاصر لبنان بكلمات منسقة تحمل بين سطورها خريطة تفكيك كاملة: دولة بلا سلاح خارج القرار الرسمي، واقتصاد بلا سيولة متفلتة، وحدود ترسم خارج الإرادة اللبنانية.

وللمرة الأولى لا يُطلب من لبنان أن يفاوض، بل أن ينفذ أو يتبخر من جدول الأولويات الدولية.

فماذا يعني أن تطلب واشنطن بحصرية السلاح؟

أن يربط الانهيار الاقتصادي بمسألة السلاح غير الشرعي؟

أن تفتح ملفات شبعا والمعابر والمصارف دفعة واحدة؟

الرد الأمريكي ليس نهاية فصل، بل افتتاحية حقبة جديدة؛ حقبة يعاد فيها تعريف لبنان: أين يبدأ؟ أين ينتهي؟ ومن يملك قراره!

وهنا، لا بد من تفكيك مضمون هذا الرد، الذي وإن بدا هادئاً في شكله، إلا أنه ينذر بتحولات دراماتيكية في بنية الدولة اللبنانية.

لحظة استثنائيّة بـ 3 معايير

الرد الأمريكي غير الرسمي الذي تسلمه لبنان مطلع الأسبوع، كجواب على الورقة الرئاسية المرسلة إلى الموفد الأمريكي توماس براك، لم يكن تبادلاً تقليدياً للمواقف، بل انتقال إلى مستوى جديد من الإملاء.

هو لحظة استثنائيّة تحمل ثلاثة معايير تحولية؛ أولها: تحديد مهلة زمنية صارمة لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية 2025، تبدأ بتسليم السلاح الثقيل مقابل انسحاب إسرائيلي متدرج من التلال المحتلة، وتتدرج الخطوات نحو المسيرات والعتاد المتبقي. ثانيها: ربط الإصلاحات المالية والاقتصادية الصارمة التي تشمل إغلاق مؤسسات مالية يهيمن عليها الحزب، بنزع السلاح، ما يجعل مصير لبنان المالي والسياسي مرتهناً بوتيرة تقدم هذا الملف. وثالثها: دعوة ضمنية لتصنيف مزارع شبعا كأرض سورية، ومطالبة بيروت بإقفال ملفها رسمياً، ما يترك أثراً مباشراً على الرواية السيادية اللبنانية.

هذه البنود لا تُقرأ كاقتراحات تفاوضية، بل كجزء من خريطة طريق تفرض على لبنان السير في اتجاه واحد، تحت طائلة العزلة الشاملة.

نزع السلاح مدخل لإعادة هندسة الدولة

في العمق، لا ترى واشنطن سلاح الحزب كملف أمني فحسب، بل كعائق وجودي أمام إعادة بناء الدولة اللبنانية. لذا طالبت ببرنامج زمني واضح لنزع السلاح بإشراف الجيش اللبناني وتوثيق مباشر مع صدور موقف معلن من الحزب يُقرّ بالآلية.

بهذا المعنى، تتحول المسألة من تفكيك قوة مسلحة إلى إخراج الحزب تدريجياً من النظام وتحويله من شريك سياسي فاعل إلى طرف خارج المشروعية. ما يعرض على لبنان هنا هو إعلان غير مباشر لولادة «دولة ما بعد الحزب».

أمريكا تجر لبنان إلى

«الصفقة النهائية»

ما سلّم إلى بيروت لا يشبه رداً تقليدياً، بل يشبه الخطوة الأولى في فرض تسوية كبرى. الخطة تشبه نموذج «خطة دايتون» في الضفة الغربية المحتلة، حيث أعيدت هيكلة السلطة تدريجياً ودمجت المؤسسات الأمنية في القرار السياسي والمالي، فيما تم تحييد المقاومة كقوة خارجة عن النظام.

الرد الأمريكي يعيد إنتاج هذا النموذج بصيغة لبنانية: جيش يشرف على السلاح، نظام مالي خاضع بالكامل للمراقبة، ومقاومة محاصرة من الداخل لا الخارج. هنا، يتحول الحزب من لاعب داخلي إلى «مشكلة إقليمية» يجب تفكيكها عبر أدوات محلية لا خارجية.

سيناريوهات الرفض - ما بعد المهلة؟

في حال الرفض أو المماطلة، لا يلوح الرد الأمريكي بعقوبات بل بخيارات أخطر: حجب الدعم الدولي، وقف الاستثمارات، والتلويح بإدخال لبنان في عزلة إقليمية تحت عنوان «بلاد الشام».

هذه ليست مجرد توصيفات جغرافية، بل مرحلة يعاد فيها دمج لبنان في إطار إقليمي هش.

هل يستطيع لبنان اجتياز الاختبار؟

الرد الأمريكي يضع لبنان أمام اختبار وجودي لا يملك له أدوات المواجهة؛ فالدولة مقسمة، والمؤسسات ضعيفة، والقرار السياسي يتنازعه الداخل والخارج. حتى الورقة اللبنانية الرسمية التي وُصفت بالموحدة، تبدو مجرد غلاف فوق انقسام سياسي واضح.

يدرك حزب الله أن اللحظة مختلفة، لا بسبب ميزان القوى العسكري، بل لأن شبكته الاجتماعية والاقتصادية تستنزف من عدة جبهات.

والسؤال الحقيقي هو: هل يمتلك لبنان القدرة السياسية والمؤسساتية لتنفيذ ما طُلب حتى لو أراد؟

العد التنازلي بدأ

ما تراه واشنطن فرصة تسوية، قد يشعر به الداخل اللبناني كخنق حقيقي. المهلة الزمنية الموضوعة ليست تقويماً سياسياً، بل عدٌّ تنازليّ لمرحلة جديدة من لبنان، أو لما تبقى منه. وإذا لم تتحول الورقة الأمريكية إلى خطوات عملية متسارعة، فإن البديل ليس الفوضى، بل الاختفاء الهادئ من جدول القرارات الدولية.

أخبار ذات صلة

 

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق خاص لـ "الفجر الرياضي.. عقبة أخيرة تمنع انتقال رضا سليم إلى الوداد ونادِ جديد يدخل في المفاوضات
التالى بالبلدي: «المهلة الأمريكية».. عدٌّ تنازلي لمرحلة جديدة في لبنان