أخبار عاجلة

"فقاعة" المهدي حيجاوي .. حين يتحوّل الهروب من العدالة إلى بطولة وهمية

"فقاعة" المهدي حيجاوي .. حين يتحوّل الهروب من العدالة إلى بطولة وهمية
"فقاعة" المهدي حيجاوي .. حين يتحوّل الهروب من العدالة إلى بطولة وهمية

عندما يشتدّ الخناق على الهاربين من العدالة، تُستهدَف مؤسسات الدولة تحت لافتة “الأسرار الخطيرة”، ويُروَّج لفقاعة إعلامية تُدعى المهدي حيجاوي، يُقدَّم فيها على أنه صندوق أسود أو صاحب ملفات حساسة، وكأنه يحمل مفاتيح أجهزة سيادية أو أسرار دولة لا يعلمها إلا هو ومن يدور في فلكه من روّاد الأخبار الزائفة على “يوتيوب”.

وفي جوهر الأمر، لا يملك المهدي حيجاوي سوى سجلٍّ مثقل بالفضائح وماضٍ ملوّث بالتزوير والاحتيال. لم يكن يومًا في قلب القرار الاستخباراتي، ولا على أطرافه، ولم تُؤتمن له ملفات، ولا سُجّل له أثر في مواقع الدولة الحساسة.

هو اسم عابر، اقتنصته دوائر التضليل، وصنعت له مجدًا افتراضيًا لتدفع به إلى الواجهة، في محاولة بائسة للتشويش على صورة المؤسسات، والمسّ بهيبة الدولة، والانتقام الرمزي من قيادات أمنية واستخباراتية مغربية.

ولعلّ ما نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية مؤخرًا عن هذا الشخص، والذي جاء الرد عليه بوضوح عبر النسخة الفرنسية من هسبريس، يُجسّد المثال الأوضح على كيف يمكن للإعلام الأجنبي، حين ينظر إلى نصف الكأس فقط، أن يتحوّل إلى شريك في تسويق رواية مغلوطة؛ فقد غاب أي ذكر للجرائم الجنائية الخطيرة المنسوبة إلى المهدي حيجاوي، وكأن الصحيفة الفرنسية المعروفة قررت مسبقًا أن هذه الصفحات السوداء من سيرته لا تصلح أن تُروى.

لماذا؟

لأن الوقائع دامغة، والشكايات متواترة، والمذكرات القضائية الصادرة بحقه لا تقبل الجدل. ومن كان جادًّا في الدفاع عن شخص، يبدأ أولًا بكشف الحقائق، لا بإخفائها خلف عناوين لامعة.

وقد تساءلت هسبريس بالفرنسية: “لماذا لم يقم الصحافي الفرنسي في “لوموند” باستجواب مواطنه، المستثمر جان إيف أوليفييه، الذي كان ضحية احتيال على يد المهدي حيجاوي؟”.

ولم يتوقف الانحراف هنا؛ بل جرى تقديم حيجاوي كـ”مسؤول سابق في جهاز الاستخبارات تم نفيه إثر صراع داخلي”، وهي رواية لا تصمد أمام سؤال بسيط: كيف يُنفى شخص أُقيل رسميًّا بسبب أخطاء مهنية جسيمة؟

الحقيقة هي أن المهدي حيجاوي خدم لبضع سنوات في المديرية العامة للدراسات والمستندات، المعروفة بـ”لادجيد”، ثم أُقيل مرتين لأسباب تأديبية؛ آخرهما سنة 2010، قبل أن يتوارى عن الأنظار، وتُصدر في حقه لاحقًا مذكرات بحث وطنية ودولية، في قضايا احتيال وتزوير وتلاعب بأموال وممتلكات الغير.

إننا أمام فقاعة إعلامية لا أكثر، فقاعة يُنفخ فيها أعداء المملكة، ويُستثمر فيها لتلويث سمعة المؤسسات، وتمرير رسائل مشوشة تخدم أجندات عدائية، مكشوفة ومفضوحة.

“تكلّم حتى أراك”… المقولة المنسوبة إلى الفيلسوف اليوناني سقراط قاعدة يعرفها الحكماء جيدًا. ومن يتوارى عن الأنظار، ويرتمي في حضن الأجنبي ويتفادى مواجهة القضاء، لا يمكن أن يكون صاحب قضية؛ بل هو ببساطة هارب من العدالة، يحتمي بضجيج الأخبار الزائفة وأوهام البطولات المزيفة، ويعتمد على “وجوه محروقة” تروّج للأكاذيب في فيديوهات سمجة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ولا شك في أن المغاربة يتذكرون الراحل إدريس البصري، وزير الداخلية القوي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي غادر البلاد بداية الألفية، وقال إنه يحمل أسرارًا خطيرة؛ لكنه حين ظهر على قناة “الجزيرة” في حوار شهير لم يستطع حتى صياغة جملة مفيدة وازنة، وكان مروره – رحمه الله – باهتًا من الذاكرة والتاريخ.

فهل سيكون المهدي حيجاوي، الذي لم يكن له موقع في القرار ولا حضور في المسؤولية، أهم من إدريس البصري في سردية الدولة المغربية؟

ولا شك في أن المتتبعين المغاربة أذكياء، فكيف لهم تصديق روايات شفهية على “يوتيوب” دون الإدلاء بوثائق أو مستندات؟ وأصحاب هذه الروايات يلجؤون دائمًا إلى الكلام القذر والبذيء. فهل البذاءة وهتك الأعراض حجة؟

أما الدولة المغربية، فهي دولة مؤسسات لا أفراد. أجهزتها الأمنية والاستخباراتية تشتغل في صمت، بكفاءة، ووفق القانون، خدمةً للاستقرار العام، وصونًا لهيبة الدولة.

من يظن أن ابتزاز المغرب عبر “أسرار وهمية”، أو الاحتماء بإعلام أعداء المملكة أو حتى مخابرات أجنبية، سيمنحه شرعية سياسية أو رمزية إعلامية، فقد أخطأ البوصلة.

هذا البلد الأمين تحرسه شرعية المؤسسات، ولا تُعرَض فيه الأسرار في المزاد، ولا تُباع تحت الطاولة، ويقف على أرض راسخة، ولا يلتفت إلى تخرّصات الهاربين من العدالة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق البنك الدولي يشيد بإستراتيجية مصر في تطوير قطاع الأعمال العام وتحفيز الاستثمار الخاص
التالى موانئ البحر الأحمر": تداول 63 ألف طن بضائع و586 شاحنة خلال 24 ساعة