علمت هسبريس، من مصادر جيدة الاطلاع، أن سحوبات بنكية مشبوهة من حسابات مقاولات ومسيرين استنفرت مصالح المراقبة والتحصيل لدى المديرية العامة للضرائب، بعد تواتر محاولات متهربين التحايل على أجهزة الرقابة بالمديريات الجهوية من خلال تهريب مبالغ مالية مستحقة لفائدة الخزينة عن “رادار” الضرائب.
وأوضحت المصادر ذاتها أن عددا من هؤلاء المتهربين كانوا موضوع مسطرة مراجعة ضريبية، ودخل بعضهم في مفاوضات مع لجان محلية وإقليمية للمنازعات في سعي إلى كسب الوقت واستمهال التحصيل القسري للمبالغ المستحقة بذمتهم.
وأفادت مصادر الجريدة بأن “نزيف” الحسابات البنكية ارتبط بلائحة ضمت آلاف المقاولات التي لم يسبق لها أن تقدمت بأية تصاريح جبائية، رغم عثور مراقبي الضرائب على فواتير تحمل رقم التعريف الضريبي الموحد الخاص بها؛ ما يدل على أنها نشيطة، قبل تصنيفها ضمن فئة المتهربين من الضرائب.
وأبرزت المصادر جيدة الاطلاع أن اللائحة المذكورة جرى حصرها في سياق تنفيذ عملية مراقبة نوعية واسعة في صفوف الشركات “غير النشيطة”، بعد انتهاء أجل تسوية وضعيتها القانونية متم دجنبر الماضي، في سياق إجراء أقره قانون المالية 2024.
وشددت على انتقال مراقبي الضرائب إلى تفعيل قنوات تبادل المعطيات بطريقة إلكترونية مع الإدارات الشريكة لأغراض جبائية، من أجل تعقب ممتلكات عقارية ومنقولة في حيازة مقاولات متهربة ومسيريها بهدف الحجز عليها.
وأكدت المصادر نفسها أن تحريات مراقبي المديرية العامة للضرائب رصدت وثائق وفواتير لمقاولات تعاملت مع إدارات ومؤسسات عمومية، لكنها لم تصرح بحساباتها لدى المديرية؛ ما أثار تساؤلات حول كيفية حصولها على صفقات عمومية رغم عدم أدائها للواجبات الضريبية.
وفي هذا الصدد، أشارت مصادر هسبريس إلى أن القانون ألزم المقاولات الراغبة في الترشح للصفقات العمومية بالإدلاء بشهادة الإبراء المسلمة من المصالح التابعة للإدارة الجبائية، مؤكدة أن الرقمنة ساهمت في تمكين المراقبين من كشف المتهربين بشكل أسهل مما كان عليه في السابق، حيث أصبح النظام المعلوماتي يتكفل تلقائيا برصد المخالفات وتحديد مؤشرات الاشتباه الخاص بالتملص والغش الضريبيين، خصوصا عند عمليات التدقيق على الورق وفحص التصريحات الجبائية الواردة عبر القنوات الإلكترونية.
وكشفت المصادر عينها عن امتداد عمليات التدقيق مع الشركات التي لم يسبق لها أن تقدمت بتصريح إلى عشر سنوات الأخيرة، حيث تم احتساب الضرائب المستحقة على المتهربين المتعلقة بعقد كامل من النشاط.
وأوضحت أن قباض الضرائب تمكنوا من تحصيل أزيد من 867 مليون درهم حتى الآن، ولا تزال مساطر التحصيل متواصلة في مختلف المدن، حيث سيؤدي المتهربون، إضافة إلى مبلغ الضريبة، ذعائر عن التأخير محددة في 5 في المائة بالنسبة إلى الشهر الأول من التأخير و0.50 في المائة عن كل شهر إضافي أو جزء منه، منذ تاريخ استحقاق الضريبة.
حري بالذكر أن السحوبات المشبوهة من حسابات شركات متهربة ومسيريها ساهمت في التأثير سلبا على مستويات السيولة لدى البنوك، حيث تفاقم متوسط عجز السيولة البنكية بنسبة 12.2 في المائة، ليصل إلى 135.6 مليارات درهم (أي ما يعادل 13 ألفا و560 مليار سنتيم)، خلال الفترة الممتدة من 3 يوليوز الجاري إلى 9 منه؛ فيما تزامن هذا التفاقم مع ارتفاع تسبيقات بنك المغرب لمدة 7 أيام، بقيمة 2.2 مليار درهم، لتبلغ 53.4 مليارات درهم، رغم تضاعف توظيفات الخزينة، حيث تم تسجيل جاري يومي أقصى بقيمة 26.7 مليارات درهم، مقابل 13.8 مليارات درهم خلال الفترة السابقة.