
أفاد مصدر مطلع من داخل وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة بأن أسعار العقار في مدينة بن سليمان تُعدّ “معقولة ومناسبة” بالنظر إلى موقع المدينة، ومخططها العمراني، والفرص المرتبطة بها مستقبلا، خصوصا في ظل المشاريع الجارية لتأهيلها. واعتبر أن انتقال المواطنين للاستثمار أو الاستقرار في المنطقة “خيار ذكي”، لكنه شدد في الآن ذاته على ضرورة عدم الانسياق وراء ما وصفه بـ”الخطاب الترويجي المبالغ فيه” على وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يصوّر المدينة كفرصة عقارية استثنائية دون مراعاة لمحدودية المرافق والخدمات حاليا، باعتبارها لا تزال في طور التشكل العمراني والديمغرافي.
وقال المصدر ذاته لهسبريس إن الدراسة القطاعية التي أنجزتها مصالح الوزارة في سياق تتبع دينامية السوق العقارية بجهة الدار البيضاء–سطات، أظهرت أن أسعار العقار في بن سليمان “لم تسجل انخفاضات حادة أو خارجة عن السياق العام”، بل تظل مرتبطة بعوامل موضوعية تتعلق بكون المدينة في مرحلة توسّع عمراني وبحث عن تموقع اقتصادي ضمن محيطها الجهوي، ما يجعل الأسعار مستقرة نسبيا، لكنها لا تدخل في خانة “الأسعار المتدنية” التي تُروّج لها بعض الصفحات والمجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الصدد، أوضح أن متوسط سعر المتر المربع للشقق يتراوح حاليا بين 5000 و8500 درهم، فيما تُعرض الفيلات بأسعار تتراوح بين 8000 و13000 درهم للمتر المربع، بحسب الموقع والتصميم. أما الأراضي المخصصة للبناء، فتتراوح أسعارها بين 1000 و2500 درهم للمتر المربع، وهو ما يجعل المدينة وجهة “معقولة” من حيث الكلفة، لكنها ليست استثناء “سِعرياً” كما يُروج البعض.
وأشار المصدر إلى أن مدينة بن سليمان تشهد عملية تأهيل عمراني تدريجي لجعلها وجهة سكنية مستقبلية، خصوصا مع التوقعات باستقبالها لأعداد من المهنيين والمهندسين في إطار مشاريع استثمارية مبرمجة. لكنه نبّه إلى أن الإقبال المتسرع على شراء العقارات دون دراسة وافية قد يؤدي إلى اختلالات في السوق، أبرزها المضاربة، وارتفاع مصطنع في الأثمنة، بل وحتى خلق نوع من الفوضى العقارية التي تضر أكثر مما تنفع. لذلك، شدد على ضرورة التريث واتخاذ قرارات استثمارية مبنية على معطيات واقعية، لا على حملات فيسبوكية مضللة.
وأوضح المتحدث أن التهافت المفاجئ على اقتناء العقارات في مدينة بن سليمان قد يُربك التوازنات الحضرية ويقود إلى تضخّم مصطنع في الأسعار، مشيرا إلى أن الوزارة، ومن خلال مقاربات استباقية، أنجزت محاكاة تخطيطية أظهرت أن تجاوز الطلب نسبة 25% في ظرف وجيز، دون تأطير أو تخطيط مسبق، قد يُفضي إلى قفزات في السعر قد تتجاوز 18%، خصوصا في غياب جاهزية عمرانية موازية لتلبية هذا الطلب.
وشدد المصدر على أن المدينة مبرمجة لاستيعاب توسّع سكاني تدريجي على مدى السنوات الخمس المقبلة، بمعدل سنوي لا يتعدى 2000 وحدة سكنية قابلة للتنفيذ، ما يفرض التعامل مع المعطى العقاري بنظرة استراتيجية متأنية. وأضاف أن أي تسابق غير محسوب على التملك، مدفوع بتصورات غير دقيقة حول “فرصة عقارية”، قد يُضعف من جاذبية المدينة ويُربك الإيقاع التنموي الذي يُراد له أن يكون متزنا ومراعيا لقدرة المواطنين الشرائية.
وفي ختام تصريحه، قارن المصدر بين ما يروج له على منصات التواصل الاجتماعي من أسعار خيالية للعقار في بن سليمان، وبين المعطيات الرسمية التي تصدرها الوزارة. ففي الوقت الذي تتحدث فيه منشورات فيسبوكية عن إمكانية اقتناء شقق بأقل من 200 ألف درهم، تُظهر البيانات الرسمية أن متوسط سعر الشقق يتراوح بين 8 آلاف و11 ألف درهم للمتر المربع، بحسب الموقع ونوعية المشروع. أما الأراضي الحضرية، فتُسجَّل أثمانها بين 1200 و1800 درهم للمتر المربع، وهي أرقام تُعد “معقولة” مقارنةً بمدن قريبة مثل المحمدية أو بوزنيقة، لكنها بعيدة عن التصورات المُبسّطة التي يتم الترويج لها. وأكد المصدر أن هذه الفروق تعكس الحاجة إلى التعامل بحذر مع مصادر المعلومات، والاحتكام إلى البيانات الموثوقة، لتفادي الوقوع في فخ المبالغات التي لا تخدم لا المواطن ولا السوق.