أكد أمين عام أوبك، هيثم الغيص، ضرورة "العمل معًا" في عالم يشهد الكثير من الانقسام في قضايا الطاقة، مثلما أظهرت ندوة أوبك الدولية التاسعة التي انعقدت مؤخرًا في العاصمة النمساوية فيينا، والتي حملت شعار "رسم المسارات معًا: مستقبل الطاقة العالمية".
وأوضح الغيص، في تصريحات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أن السنوات الماضية شهدت العديد من وجهات النظر المختلفة حول ما ينبغي أن يكون عليه المسار من أجل الطاقة في المستقبل، وكيف يُمكن أن يستثمر العالم لكي يكون مستعدًا للنمو المستقبلي.
وأشار إلى أن البعض حاول شيطنة النفط والغاز، بوصفهما بـ"الشرّ" في تحول الطاقة، ولكنهما يُعدان بمثابة الركائز الأساسية لمستقبل طاقة مستقر وآمن.
كما تطرق الغيص إلى تقرير توقعات النفط العالمية لعام 2025، الذي أصدرته أوبك خلال الندوة، مشددًا على ضرورة الاستثمار الكافي لتلبية الطلب المتزايد على النفط، في مقابلة مع منصة "إنرجي كونكتس" (Energy Connects).
ندوة أوبك الدولية
تعليقًا على عقد ندوة أوبك الدولية، قال أمين عام أوبك، هيثم الغيص: "رأينا أن أفضل شيء هو إظهار الشعور بالتكاتف، وهو أمر ليس بالغريب على أوبك.. فقد كانت أوبك دائمًا صوتًا يطالب بالتكاتف والتماسك".
وتابع: "هذه الوحدة مهمة؛ لأنه يتعيّن علينا أن نعتني بكوكبنا من حيث توفير أمن الطاقة، وزيادة القدرة على تحمّل التكاليف، والموثوقية، وبالطبع من حيث معالجة الانبعاثات، التي تأتي من جميع المصادر وليس فقط من النفط، كما صوّره البعض للأسف".
كما قال: "لذلك، فكّرنا في هذا المنبر، وتحت مظلة الندوة، وقد لاحظتم تنوع المتحدثين الذين استضفناهم، وتمكنا من إشراكهم في مختلف الجلسات والجلسات الوزارية وجلسات المائدة المستديرة رفيعة المستوى".
وذكر الغيص، في حواره مع منصة "إنرجي كونكتس"، أن ندوة أوبك الدولية التاسعة استضافت شخصيات من الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، وهو أمر لم يكن أحد يتوقعه قط أن يحضر الأمين العام لمنظمة خاصة بالطاقة المتجددة ندوة لأوبك.
وقال: "نعمل بشكل وثيق مع آيرينا، ومع مختلف الجهات المعنية، ومنتدى الدول المصدرة للغاز، والدول المستهلكة، وكان هناك الوزير الهندي، وأعضاء إعلان التعاون، وقد كانوا جميعًا معنا".
وأوضح الغيص أن عدد الوزراء المشاركين كان 23 وزيرًا؛ مشيرًا إلى أنه لا توجد منصة أو حدث آخر يتعلق بالطاقة في العالم يوفّر مثل هذا التنوع والأهمية الحقيقية لمستوى الأشخاص الذين حضروا، ويغطي جوانب قضايا الطاقة ذات الصلة، بحسب التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
توقعات النفط العالمية
أكد أمين عام أوبك، هيثم الغيص، أن توقعات النفط العالمية التي عرضتها المنظمة خلال ندوة أوبك الدولية التاسعة، تقدم الواقعية والبراغماتية، بحسب التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال: "عندما نتحدث عن المستقبل حتى عام 2050، فإن توقعاتنا قائمة على البيانات، وليس على الأيديولوجيات كما أظهر البعض في الماضي".
وشدد على أن أوبك تنظر إلى أرقام البيانات والأدلة القوية، وقد ترجمت المنظمة حقيقة حدوث العديد من التغييرات في السياسات حول العالم في السنوات الأخيرة، التي تبتعد عن الأهداف الأولية الطموحة لتحقيق الحياد الكربوني، المتمثلة في الابتعاد عن النفط والتركيز على مصادر الطاقة المتجددة.
وتابع: "شهدنا تراجعًا في العديد من الأماكن حول العالم، وقد انعكس ذلك في أرقامنا، حيث نرى أن نمو الطلب على النفط سيستمر في الارتفاع".
وأشار الغيص إلى أن الطلب على النفط يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا كل عام، وهناك زيادة في الطلب مقارنةً بتوقعات النفط العالمية السابقة من العام الماضي (2024)، التي حددت الطلب على النفط عند 120 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2050، وهي التوقعات التي أطلقتها المنظمة خلال الندوة.
وتُظهر النسخة المُحدّثة أن الطلب على النفط سيصل إلى 123 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2050، مع احتفاظ النفط بنسبة 30% من مزيج الطاقة حتى عام 2050.
"هذا يعني، بطبيعة الحال، مسؤولية إضافية تقع على عاتقنا بوصفنا أعضاءً في أوبك وأوبك+، وهي مواصلة الدعوة إلى زيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة، خاصةً في صناعة النفط"، بحسب ما صرّح به الغيص إلى منصة "إنرجي كونكتس".
كما قال: "نشهد حاجةً إلى استثمارات تصل إلى 18.2 تريليون دولار، وهو مطلبٌ ضخمٌ للاستثمارات من الآن وحتى عام 2050.. من المهم أن يُدرك العالم هذا الأمر جيدًا، وأن يُبادر بالاستثمار الآن استعدادًا للمستقبل".
ذكرى تأسيس أوبك+
تطرّق أمين عام أوبك، هيثم الغيص، إلى الاحتفال العام المقبل (2026) بمرور 10 سنوات على إنشاء أوبك+ في ديسمبر/كانون الأول 2016.
ووصف الغيص تاريخ أوبك+ بأنها كانت بمثابة "رحلة رائعة.. رحلة مُلهمة من التكاتف والتماسك"، قائلًا: "على الرغم من كل الضجيج الذي قد ترونه، فإن التماسك والوحدة في هذه المجموعة لم يكونا أقوى من أي وقت مضى، مع هدف مشترك يتمثّل في الحفاظ على استقرار سوق الطاقة".
وشدد على ذكر مصطلح "طاقة"؛ لأن النفط يُشكّل 30% من الطاقة العالمية، ودون هذا الاستقرار في أسواق النفط، لن يكون هناك استقرار في أسواق الطاقة العالمية، ولا الاقتصاد العالمي.
كما قال: "لقد عملنا معًا بصفة وثيقة للغاية، وحرصنا على أن تكون السوق دائمًا متوازنة، ليس فقط لصالح الدول المنتجة، بل أيضًا لصالح المستهلكين حول العالم.. وكما ذكرت، فإن هذا يؤثر في النهاية في الاقتصاد العالمي".
وأضاف في حواره مع منصة "إنرجي كونكتس": "سنواصل القيام بعملنا في توفير الاستقرار لأسواق الطاقة، بقوة وتماسك واتحاد".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
