belbalady.net (CNN)-- شهدت مصر تدفقًا ملحوظًا للاستثمارات الصينية والتركية في قطاعات الصناعة والطاقة والتكنولوجيا منذ بداية العام الحالي.
وأرجع خبراء أسباب هذه التدفقات إلى ارتفاع الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الصينية، مما دفع إلى اتخاذ مصر كبديل للتصنيع والتصدير إلى العديد من الأسواق، إضافة لارتفاع تكلفة الإنتاج في تركيا بسبب زيادة رواتب العمالة.
وخلال الأشهر الماضية، عزّزت الصين حضورها في مصر عبر ضخ استثمارات جديدة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أبرزها توقيع اتفاقيات بقيمة تقارب 1.6 مليار دولار مع شركة "شين شينغ" الصينية لإقامة مجمعات صناعية متخصصة في إنتاج المواسير والأنابيب الحديدية، كما أطلقت شركة "صن ريف سولار" مشروعًا ضخمًا لإنتاج الخلايا الكهروضوئية ورقائق السيليكون في العين السخنة باستثمارات تقترب من 200 مليون دولار.
وزاد عدد الشركات التركية العاملة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس منذ مطلع 2025، إلى 18 شركة في قطاعات متنوعة، كما المنسوجات والملابس الجاهزة، والمنتجات الصحية، بحجم استثمارات إجمالية نحو 793.8 مليون دولار، أحدثها كان وضع شركة للمنتجات الصحية حجر أساس خطوط إنتاج جديدة لمصنعها بقيمة 44 مليون دولار لترفع إجمالي استثماراتها في مصر إلى 632 مليون دولار.
كما استحوذت شركة "بوني" التركية على قطعة أرض بالعاشر من رمضان لإنشاء مصنع متكامل للمنسوجات عالية الجودة، باستثمارات تقدر بحوالي 100 مليون دولار.
وأعلنت شركات تركية أخرى ضخ استثمارات جديدة بقيمة 120 مليون دولار في قطاعات الأجهزة المنزلية وصناعة السيارات والمنسوجات. ومن أبرزها إعلان شركة تركية متخصصة في الملابس الجينز عزمها إنشاء مصنع جديد في بورسعيد باستثمارات تصل إلى 700 مليون دولار، ليصبح واحدًا من أكبر المصانع المتخصصة في هذا المجال داخل قارة أفريقيا.
وقال رئيس مجلس الأعمال المصري التركي بجمعية رجال الأعمال، عادل اللمعي، إن مصر شهدت نموًا ملحوظًا في حجم الاستثمارات التركية سواء ضخ استثمارات جديدة للمرة الأولى في البلاد أو توسعات لمصانع قائمة معظمها في قطاع الغزل والنسيج والملابس بنسبة 70%، والاستثمارات المتبقية في مجالات الخدمات الصحية والبتروكيماويات.
وتعمل 1700 شركة تركية في مصر بحجم استثمارات يزيد عن 3 مليارات دولار، منها 200 مصنع في صناعات الغزل والنسيج والملابس والكيماويات، وفق بيان صادر عن مجلس الأعمال المصري التركي.
قد يهمك أيضاً
وأرجع اللمعي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، طفرة الاستثمارات التركية إلى عوامل عدة، على رأسها استقرار سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، والاستقرار السياسي والأمني في البلاد، مع المزايا التنافسية للاستثمار في مصر، وأهمها تعدد الاتفاقيات التجارية مع العديد من البلدان مما يتيح نفاذ المنتجات المصرية لأسواق عديدة بدون رسوم جمركية، وانخفاض تكلفة العمالة، إذ يصل متوسط دخل العامل التركي 1000 دولار في حين يبلغ متوسط نظيره المصري ما بين 200-250 دولار.
وكان الرئيسان المصري والتركي اتفقا على زيادة حجم التجارة البينية إلى 15 مليار دولار، وذلك من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، على هامش أول زيارة للرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أنقرة في سبتمبر/أيلول الماضي.
وأكد اللمعي أهمية زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في تحقيق استقرار سعر الصرف، والاستقرار الاجتماعي من خلال توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وتحسين دخول المواطنين، متوقعًا استمرار تدفقات الاستثمارات التركية خلال الفترة المقبلة، مستندًا إلى رغبة العديد من الشركات ودخولها في مفاوضات مباشرة لضخ استثمارات جديدة في مصر.
وحلّت مصر في المرتبة التاسعة عالميًا بين أكثر الدول جذبًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال عام 2024 بحجم استثمارات بلغ 47 مليار دولار، مُتقدمة من المركز 32 عالميًا في عام 2023، الذي سجّل 10 مليارات دولار، وذلك بدعم من مشروع رأس الحكمة والصفقات التي أبرمتها الدولة في العام الماضي، وفق بيان رسمي.
من جانبه، قال نائب رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لشؤون الاستثمار والترويج السابق، إبراهيم مصطفى، إن المقومات التنافسية للاستثمار في مصر جاذبة جدًا سواء من حيث تكاليف الإنتاج أو قربها من معظم الأسواق ووجود اتفاقيات تجارة حرة تسمح بنفاذها لبلدان عديدة في المنطقة وأوروبا، مما جذب العديد من الشركات الأجنبية منها التركية، التي تأثرت بارتفاع تكاليف الإنتاج في بلادها، مما دفعها للتوسع أو ضخ استثمارات جديدة في مصر، واتخاذها كمركز للتصدير لدول أفريقيا أو أوروبا.
وأضاف مصطفى، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين والتي رفعت الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية، دفعت الشركات الصينية لاتخاذ مصر كبديل للتصنيع للنفاذ للسوق الأمريكي، خاصة في ظل الموقع الاستراتيجي لمصر وقربها من أسواق أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، بجانب تمتعها بالمناطق الصناعية وقربها من الموانئ التجارية على البحرين الأبيض والأحمر يسهل من شحن المنتجات للعديد من الأسواق.
أكد إبراهيم مصطفى، على أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر في دفع نمو الاقتصاد المصري، باعتباره أحد محركات زيادة الإنتاج الصناعي ونمو الصادرات المصرية لتسجل أرقامًا غير مسبوقة، مما يؤثر بشكل مباشر على استقرار سعر الصرف.
بدوره قال رئيس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة الأسبق، محمد خضير، إن مصر لديها فرصة قوية لجذب الدول التي لديها قدرات صناعية ضخمة، لإنشاء استثمارات جديدة ووضعها كمحطة بديلة للتصنيع والتصدير للعديد من الأسواق، خاصة للولايات المتحدة الأمريكية التي تفرض رسوم مرتفعة على العديد من الدول الصناعية الكبرى ومنها الصين.
أضاف "خضير"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر خاصة في القطاع الصناعي الموجه للتصدير، سوف يسهم في حل عجز الميزان التجاري لمصر، بشرط التعامل باحترافية في تذليل عقبات الاستثمار في مصر وجذب المستثمرين، والحفاظ على زيادة حجم استثماراتهم بعيدًا عن تأثرهم السلبي بالبيروقراطية.