"تضاف إغونان" تحفز سواعد الشباب

مراهنة على الشباب والجبل لتحقيق التنمية المنشودة، تحمل جمعية “تضاف إغونان للتنمية” (ATID) على عاتقها مسؤولية النهوض بالمجال والإنسان، منبثقة من رحم المعاناة، متسلحة بطموح شباب مؤمن بالعمل المدني ودوره لتحقيق تنمية حقيقية قاعدتها التربية وغايتها الكرامة.

ويراهن الإطار الجمعوي، الذي رأى النور في الـ 10 من دجنبر 2011، وفق تقرير توصلت به هسبريس، على العمل المدني من أجل تحقيق أهدافهم، التي على رأسها التربية أولا وأخيرا، باعتبارها الوسيلة المثلى للانخراط في تنمية القرية والمساهمة في تغيير المحيط، وفق ما تسمح به مؤهلات مجالهم طبيعيا وبشريا.

وإذا كان “الأثر تخليد للتجربة الإنسانية في التاريخ”، فإن تجربة جمعية تضاف إغونان للتنمية تعد من الأثر والتجارب المُؤَسِّسَة للفعل الجمعوي بمجال أسيف هونيلة، تجربة ما كان لها أن تكون وتستمر لولا تضحيات أعضاء وأفراد آمنوا بالفكرة وعملوا من أجلها، خدمة للصالح العام.

وذكر المصدر ذاته أن اختيار هذه التجربة لم يأت من باب الصدفة العابرة، وإنما من رؤية وتطلع لمستقبل أفضل، مُنطلقه إشراك الساكنة وتفعيل دورها في صناعة تنميتها، تخطيطا وعملا، مجسدين في تجربتهم الرهان المجتمعي المتمثل في التنمية، تحت القيادة الرشيدة للعهد الجديد للمملكة.

واستطاعت جمعية تضاف إغونان للتنمية (ATID) أن تضع لنفسها رؤية تنموية واضحة، مؤسسة على القيم الإنسانية والوطنية، وعلى الرغبة الصادقة في جعل الجبل جزءا من أوراش التنمية لا مجرد هامش منسي؛ فاختار أعضاء الجمعية خوض غمار التغيير من داخل قريتهم، متسلحين بالإيمان بقوة الفعل المحلي، وبرؤية تتكامل مع التحولات الكبرى التي يعرفها المغرب في ظل العهد الجديد.

وتستمد تجربة “تضاف” أصالتها من روح التضامن والتعاون التي ميزت تاريخ قبائل أسيف، من “الجْماعة” في التدبير، إلى “تويزا” في العمل؛ وهو ما ساعد الجمعية على بناء نموذج مؤسساتي حديث في اشتغاله، تقليدي في جذوره. فقد انطلقت مرحلة التأسيس بالتكوين والهيكلة، وتُوجت بإطلاق نادي تضاف للثقافة والفنون. أما مرحلة الإشعاع، فشهدت زخما كبيرا من المبادرات، شملت ميادين متعددة.

ويراكم الإطار الجمعوي الناشط بعمق جبال الأطلس على مبادرات فريدة كما يبصم على مشاريع تنموية متعددة؛ ففي مجال الماء، عملت الجمعية على إصلاح العيون وحفر الآبار وبناء الخزانات. وفي ميدان التربية، أعاد التنظيم الجمعوي تأهيل فضاء المدرسة، وشيد مركزا ثقافيا، وساهم في تشييد منشآت التعليم الأولي، مع إطلاق دروس محو الأمية لفائدة النساء.

أما في المجال الثقافي، فكانت ذاكرة الماء موضوعا لمشروع توثيقي مهم، تُوّج بإصدار كتاب ومجلة، إضافة إلى مشاريع في طور الإنجاز؛ إلى جانب ذلك يحضر الجانب التضامني، حيث ساهمت الجمعية في حملات دعم للمتضررين من زلزال الحوز، ونظمت قوافل إنسانية، إلى جانب أنشطة ترفيهية وثقافية خلال الأيام الربيعية.

ولأن التنمية لا تكتمل دون تحسين البنية التحتية، باشرت الجمعية إصلاح مصلى إغونان، ومحاور طرقية عديدة، وقنوات تصريف مياه الأمطار، إضافة إلى تعبيد الطريق الرئيسية وإصلاح الساقية الفلاحية.

وتؤكد جمعية تضاف إغونان للتنمية أن نجاحها ليس وصفة سحرية، بقدر ما هو ثمرة عمل جماعي ومسؤول ومخلص، يؤمن بأن الإنسان هو غاية التنمية ووسيلتها من خلال التزامها بالاشتغال وفق منظور تشاركي، منفتح على الشركاء المحليين والإقليميين، على رأسهم المجلس الجماعي لتلوات ثم وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة والمجلس الإقليمي ورزازات والمركز الفلاحي ورزازات ومؤسسة المستقبل للأوراش والتنمية وصندوق الإيداع والتدبير والمديرية الإقليمية للتعليم الأولي والرياضة ورزازات والمجلس الإقليمي ورزازات ومؤسسة نور العلوم بسلا وجمعية كافل اليتيم الخيرية التنموية بالناظور؛ ما مكن الجمعية من تحقيق أثر فعلي على الأرض، وجعلها مثالا يُحتذى به في العمل الجمعوي الجاد.

وأوردت الجمعية ذاتها أن الغاية من بسط معالم تجربة تضاف إغونان للتنمية هي التعريف بها لعموم الناس والمهتمين بالشأن الجمعوي إقليميا ووطنيا، من خلال عرض أهم اللحظات والمقومات الأساس التي كانت وراء هذه التجربة المثمرة من حيث مبادراتها وأنشطتها.

كما تسعى، من خلال عرض مسار تجربتها، إلى تنبيه كافة الجمعيات بالمنطقة وتشجيعها على توثيق أنشطتها وتدوين مسارها، حفاظا على ذاكرتها من جهة، ومن جهة ثانية تسمح الكتابة التركيبية (ليس الاكتفاء بالسرد الوصفي كما هو في التقرير الأدبي للجمعية) بتتبع سيرورة تطور العمل الجمعوي بمنطقة أسيف هونيلة، إن على مستوى تصور الجمعيات للتنمية وللعمل المدني وإن على مستوى آليات وطرائق اشتغالها في صياغة برامجها والبحث عن تمويلها وتنفيذها.