كشفت تقارير إدارية مرفوعة إلى المصالح المركزية لوزارة الداخلية عن اختلالات متزايدة في تدبير ملف العمال العرضيين داخل عدد من الجماعات الترابية بجهات الدار البيضاء-سطات، الرباط-سلا-القنيطرة، ومراكش-آسفي.
ووفق معطيات اطلعت عليها “هسبريس”، فإن هذه التقارير دقت ناقوس الخطر بشأن تفشي ممارسات غير قانونية في تشغيل موظفين جماعيين وأجراء متقاعدين ضمن فئة “العمال العرضيين”، في ظروف وصفت بأنها تفتقر إلى الانضباط للمساطر التنظيمية الجاري بها العمل.
التقارير، التي توصلت بها أقسام الشؤون الداخلية في عمالات مختلفة، رصدت لجوء رؤساء مجالس جماعات إلى تشغيل متقاعدين لتسيير مصالح جماعية حيوية، في خرق لمنشورات وتوجيهات وزارية سابقة تؤطر الاستعانة بهذه الفئة لأغراض محددة وظرفية.
وبيّنت المعطيات ذاتها أن بعض الجماعات أغرقت إداراتها بهؤلاء “العرضيين”، وهو ما أفرز وضعيات مالية وإدارية معقدة، من بينها إرباك عمليات صرف التعويضات من قبل القباض والخزنة الإقليميين، في ظل استفادة هؤلاء المتقاعدين في الوقت ذاته من معاشاتهم التقاعدية ومن تعويضات خزينة الدولة.
مصادر مطلعة أكدت أن عدداً من المسؤولين الجماعيين عمدوا إلى تجاهل منشور وزير الداخلية المؤرخ سنة 2009، الذي ينص على تجديد عقود العمل العرضي كل ثلاثة أشهر، ويمنع الاستمرارية الزمنية المفتوحة في مهامهم. كما تم تسجيل توظيف عرضيين لفترات طويلة قاربت السنة، دون التقيد بالكسر الزمني المطلوب بين “رسائل الالتزام”، ما يُعد خرقاً صريحاً للتعليمات الوزارية.
وتشير معطيات التقارير نفسها إلى أبعاد تتجاوز الجانب الإداري، إذ تم رصد حالات توظيف عرضيين لأغراض انتخابية، من خلال منحهم مسؤوليات حساسة في بعض المصالح الجماعية، أو تيسير استفادة أبناء مستشارين جماعيين وأعضاء في جمعيات شريكة من مناصب عرضية.
كما سجلت تقارير تفتيش أنجزتها لجان مركزية تابعة لوزارة الداخلية عدم ممارسة عدد من العمال العرضيين لأي مهام فعلية، ما يعزز فرضية وجود “موظفين أشباح”، ويطرح علامات استفهام حول استغلال هذه التوظيفات لخدمة شبكات المصالح والولاءات السياسية.
التطورات الجارية دفعت إلى استنفار داخل مصالح وزارتي الداخلية والمالية، خاصة بعد أن أظهرت التقارير الأخيرة تقاطع هذه الممارسات مع شبهات تبديد المال العام، وغياب الشفافية في تدبير الموارد البشرية المؤقتة. وفي هذا السياق، ينتظر أن تحسم وزارة الداخلية في مصير عدد من هذه الملفات بعد تأشير المفتش العام الجديد للإدارة الترابية، محمد فوزي، على تقارير التفتيش النهائية.