أخبار عاجلة

رءوف الكدواني يكتب:من فنون إدارة الدول

رءوف الكدواني يكتب:من فنون إدارة الدول
رءوف الكدواني يكتب:من فنون إدارة الدول

الإدارة علم وفن في آن واحد. هى علم لأنها تعتمد على مبادئ ونظريات وأساليب علمية في التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة. وهى فن لأنها تتطلب مهارات شخصية وقدرات إبداعية في تطبيق هذه المبادئ. أما بالنسبة لإدارة الدول فإن القيادة تحتاج إلى قدر كبير من الفن أكثر من احتياجها للعلم. فهى تتطلب مهارات شخصية مثل قدرة التأثير على الناس وتحفيزهم على تحقيق الأهداف كما تتطلب إبداعًا ومرونة في التعامل مع المواقف المختلفة والقدرة على التكيف مع المتغيرات والظروف المتجددة.

إن إدارة الدول لا تتحقق بمجرد سن القوانين واللوائح بل هى فن يجمع بين الحكمة والمهارة والقدرة على توقع ما سوف يحدث في المستقبل. إن إدارة الدول تحتاج إلى قيادة تفهم جيداً احتياجات الشعب وتحديات العصر. والسؤال هنا هو كيف يستطيع القائد أن يكون على دراية باحتياجات شعبه وكيف يتمكن من تطبيق فنون الإدارة التي تصنع الفرق بين دولة مزدهرة وأخرى متعثرة. إن البداية تكون من تحويل أحلام الشعب إلى خطط قابلة للتنفيذ. هذه الخطط يجب أن تتماشى مع أهداف الشعب وأحلامه.

إن كل دولة ناضجة تبدأ بحلم كبير يعبر عن أحلام الناس. إلا أن هذا الحلم وحده لا يكفي بل يحتاج إلى من يدعمه من خلال رؤية واضحة وخطط قابلة للتنفيذ. إن أحلام الناس تتركز في الاستقرار السياسي والاجتماعي والازدهار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والتقدم التكنولوجي. والقيادة الذكية سوف تعرف كيف تستثمر مواردها الطبيعية والبشرية لتحقيق أحلام الناس. أما فن الإدارة الحقيقي فهو يتمثل في كيفية تحويل الموارد المحدودة إلى إنجازات ملموسة لتحقيق أحلامهم. إن تحويل الموارد إلى إنجازات يعني استخدام الموارد المتاحة مثل الوقت والمال والعمالة والتكنولوجيا لضمان تحقيق الأهداف. ويتطلب ذلك التخطيط الجيد لذلك والتنظيم الكفء لتخصيص الموارد وتحديد المسؤوليات لكل فرد مسئول في الدولة ووضع جدول زمني لتنفيذ المهام. كما تشمل مراقبه أدائهم وقياس النتائج وتقييم الأداء وتحديد مواطن الضعف والقوة.

إن القائد الملهم للدولة يتصف بالرؤية المستقبلية الواضحة التي تمكنه من وضع أهداف قابلة للتحقيق.كما أنه يتمتع بالقدرة على تحفيز وتشجيع الناس وإشعال الحماس في نفوسهم. كما يستطيع أن يبني ثقتهم من خلال التصرف بنزاهة وشفافية. وهو يهتم بمشاعر واحتياجات الناس. إنه القائد الشجاع الذي يواجه التحديات الصعبة ويتخذ القرارات المصيرية ويدافع عن حقوق شعبه. هو قائد يفهم مشاعر الناس ويتعامل معها بذكاء حيث يدرك نقاط قوته وضعفه ويعمل على النمو بذاته ويتقبل النقد البناء. وهو يتحمل مسئولية أفعاله وقراراته. إنه القائد الملهم الذي يشجع العمل الجماعي والتعاون والتكاتف الشعبي لأنه يؤمن بقوة الفريق في تحقيق أهداف الدولة.

ومن ناحية أخرى فإن القائد الحكيم يستطيع أن يلهم شعبه ليحوله إلى شعب واع يدعمه من خلال بناء جسور من الثقة والتواصل المستمر. وهو يحرص على بناء مؤسسات قوية لا تعتمد فقط على كفاءة الأفراد بل على أنظمة وسياسات تخدم مصالح الناس. إن بناء هذه الثقة تتطلب وجود نظام قانوني قوي ومستقل ضامن للحقوق والحريات ومكافح للفساد بأنواعه. ويشمل أيضا بناء مؤسسات حكومية فعالة مشاركة في صنع القرار ومؤسسات مدنية مراقبة لأداء الحكومة. وجدير بالذكر أن من فنون إدارة الدول نشر الوعي الشعبي للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية وتشجيع الأحزاب بأنواعها على المنافسة في الحوار المجتمعي بين مختلف فئات الشعب. وهنا يسعى القائد الملهم إلى تطوير الموارد البشريه من حيث الاستثمار في التنظيم والتدريب لتلبية احتياجات الناس والدولة أيضًا.

إن القائد الملهم للشعب يستطيع أن يواكب التغيرات العالمية. فهو لديه القدرة على التكيف مع الظروف التي تتغير بسرعة ليواجه التحديات التي تفرضها الظروف الاقتصادية والتكنولوجية مع حرصه على الحفاظ على الهوية القومية والثوابت الأساسية. إنه القائد الذي يعتني بالتعليم والتدريب المستمر للأفراد ويشجع التفكير الإبداعي والابتكار لتطوير حلول جديدة للتحديات التي تواجه المجتمع. وهو يقوم بتشجيع التعاون والشراكات بين مختلف الجهات المؤثرة والفاعلة في الدولة من خلال تبادل الخبرات والتجارب. إن القائد الملهم يوجه كل طاقات المجتمع إلى صناعة المستقبل من خلال امتلاك أدوات المعرفة والعلوم والتكنولوجيا الحديثة والابتكار. كما يسعى إلى تحفيز الشباب على الابتكار واحتلال مواقع متقدمة في حضارة المستقبل.

إن إدارة الدول هى مسئولية تاريخية تتطلب فنونًا متعددة ومهارات متشابكة فبينما تختلف الطرق يبقى الهدف واحدًا وهو بناء دولة قوية مزدهرة تحفظ كرامة شعبها وتضمن له مستقبل أفضل. إن الدول التي تتقن فنون الإدارة تحتل مكانة مميزة وصاعدة نحو الأفضل. أما التي تهملها فسرعان ما تتضاءل وربما تتلاشى مع مرور الوقت.

د رءوف الكدواني

أستاذ البنوك والعلوم المصرفية

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بعد إلغاء شهادة الـ27%.. ما هي الشهادات الأعلى عائدًا في البنوك حاليًا؟
التالى تنسيق الثانوية العامة 2025 الدقهلية.. محافظ الدقهلية يعتمد تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي العام والفني