أخبار عاجلة

بالبلدي: ترامب أمام اختبار أوكرانيا.. بين مغريات الكرملين وضغوط الحلف

لقاء وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بنظيره الروسي سيرغي لافروف أعاد النقاش حول فرص السلام، وسط تأكيد الطرفين على أن الحديث لا يعني بالضرورة اقتراب الحل.

التصريحات المتناقضة، والرسائل المتبادلة، والرهانات المتشابكة، كلها تشير إلى أن المشهد أكثر تعقيدا من مجرد تفاهم عابر، وأن ترامب، رغم رغبته المعلنة بإنهاء الحرب، لا يمتلك مفاتيح السلام بمفرده.

لقاء ماليزيا.. تقارب حذر أم مناورة سياسية؟

لم يحمل لقاء لافروف و روبيو في ماليزيا اختراقًا جوهريًا، لكنه شكّل، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة موسكو نزار بوش، خلال حديثه الى سكاي نيوز عربية "تحولا دبلوماسيًا مهمًا" يُعيد القنوات بين واشنطن وموسكو بعد قطيعة عميقة خلال ولاية بايدن. بوش وصف اللقاء بأنه "اختراق في ذاته"، مشيرًا إلى أن التواصل المباشر بين وزراء الخارجية ضرورة حتمية مهما كان الخلاف عميقا.

اللقاء الذي جاء بعد إعلان روبيو عن "مقاربة جديدة" لم يتضمن تفاصيل واضحة، لكنه أوحى باستعداد أميركي لمراجعة المواقف، مقابل موقف روسي يصرّ على ما تحقق ميدانيا.

ورغم أن الطرفين اتفقا على استمرار اللقاءات، إلا أن الهوة لا تزال واسعة بين سقف مطالب كييف المدعومة غربيًا، وتمسّك موسكو بنتائج الحرب على الأرض.

المقاربة الروسية.. شراكة مقابل استقرار

طرحت موسكو في الكواليس عرضًا اقتصاديًا مغريًا للولايات المتحدة، بحسب بوش، يتضمن إعادة الشركات الأميركية إلى روسيا ومناطق شرق أوكرانيا الغنية بالمعادن النادرة، ضمن شراكة استثمارية من شأنها أن تعوّض خسائر العقوبات، وتوفر لواشنطن مكاسب بمئات المليارات.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفق المصدر ذاته، أبدى انفتاحًا على التعاون الاقتصادي مع إدارة ترامب، معتبرًا أن هذه المقاربة "أنفع للولايات المتحدة من حرق الأسلحة في أوكرانيا".

هذه الإغراءات تبدو منسجمة مع العقلية الاقتصادية لترامب، الذي يسعى إلى تقليص الإنفاق العسكري الخارجي لصالح الاستثمار الداخلي.

ترامب... رجل السلام أم رهينة الضغوط؟

من فلوريدا، قال أستاذ العلوم السياسية روبرت رابيل خلال حديثه الى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية إن "الرئيس ترامب يختلف تمامًا عن سلفه بايدن، وعن بقية الغرب"، مؤكدًا أن لديه "إرادة حقيقية لإنهاء النزاع الأوكراني"، وأنه لا ينظر إلى الصراع من منظور أيديولوجي بل من زاوية المصالح القومية الأميركية.

وأوضح رابيل أن ترامب يدعم تزويد أوكرانيا بأسلحة دفاعية فقط، ويرفض التصعيد ضد روسيا. لكنه أشار إلى تعقيدات داخلية تمنع الرئيس من المضي قدمًا في أي تفاهم شامل، أبرزها ضغوط الكونغرس، واللوبيات المتشددة، وبعض الأصوات الجمهورية الرافضة لأي تنازل أمام الكرملين.

صيغة تسوية غير مكتملة

في خضم الحديث عن تسوية ممكنة، يبرز ملفا القرم و دونباس كأكثر النقاط تعقيدًا. يرى رابيل أن القرم "يجب أن تبقى مع روسيا"، مؤكدًا أن ترامب شخصيًا يرى ذلك أمرًا واقعًا لا يمكن التراجع عنه. أما في دونباس، فيُطرح نموذج مشابه لحالة إقليم كردستان في العراق: حكم ذاتي موسع داخل الدولة الأوكرانية.

لكن موسكو –وفق ما يؤكده نزار بوش– ترفض أي تسوية لا تنطلق من نتائج الميدان، وتعتبر أي تنازل بمثابة تهديد وجودي. ويقول: "لو تنازلت روسيا، ستُفجّر أزمة داخلية تهدد النظام السياسي برمته".

فوبيا روسيا تلاحق ترامب

لا يقتصر التحدي أمام ترامب على الداخل الأميركي، بل يمتد ليشمل حلفاءه الأوروبيين، خصوصًا في لندن وبرلين وباريس، حيث تسود –كما يسميها بوش– "فوبيا روسية" داخل دوائر القرار. تلك العواصم، بحسب بوش، "تضغط لمنع ترامب من التفاهم مع بوتين"، خشية أن يظهر الزعيمان كـ"بطلي سلام"، وهو ما قد ينعكس على توازنات القوى داخل حلف الناتو.

يؤكد رابيل هذه القراءة، مشيرًا إلى أن "أوروبا تحاول زيادة ميزانيات الدفاع والتلويح بالاستقلال الأمني، بالتوازي مع محاولات تعطيل مساعي ترامب لوقف الحرب"، وهو ما يجعل من الملف الأوكراني ساحة تجاذب بين البيت الأبيض وحلفائه الغربيين أكثر مما هو صراع مع روسيا.

ورغم نوايا ترامب المُعلنة، إلا أن موسكو لا تبدو مطمئنة. نزار بوش يقول إن الروس يشتكون من "ازدواجية رسائل الرئيس الأميركي"، إذ يمتدح بوتين في الصباح ويهاجمه مساءً، ويرسل إشارات إلى كييف بأنه سيوقف الدعم، ثم يعود ويؤكد الاستمرار في تسليحها.

رابيل يرد على ذلك بالقول إن "هذه ليست تناقضات شخصية، بل انعكاس لطبيعة النظام السياسي الأميركي"، حيث يواجه أي رئيس قيدًا مزدوجًا من الكونغرس والإعلام والبيروقراطية. ويرى أن ترامب "بحاجة إلى مرونة روسية واضحة"، لا سيما إذا أراد وقفًا فوريًا لإطلاق النار كخطوة أولى نحو التسوية.

ترامب والملف الأوكراني

ويشدد رابيل على أن القضية الأوكرانية بالنسبة للرئيس ترامب "ليست مجرد ملف جيوسياسي"، بل جزء من إرثه الشخصي ("الليغاسي")، الذي وعد بحله منذ حملته الرئاسية. وذكّر بتصريح سابق له قال فيه إنه يريد أن "ينهي حرب أوكرانيا كما أنهى الصراعات الأخرى"، ويضيف: "هذه فرصة ترامب الذهبية، إذا ما وُجدت الإرادة على الجانب الروسي".

لكن بوش يحذّر من الإفراط في الرهان على ترامب، مؤكدًا أن روسيا رغم استعدادها للتعاون "تعوّل أولًا وأخيرًا على نفسها"، وترفض ربط أمنها القومي بأي تفاهمات مؤقتة، لا سيما في ظل تجربة العقوبات ومحاولات العزل السياسي السابقة.

ومع تصاعد الدبلوماسية الأميركية–الروسية وتضارب الحسابات الإقليمية والدولية، تبدو الأزمة الأوكرانية على مفترق طرق حاسم. ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض بوعد إنهاء الحروب، يقف أمام معادلة شائكة: هل ينقذ إرثه الرئاسي من خلال تسوية تحفظ لروسيا مكاسبها، أم ينصاع لضغوط الداخل والخارج التي ترفض أي تقارب مع الكرملين؟

الجواب لا يبدو قريبًا، لكن المؤكد أن الصراع في أوكرانيا لم يعد مجرد مواجهة عسكرية، بل اختبار شامل لإرادة القادة، وحدود التحالفات، ومصداقية الدبلوماسية. وبين كل ذلك، تبقى أعين العالم على ترامب.. الرجل الذي قد يكتب نهاية الحرب، أو فصلًا جديدًا منها.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق عاجل.. المحكمة الدستورية تفصل فى دعوى عدم دستورية قانون الإيجار القديم اليوم
التالى الاتحاد يطلب ضم موهبة الأهلي ضمن صفقة مروان عطية