يحسم البنك المركزي المصري اليوم الخميس 10 يوليو 2025، قراره بشأن أسعار الفائدة في اجتماع قد يُعيد رسم ملامح المشهد النقدي خلال النصف الثاني من العام، وسط ترقب واسع وانقسام حاد في التوقعات بين من يرى ضرورة تثبيت الفائدة، ومن يدعو لخفضها لكسر الجمود وتحفيز النمو.
توقعات اجتماع البنك المركزي
ينعقد الاجتماع الرابع للجنة السياسة النقدية في وقت تقف فيه السوق بين ضغوط الداخل وتقلبات الخارج، التضخم لا يزال مرتفعًا، والأسواق المالية تترقب مؤشرات التغيير، وفي المقابل، يتصاعد الجدل حول ما إذا كان الاستمرار في التشديد النقدي لا يزال مجديًا، أم أن الأوان قد آن لبدء دورة تيسير تدريجي، خاصة بعد موجة من الخفض بدأت في أبريل الماضي.
هذا الاجتماع لا يُعد مجرد استحقاق دوري، بل هو مفترق اقتصادي حقيقي، فبين تثبيت قد يطيل أمد الانكماش، وخفض قد ينعش الاستثمار لكنه يهدد بإعادة إشعال التضخم، تترقب الأوساط الاقتصادية بحذر ما ستفصح عنه اللجنة بعد جلسة الخميس المنتظرة.
أصوات تنادي بالخفض وتثبيت متوقع
برغم الأصوات التي ترى أن الوقت قد يكون مناسبًا لتخفيض تدريجي للفائدة، ترجح أغلب التقديرات أن اللجنة ستلجأ إلى تثبيت أسعار الفائدة في اجتماعها الليلة.
هذا التوجه يبدو أنه يلقى قبولا داخل أروقة التحليل المالي، حيث رجحت إدارة البحوث المالية بشركة "اتش سي" للأوراق المالية والاستثمار أن يبقي "المركزي" على الفائدة دون تغيير، معتبرة أن تثبيت المعدلات الحالية سيكون بمثابة استمرار لسياسة التحوط تجاه المخاطر.

تحذير من خفض أسعار الفائدة في اجتماع الغد
ولا تزال بعض الآراء ترى أن خفض الفائدة بات ضرورة، أبرزها ما جاء على لسان جيمس سوانستون، كبير الاقتصاديين في مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، والذي أكد أن "الوقت قد حان لخفض الفائدة بواقع 100 نقطة أساس".
لكن عاد “سوانستون” وربط ذلك بضرورة مراعاة الاضطرابات التي تضرب الأسواق العالمية مؤخرًا، إلى جانب القفزة في معدل التضخم المحلي خلال مايو الماضي، وهو ما جعله يتوقع أن يلتزم "المركزي" بنهج محافظ في الوقت الحالي، مؤجلًا أي خطوات تيسيرية إلى حين استقرار الصورة.
استطلاع "رويترز": انقسام بين التثبيت وخفض أسعار الفائدة
هذا التباين في الرؤى لم يقتصر على الخبراء فحسب، بل انعكس بوضوح في نتائج استطلاع للرأي أجرته وكالة "رويترز"، شمل 19 محللًا اقتصاديًا.
فبينما أشار متوسط توقعاتهم إلى أن أسعار الفائدة ستظل عند 24% للإيداع و25% للإقراض، أبدى نحو ثلث المشاركين في الاستطلاع اعتقادهم بأن "المركزي" قد يتجه نحو خفض محدود بواقع 100 نقطة أساس، بما يشير إلى انقسام حقيقي داخل المجتمع المالي بشأن المسار الأمثل للسياسة النقدية في ظل الظرف الحالي.
في الخلفية، يواصل "المركزي المصري" اتباع سياسة نقدية صارمة منذ توقيع اتفاقه الأخير مع صندوق النقد الدولي، بهدف كبح التضخم وإعادة هيكلة المنظومة النقدية.
ووفقا لما نقلته وكالة "رويترز" عن مصادر مصرفية، فقد تراجع معدل نمو المعروض النقدي (M2) إلى 25.8% بنهاية أبريل، بعد أن سجل ذروة قياسية عند 33.9% في فبراير، وهو ما يعكس استمرارية الضغط النقدي الهادف لتضييق السيولة داخل السوق.

ماذا ينوي المركزي في اجتماع الغد؟
قرار اجتماع البنك المركزي اليوم لن يكون مجرد تعديل في نقاط الفائدة، بل يحمل في طياته رسائل للأسواق والمستثمرين والمستهلكين على حد سواء.
ففي حال تم التثبيت، سيفسر القرار كرسالة تؤكد استمرار أولوية السيطرة على التضخم حتى على حساب كبح الاستثمار.
أما إذا اتجه البنك إلى خفض الفائدة، فسينظر إليه كمؤشر على بدء التخفيف بعد السيطرة النسبية على الضغوط التضخمية، مما قد ينعكس سريعًا على سوق أدوات الدين وأسعار الصرف وربما على أداء البورصة أيضًا.
قرارات خفض أسعار الفائدة

يذكر أن لجنة السياسات النقدية كانت قد أجرت خفضين متتاليين للفائدة خلال الأشهر الماضية، أولهما في أبريل بواقع 225 نقطة أساس، تبعه خفض إضافي في مايو بمقدار 100 نقطة، ليصل إجمالي التخفيض إلى 325 نقطة أساس خلال أقل من شهرين.
لكن هذا المسار لا يلغي حقيقة أن "المركزي" لا يزال عند قمة دورة تشديد بدأت في عام 2022، رفعت خلالها أسعار الفائدة الإجمالية بمقدار 1900 نقطة أساس، في واحدة من أكثر موجات التشديد قسوة منذ سنوات.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.